Home > Work > النظرات

النظرات QUOTES

129 " امرئ القيس في الطلب بثأر أبيه، وبكاء جليلة أخت جساس على زوجها وأخيها، وبكاء عدي بن زيد على نفسه في سجن النعمان، وبكاء متمم بن نويرة على أخيه مالك حتى دمعت عينه العوراء، وبكاء ليلى بنت طريف على أخيها الوليد، وهيام أم حكيم زوج عبيد الله بن العباس في المواقف والمواسم تنشد طفليها الذبيحين، وبكاء الشريف على المناذِرَة في خرائب الحيرة، وبكاءُ أبي عبادة على الأكاسرة في خرائب المدائن، وبكاء الرضِيِّ على بني هاشم، وبكاءُ العَبلي على بني أمية، وبكاءُ الرقاشي على بني برمك، وذل أبي فراسٍ في أسره، والمُعْتَمِد بن عبَّاد في سجنه، وبكاءُ الوزير ابن زيدون على نفسه مرَّةً وعلى وَلَّادة أخرى، وبكاء ابن مناذر على عبد المجيد، والبحتري على المتوكل، وابن اللبانة على ابن عباد، والتيمي على يزيد بن مزيد، ومروان بن حفصة على معن بن زائدة، وجنون المجنون بليلاه، وجلوسه في جنبات الحي منفردًا عاريًا، مذهوب اللب، مشترَك العقل، "

مصطفى لطفي المنفلوطي , النظرات

132 " لا سعادة في هذه الحياة إلا إذا نشر السلام أجنحته البيضاء على هذا المجتمع البشري، ولن ينتشر السلام إلا إذا هدأت أطماع النفوس، واستقرت فيها ملكة العدل والإنصاف، فعرف كل ذي حقٍّ حقه، وقنع كلٌّ بما في يده عما في يد غيره، فلا يحسد فقيرٌ غنيًّا، ولا جاهلٌ عالمًا. وأشعرت القلوب رحمةً وحنانًا على البؤساء والمنكوبين، فلا يهلك جائعٌ بين الطاعمين، ولا عارٍ بين الكاسين. وامتلأت النفوس عزةً وشرفًا، فلا يبقى شيءٌ من تلك الحبائل المنصوبة لاغتيال أموال الناس باسم الدين أو باسم الوطنية أو باسم الإنسانية أو باسم العلم، ولا نرى طبيبًا يدِّعي علم ما لم يعلم ليسلب المريضَ رُوحَه وماله، ولا محاميًا يخدع موكله عن قضيته ليسلب منه فوق ما يسلب منه خصمه، ولا تاجرًا يشتري بعشرة ويبيع بمائةٍ ثم ينكر بعد ذلك أنه لصٌّ سارق، ولا كاتبًا يضرب الناس بعضهم ببعضٍ حتى تسيل دماؤهم فيمتصها كما يضرب القادح الزَّند بالزند ليظفر بالشرر المتطاير منهما. وما دامت هذه المطالب أحلامًا كاذبةً وأمانيَّ باطلة فلا مطمع في سلامٍ ولا أمانٍ، ولا أمل في سعادةٍ ولا في هناء، ولا فرق بين أمس الدهر ويومه ولا بين يومه وغده، ولا فرق بين مغفلات أيامه ومعلمات أعياده، فليهنأ بالعيد من عرف من أيامه غير ما عرفت، وذاق من نعمائه غير ما ذقت، وليفرح بالعام الجديد من حمد ماضي أيامه، وسالف أعوامه. "

مصطفى لطفي المنفلوطي , النظرات