Home > Author > عبد الجواد ياسين >

" بقيت المرونة النسبية خاصية كامنة في العقل الفقهي الشيعي. وهو اكتسبها من تجربته الطويلة في التعامل مع واقع لا يعترف له بالشرعية، وفي حين كرست التقية لديه حس التداخل العملي مع هذا الواقع المخالف، سهلت له مادة (النصوص) الوفيرة والمتضاربة التي يكتظ بها تراث الإمامية، إسناد الكثير من التأويلات والرؤى، التي ستبدو مخالفة لقانون الإعتقاد الإمامي، أو على الأقل غير متطابقة معه. ولا بد هنا من إضافة القول بأن الأمر يتعلق أساسا بالبنية التيولوجية الصميمة للنظرية، التي جعلت المرونة بديلا وحيدا عن الاصطدام المدمر بحقائق الواقع. كان من المحتم على هذه البنية أن تصل إلى طريق مسدود، بعد أن حصرت الئاسة إلى نهاية التاريخ في نسل رجل واحد، ثم فرضت عليه الغيبة، واعتبرت رئاسة غيره لا مشروعة، فصار العالم إلى حالة دائمة من عدم المشروعية، رغم أن النظرية أسست ذاتها منذ البداية على عدم جواز هذه الحالة، فأوجبت على الله أن ينصب للناس حاكما وإلا اختلت الأرض لخلوها من الهادي والحجة، ولم توجب على الله نصره والتمكين له. إن في طبيعة العقل نزوعا لحل التناقض، ولكن في طبيعة الأيدلوجيا قدرة على التعايش معه. "

عبد الجواد ياسين , السلطة في الإسلام - نقد النظرية السياسية


Image for Quotes

عبد الجواد ياسين quote : بقيت المرونة النسبية خاصية كامنة في العقل الفقهي الشيعي. وهو اكتسبها من تجربته الطويلة في التعامل مع واقع لا يعترف له بالشرعية، وفي حين كرست التقية لديه حس التداخل العملي مع هذا الواقع المخالف، سهلت له مادة (النصوص) الوفيرة والمتضاربة التي يكتظ بها تراث الإمامية، إسناد الكثير من التأويلات والرؤى، التي ستبدو مخالفة لقانون الإعتقاد الإمامي، أو على الأقل غير متطابقة معه. ولا بد هنا من إضافة القول بأن الأمر يتعلق أساسا بالبنية التيولوجية الصميمة للنظرية، التي جعلت المرونة بديلا وحيدا عن الاصطدام المدمر بحقائق الواقع. كان من المحتم على هذه البنية أن تصل إلى طريق مسدود، بعد أن حصرت الئاسة إلى نهاية التاريخ في نسل رجل واحد، ثم فرضت عليه الغيبة، واعتبرت رئاسة غيره لا مشروعة، فصار العالم إلى حالة دائمة من عدم المشروعية، رغم أن النظرية أسست ذاتها منذ البداية على عدم جواز هذه الحالة، فأوجبت على الله أن ينصب للناس حاكما وإلا اختلت الأرض لخلوها من الهادي والحجة، ولم توجب على الله نصره والتمكين له. إن في طبيعة العقل نزوعا لحل التناقض، ولكن في طبيعة الأيدلوجيا قدرة على التعايش معه.