Home > Author > مصطفى لطفي المنفلوطي >

" لا سعادة في هذه الحياة إلا إذا نشر السلام أجنحته البيضاء على هذا المجتمع البشري، ولن ينتشر السلام إلا إذا هدأت أطماع النفوس، واستقرت فيها ملكة العدل والإنصاف، فعرف كل ذي حقٍّ حقه، وقنع كلٌّ بما في يده عما في يد غيره، فلا يحسد فقيرٌ غنيًّا، ولا جاهلٌ عالمًا. وأشعرت القلوب رحمةً وحنانًا على البؤساء والمنكوبين، فلا يهلك جائعٌ بين الطاعمين، ولا عارٍ بين الكاسين. وامتلأت النفوس عزةً وشرفًا، فلا يبقى شيءٌ من تلك الحبائل المنصوبة لاغتيال أموال الناس باسم الدين أو باسم الوطنية أو باسم الإنسانية أو باسم العلم، ولا نرى طبيبًا يدِّعي علم ما لم يعلم ليسلب المريضَ رُوحَه وماله، ولا محاميًا يخدع موكله عن قضيته ليسلب منه فوق ما يسلب منه خصمه، ولا تاجرًا يشتري بعشرة ويبيع بمائةٍ ثم ينكر بعد ذلك أنه لصٌّ سارق، ولا كاتبًا يضرب الناس بعضهم ببعضٍ حتى تسيل دماؤهم فيمتصها كما يضرب القادح الزَّند بالزند ليظفر بالشرر المتطاير منهما. وما دامت هذه المطالب أحلامًا كاذبةً وأمانيَّ باطلة فلا مطمع في سلامٍ ولا أمانٍ، ولا أمل في سعادةٍ ولا في هناء، ولا فرق بين أمس الدهر ويومه ولا بين يومه وغده، ولا فرق بين مغفلات أيامه ومعلمات أعياده، فليهنأ بالعيد من عرف من أيامه غير ما عرفت، وذاق من نعمائه غير ما ذقت، وليفرح بالعام الجديد من حمد ماضي أيامه، وسالف أعوامه. "

مصطفى لطفي المنفلوطي , النظرات


Image for Quotes

مصطفى لطفي المنفلوطي quote : لا سعادة في هذه الحياة إلا إذا نشر السلام أجنحته البيضاء على هذا المجتمع البشري، ولن ينتشر السلام إلا إذا هدأت أطماع النفوس، واستقرت فيها ملكة العدل والإنصاف، فعرف كل ذي حقٍّ حقه، وقنع كلٌّ بما في يده عما في يد غيره، فلا يحسد فقيرٌ غنيًّا، ولا جاهلٌ عالمًا. وأشعرت القلوب رحمةً وحنانًا على البؤساء والمنكوبين، فلا يهلك جائعٌ بين الطاعمين، ولا عارٍ بين الكاسين. وامتلأت النفوس عزةً وشرفًا، فلا يبقى شيءٌ من تلك الحبائل المنصوبة لاغتيال أموال الناس باسم الدين أو باسم الوطنية أو باسم الإنسانية أو باسم العلم، ولا نرى طبيبًا يدِّعي علم ما لم يعلم ليسلب المريضَ رُوحَه وماله، ولا محاميًا يخدع موكله عن قضيته ليسلب منه فوق ما يسلب منه خصمه، ولا تاجرًا يشتري بعشرة ويبيع بمائةٍ ثم ينكر بعد ذلك أنه لصٌّ سارق، ولا كاتبًا يضرب الناس بعضهم ببعضٍ حتى تسيل دماؤهم فيمتصها كما يضرب القادح الزَّند بالزند ليظفر بالشرر المتطاير منهما. وما دامت هذه المطالب أحلامًا كاذبةً وأمانيَّ باطلة فلا مطمع في سلامٍ ولا أمانٍ، ولا أمل في سعادةٍ ولا في هناء، ولا فرق بين أمس الدهر ويومه ولا بين يومه وغده، ولا فرق بين مغفلات أيامه ومعلمات أعياده، فليهنأ بالعيد من عرف من أيامه غير ما عرفت، وذاق من نعمائه غير ما ذقت، وليفرح بالعام الجديد من حمد ماضي أيامه، وسالف أعوامه.