Home > Work > الطنطورية
161 " لا أذكر متى تعلمت السباحة لأنني لا أذكر متى تعلمت المشي أو الكلام "
― رضوى عاشور , الطنطورية
162 " تقول: ولدة. والله ولدة صغار. الولد منهم طوله شبر وما يعرف وين الله حاطهعلى رأسه طنجرة وفي إيده سلاح طوله مرة ونص. بقولوا له روح اقتل. وهو خايف. خايف يقتل وخايف ينقتلمدرع ومسلح ويقف في ستر باب سيارته المصفحة. فأر العادييطل برأسه ربع طلة ويصوب سلاحه وفي ثانية يرجع يتخبي ورا بابهاوولادنا ما شاء الله هاجمين عليهم مثل السباع "
163 " ثم كيف اربط الأشياء الصغيرة بأهوال عشناها جميعا "
164 " اتساءل كيف تكون أغتية وهى مسجونة فى الورق , عارية من لحنها الا لمن يعرفها وسمعها أو غناها من قبــل "
165 " الذاكرة لا تقتل. تؤلم ألما لا يطاق، ربما..ولكننا إذ نطيقه تتحول من دوامات تسحبنا إلى قاع الغرق .. إلى بحر نسبح فيه .. نقطع المسافات .. نحكمه ونملي إرادتنا عليه . "
166 " موقع الدرس : الجنازة ،موضوع الدرس :الحياة .تُسلم بالجنازة.تُسلم للحياة "
167 " وكان عشقا فى زمن الحرب حيث القتل على الهوية "
168 " ولكن ماذا لو متّ؟ ستقتلني الكتابة. لن تقتلك. أنتِ أقوى مما تتصورين. الذاكرة لا تقتُل. تؤلم ألماً لا يطاق. ربما. ولكننا إذ نطيقه تتحول من دوامات تسحبنا إلى قاع الغرق إلى بحر نسبح فيه. نقطع المسافات. نحكمه ونملي إرادتنا عليه. "
169 " ولما افرجوا عنهم أركبوهم شاحنة مع عشرات من المعتقلين من قرى أخرى. ربطوا عيونهم ثم أنزلوهم عند نقطة الحدود مع لبنان. قالوا اركضوا إلى هناك. من يتطلع وراءه يُقتل. صاروا يركضون واليهود تطلق النار عليهم "
170 " الذاكرة لا تقتُل . تؤلم ألمَاً لا يطاق . ربما ، و لكنها لا تقتُل "
171 " أدهشني أن حسن وهو يمشي بجوارها بدا وهو الأليف، أكثر أُلفة وثقة بالنفس. كأنه تمكّن أخيرًا من أن يعلن عذوبته بلا حرج. أو كأنه وجد سندًا أسلمه الزمام فاستراح... وأن فاطمة الصغيرة العذبة امرأة مدهشة في قوتها. قادرة بلا جلبة أن تحب حسن وأن تثّبت قدميه في الأرض وتحميه. كأنها ذئبة. أو كلب حراسة. أو ملاك. "
172 " ثم ما موقع الخوف من وقفة الانتظار ؟الخوف المضمر كمياه جوفية مقيمة في الصحو والمنام , والخوف الصريح لحظة ترتج المدينة فجأة . دقائق ثم تنتبه أن البناية التي تحوّلت إلى ركام يتصاعد منه اللهب والدخان , بصدفة غير مفهومة , هي بناية الجيران لا البناية التي تسكن أنت فيها .حكاية غير قابلة للتلخيص . "
173 " هذا وشم ندقه عندما نريد. يجمل الوجه، هل تريدين وشما مثله؟نعم أريدوماذا تعطيني في المقابل؟طرت إلى البيت وأتيت بآنية نحاسية وأعطيتها لها. دقت لي الوشم. عدت إلى البيت ورأت أمي الوشم على وجهي.ظلت تصرخ في وتتوعدني بالضرب. ولما علمت بأمر آنية النحاس تحول الوعيد إلى حيز التنفيذ فضربتني بالعصا حتى خلصني منها شقيقاي "
174 " فى الحرب لا يتصرف الناس كما خلقهم ربنا .يجن الخلق ويفلت الميزان . ساعتها لايكون الشعر وحده أو الثوب مشعثا بل يتشعث القلب . "
175 " كيف احتملت؟ كيف احتملنا وعشنا وانزلقت شربة الماء من الحلق دون أن نشرق بها ونختنق؟ وما جدوى استحضار ما تحمَّلناه وإعادته بالكلام؟ عند موت من نحب نكفِّنه. نلفُّه برحمةٍ ونحفر في الأرض عميقًا. نبكي. نعرف أننا ندفنه لنمضي إلى مواصلة الحياة. أي عاقل ينبش قبور أحبابه؟ ما المنطق في أن أركض وراء الذاكرة وهي شاردة تسعى إلى الهروب من نفسها، شعثاء مُعَفّرة مُروَّعة مسكونة بهول ما رأت؟ لماذا أركض وراءها، هل أريد قتلها لأعيش، أم أسعى لإحيائها وإن مت بعدها لأنه... لأن ماذا؟ أصيح فجأة: ملعون أبو الذاكرة. يلعن أمها وسماءها ويوم كانت ويوم تكون. "
176 " وكان أول ما نطقت به من الكلام منذ غادرنا بلدنا هو ما قلته لعمي. همسًا: أبي وأخواي الاثنان قتلوا. رأيتهم بعيني على الكوم. كانوا بين مائة أو ربما مائتي قتيل، ولكنهم كانوا على طرف الكوم، رأيتهم. ستقول لك أمي إن الصادق وحسن ذهبا إلى مصر، وإن أبي في الأسر. أنا رأيتهم غارقين في دمهم على الكوم. "
177 " يصيبني اضطراب مفاجئ لأنني وأنا أعرف كل شيء عن أمين لا أعرف أمين "
178 " هل كنت أغار منها , أم انها الأرواح تتآلف أو تتنافر هكذا لأسباب لا أحد منا يعلمها ؟ "
179 " أتساءل: ما الذي تفعله امرأة تشعر أنها بالصدفة، بالصدفة المحضة بقيت على قيد الحياة؟ كيف تسلك في الدنيا إن كان وجودها، كل السنين والشهور والأيام واللحظات الحلوة والمرة التي عاشتها، فضلةَ حركة عشوائية لقدرٍ غريب؟ كيف تسلك في الدنيا؟ تعي ضمنًا أو صراحةً أنها عارية، عارية من المنطق، لاستحالة إيجاد أية علاقة بين السبب والنتيجة أو للدقة استحالة فهم الأسباب حين تتساقط على رأسها نتائج لا تفهم نتائج ماذا، ولم تفعل أي شيء ولم تعِ بعد أي شيء، لا لأنها صغيرة فحسب بل لأن وقوع السقف على رأسها كان نقطة البداية، فلماذا سقط السقف في الأول لا الآخر؟ ماذا تفعل؟ كيف تتعامل مع الدنيا؟ أقول: اختياران لا ثالث لهما، إما أن يجتاحها حس عارم بالعبث، لا فرق، تعيش اللحظة كما تكون وليكن ما يكون ما دام المعنى غائبًا والمنطق لاوجود له والضرورة وهم من بِدع الخيال؛ أو تغدو، وهذا هو الاختيار الآخر، وقد وفّرها الزلزال، كأنها الإنسان الأخير على هذه الأرض، كأن من ذهبوا أورثوها حكايتهم لتعمّر الأرض باسمهم وباسم حكايتهم، أو كأنها تسعى في الدنيا وهم نصب عينيها ليرضوا عنها وعن البستان الصغير الذين حلموا ربما أن يزرعوه. "