Home > Work > النظرات
161 " يا بَنِيَّ إنْ قدَّر الله لكم أنْ تتلاقَوا في روضةٍ من رياض الجنة، أو على شاطئ غدير من غُدرانها، أو تحت ظلال قصرٍ من قصورها، فاذكروني مثل ما أذكركم، "
― مصطفى لطفي المنفلوطي , النظرات
162 " :«نريد سماع الوصية.» "
163 " كما يُحْكَى أنَّ شحاذًا مقطوع الساق قد وضع مكانها أخرى من الخشب، تَقَابَل مع آخر كفيف البصر، فتنافسا في مصيبتيهما أيتهما أقذى للأعين وأوقع في النفس وأجلب للرحمة، فقال الأول للثاني: «لقد وهبك الله نعمة العَمَى، ومنحك بِسَلْبِ ناظريك أفضلَ حبالةٍ لاصطياد القلوب، واستفراغ الجيوب.» فقال له صاحبه: «وأين يبلغ العمى من هذه الرجل الضخمة الثقيلة التي تجلب في كل عامٍ وزنها ذهبًا؟!» "
164 " سألت رجلًا من وجوه الريف المعروفين بالبر والإحسان عن كمية ما ينفقه كل عامٍ في هذا السبيل فأطلعني على جريدة حسابه، فرأيتها هكذا: "
165 " إنفاق ما يجتمع من المال على تربية اليتامى الذين لا كَاسِبَ لهم، والقيام بِأَوَدِ العاجزين والعاجزات عن الكسب، وتفقد شئون الذين نَكَبَهُمُ الدهر وتنكَّر لهم بعد العز والنعمة، وصيانة ماء وجوههم أن تراق على تراب الأعتاب، والإنفاق على تعليم من يُتَوسَّمُ فيهم الذكاء والفطنة ويرجى أن تنتفع بهم الأمة في مستقبلها من أبناء الفقراء، إلى أمثال هذه الأعمال الخيرية الشريفة التي لا يتحقق الإحسان بدونها، ولا ينصرف معناه إلا إليها. "
166 " ولن تستقر مَلَكَة البيان في النفس حتى يقف المتأدب بطائفةٍ من شريف القول — منظومه ومنثوره — وقوف المتثبت المستبصر، الذي يرى المعنى بعيدًا فيمشي إليه، أو نازحًا فيستدنيه، محلِّقًا فيصعد إليه أو متغلغلًا فيمشي في أحشائه حتى يصيب لُبَّه، ولا يزال يعالج ذلك علاجًا شديدًا ينضح له جبينه، وتنبهر له أنفاسه حتى تتكيف ملكته بالكيفية التي يريدها. "
167 " عوى الذئب فاستأنست بالذئب إذ عوى وصوَّت إنسانٌ فكدت أطير "
168 " لعلها ظنت أن الصخر ألين قلبًا من الإنسان فذهبت إليه تبثه شكواها، "
169 " ورأيت من كنت أحسبه أوفر الناس عقلًا وأذكاهم قلبًا ومن كنت أراه فأغضي بين يديه إجلالًا وإكبارًا واقعًا في حبالة بغيٍّ تقيمه وتقعده، "
170 " أيها الغد! إنَّ لنا آمالًا كبارًا وصغارًا، وأمانيَّ حسانًا وغير حسانٍ، فحدثنا عن آمالنا، أين مكانها منك؟ وخبرنا عن أمانينا ماذا صنعت بها؟ أَأَذْلَلْتَها واحتقرتها، أم كنت لها من المكرمين؟ لا، لا! صن سرك في صدرك، وأبقِ لثامك على وجهك، ولا تحدثنا حديثًا واحدًا عن آمالنا وأمانينا حتى لا تفجعنا فيها فتفجعنا في أرواحنا ونفوسنا، فإنما نحن أحياءٌ بالآمال وإنْ كانت باطلةً، وسعداء بالأماني وإنْ كانت كاذبةً: وليست حياة المرء إلا أمانيا إذا هي ضاعت فالحياة على الأثَرْ "
171 " أيها المسلمون، ما جاء الإسلام إلا ليقضيَ على مثل هذه الهمجية والوحشية التي تزعمون أنها الإسلام. "
172 " اللهم إنك تعلم أنا نسير من حياتنا هذه في صحراء محرقةٍ لا نجد فيها ظلًّا نستظل به، ولا أكمة نأوي إليها، وأنَّ الصديق الذي نعثر به في طريق حياتنا هو بمنزلة الدوحة الخضراء التي ننتهي إليها في تلك الصحراء بعد الأين والكلال، وطول السير والسرى، فنترامى في ظلالها الوارفة هانئين مغتبطين، فإذا هبت ريحٌ عاصفة على تلك الدوحة فاقتلعتها من جذورها وطارت بها في جو السماء، وأصبحنا من بعدها ضاحين بارزين فإنا لا نجد بدًّا من البكاء والجزع؛ لأن من الشقاء ما لا يستطاع احتماله ولا يطاق تجرع "
173 " اللهم إنا نعلم أنَّ الموت غاية كل حيٍّ، وأنَّ مقاديرك التي تجريها بين عبادك ليست سهامًا طائشةً، ولا نياقًا عشواء، وأنَّ ورود الحياة لا يمكن أن تنبت إلا في التربة التي نبتت فيها أشواك الموت، ولكننا لا نستطيع أن نملك عيوننا من البكاء، ولا قلوبنا من الجزع إذا فارقنا عزيزٌ علينا؛ لأن ساحة الصبر التي منحتنا أضيق من أن تسع نازلة البلاء الذي ابتليتنا، فاغفر اللهم لنا جزعنا وبكاءنا على الهلكى والذاهبين. "
174 " فإني لا أرى لك إلَّا أن تترهب وتتعزَّب، وأن تقول ما قاله «هملت» وقد زهد في الزواج بعدما عرف حقيقة المرأة وأدرك خبيئة نفسها: «إلى الدير! إلى الدير».» "