Home > Author > مصطفى لطفي المنفلوطي >

" وبكاء الأعرابية التي مات منها ولدُها في دار غربةٍ فدفنته، ثم وقفت على قبره تودعه وتقول: «والله يا بني لقد غذوتك رضيعًا، وفقدتك سريعًا، وكأن لم يكن بين الحالين مدة ألتذ بعيشك فيها، فأصبحتَ بعد الغضارة والنضارة، ورونق الحياة والتنسم بطيب روائحها تحت أطباق الثرى، جسدًا هامدًا، ورفاتًا سحيقًا، وصعيدًا جرزًا، اللهم إنك قد وهبته لي قرة عين فلم تمتعني به كثيرًا، بل سلبتنيه وشيكًا، ثم أمرتني بالصبر، ووعدتني عليه الأجر، فصدَّقت وعدك، ورضيت قضاءك، فارحم اللهم غربته، وآنس وحشته، واستر عورته يوم تنكشف الهنات والسوآت. وا ثُكْلَ الوالدات! ما أمضَّ حرارةَ قلوبهن، وأقلقَ مضاجعهن، وأطولَ ليلهن، وأقلَّ أنسهن، وأشد وحشتهن، وأبعدهن من السرور، وأقربهن من الأحزان!» "

مصطفى لطفي المنفلوطي , النظرات


Image for Quotes

مصطفى لطفي المنفلوطي quote : وبكاء الأعرابية التي مات منها ولدُها في دار غربةٍ فدفنته، ثم وقفت على قبره تودعه وتقول: «والله يا بني لقد غذوتك رضيعًا، وفقدتك سريعًا، وكأن لم يكن بين الحالين مدة ألتذ بعيشك فيها، فأصبحتَ بعد الغضارة والنضارة، ورونق الحياة والتنسم بطيب روائحها تحت أطباق الثرى، جسدًا هامدًا، ورفاتًا سحيقًا، وصعيدًا جرزًا، اللهم إنك قد وهبته لي قرة عين فلم تمتعني به كثيرًا، بل سلبتنيه وشيكًا، ثم أمرتني بالصبر، ووعدتني عليه الأجر، فصدَّقت وعدك، ورضيت قضاءك، فارحم اللهم غربته، وآنس وحشته، واستر عورته يوم تنكشف الهنات والسوآت. وا ثُكْلَ الوالدات! ما أمضَّ حرارةَ قلوبهن، وأقلقَ مضاجعهن، وأطولَ ليلهن، وأقلَّ أنسهن، وأشد وحشتهن، وأبعدهن من السرور، وأقربهن من الأحزان!»