Home > Work > السلطة في الإسلام - نقد النظرية السياسية

السلطة في الإسلام - نقد النظرية السياسية QUOTES

45 " بقيت المرونة النسبية خاصية كامنة في العقل الفقهي الشيعي. وهو اكتسبها من تجربته الطويلة في التعامل مع واقع لا يعترف له بالشرعية، وفي حين كرست التقية لديه حس التداخل العملي مع هذا الواقع المخالف، سهلت له مادة (النصوص) الوفيرة والمتضاربة التي يكتظ بها تراث الإمامية، إسناد الكثير من التأويلات والرؤى، التي ستبدو مخالفة لقانون الإعتقاد الإمامي، أو على الأقل غير متطابقة معه. ولا بد هنا من إضافة القول بأن الأمر يتعلق أساسا بالبنية التيولوجية الصميمة للنظرية، التي جعلت المرونة بديلا وحيدا عن الاصطدام المدمر بحقائق الواقع. كان من المحتم على هذه البنية أن تصل إلى طريق مسدود، بعد أن حصرت الئاسة إلى نهاية التاريخ في نسل رجل واحد، ثم فرضت عليه الغيبة، واعتبرت رئاسة غيره لا مشروعة، فصار العالم إلى حالة دائمة من عدم المشروعية، رغم أن النظرية أسست ذاتها منذ البداية على عدم جواز هذه الحالة، فأوجبت على الله أن ينصب للناس حاكما وإلا اختلت الأرض لخلوها من الهادي والحجة، ولم توجب على الله نصره والتمكين له. إن في طبيعة العقل نزوعا لحل التناقض، ولكن في طبيعة الأيدلوجيا قدرة على التعايش معه. "

عبد الجواد ياسين , السلطة في الإسلام - نقد النظرية السياسية

55 " من زاوية التأريخ للدولة يمكن الحديث إجمالا عن ثلاث دول متعاقبة، بثلاثة أشكال للسلطة تحت مسمى الخلافة؛ الأولى: هي دولة الراشدين التي نتجت عن السقيفة، والثانية: هي الدولة الملكية التي انبثقت من الفتنة الكبرى، والثالثة: هي دولة التفويض السلطانية التي أنشأها البويهيون في القرن الرابع.
ولكن تاريخ النظرية السنية لم يبدأ إلا بعد انتهاء الدولة الأولى، وأخذ في التشكل خلال الدولة الثانية، وانتهى عمليا قرب زوال الولة الأخيرة، أعني أن تاريخ التنظير لم يتطابق مع تاريخ الدولة منذ البداية ثم عاد ليتطابق معه لفترة طويلة من الزمن مما يفسر التداخل بين تاريخ الدولة وتاريخ النظرية، ويظهر النظرية أحيانا وهي تستعيد - كرد فعل لاستفزاز الواقع - حوادث الماضي للبناء عليها بأثر رجعي، ويظهرها في أحيان أخرى وهي تكرس المفاهيم - الصادرة أيضا عن اعتبارات الواقع - ثم تصدرها إلى المستقبل بعد خدمتها إسناديا (بالتنصيص غالبا) وإخراجها فقهيا فعلى مدى حقبة التنظير الأولى ظلت القنوات مفتوحة بين (الفقه) و(التحديث) و(المحازبة). "

عبد الجواد ياسين , السلطة في الإسلام - نقد النظرية السياسية