Home > Work > Report to Greco
41 " أكثر من الخمرة والحب، أكثر خداعا من الأفكار، هي قدرة الفن على إغراء الإنسان وجعله ينسى. يحل الفن محل الواجب، بكفاحه لتحويل الزائل الى أزلي ولتحويل معاناة الإنسان إلى جمال. ماذا يهم إذا كانت طروادة قد انتهت إلى رماد، وإذا كان بريام وأبناؤه قد قتلوا؟ بأية طريقة كان العالم سيستفيد، وكم كانت روح الإنسان ستزداد فقرا، لو أن طروادة استمرت في الحياة السعيدة؛ ولو أن هوميروس لم يأت لتحويل المذبحة إلى أبيات خالدة؟ تمثال، بيت شعر، مأساة، لوحة _ تلك هي النصب التذكارية السامية التي أقامها الإنسان على الأرض. سامية ولكنها أيضا الأكثر خطرا على المعاناة الإنسانية اليومية. الفن يجعلنا نحتقر الاهتمام اليومي الصفير بالطعام وحتى بالعدل. إننا ننسى أن هذا هو الجذر الذي غذى الزهرة الخالدة. ص335 "
― Nikos Kazantzakis , Report to Greco
42 " Gradually I began to understand that it does not matter very much what problem, whether big or small, is tormenting us; the only thing that matters it that we be tormented, that we find a ground for being tormented. In other words, that we exercise our minds in order to keep certainty from turning us into idiots, that we fight to open every closed door we find in front of us. "
43 " نقول في كريت : مرحبا بالمصيبة حين تأتي وحدها. ذلك أنها نادرا ما تجيء وحدها "
44 " A crust of lard, habit, and cowardice envelops the soul; no matter what it craves from the depths of its prison, the lard, habit, and cowardice carry out something entirely different. "
45 " Да си млад, на двайсет и пет години, здрав, да не обичаш никое определено лице, мъж или жена, което да ограничава сърцето ти и да не те оставя да обикнеш с еднаква безкористност и жар всичко, и да вървиш пеш, съвсем сам, с едни дисаги на рамо, и да настъпва лятото, и да идат, натоварени с плодове и дъждове, есента и зимата – струва ми се, че би било наглост човек да иска по-голямо щастие. "
46 " There are three kinds of souls, three kinds of prayers. One: I am a bow in your hands, Lord. Draw me lest I rot. Two: Do not overdraw me, Lord. I shall break. Three: Overdraw me, and who cares if I break! “Choose! "
47 " طوال حياتي وأنا أتوق الى ثلاثة أشياء لم اجد الفرصة للاستمتاع بها : بيت صفير على شاطئ البحر ، وكناري في قفص ، وحق من الحبق "
48 " The creator wrestles with a hard, invisible substance, a substance far superior to him. Even the greatest victor emerges vanquished, because our deepest secret, the only one that deserves expression, always remains unexpressed. This secret never submits to art's material contours. We suffocate inside every word. Seeing a blossoming tree, a hero, a woman, the morning star, we cry, Ah! Nothing else is able to accommodate our joy. When, analyzing this Ah! we wish to turn it into thought and art in order to impart it to mankind and rescue it from our own dissolution, how it cheapens into brazen, mascaraed words full of air and fancy! "
49 " نيتشه - الشهيد العظيم - ابوللو ، ديونيزوس ، سقراط ص275كان أبولو وديونيزوس هما الازدواج المقدس الذي ولد المأساة ٠ أبولو يحلم بتوافق العالم وجماله وهو يراه في صيغ منسجمة٠ راسخا في تفرده وسكونه كان يقف وسط بحر الظلواهر المتلاطمة وهو مستمتع بالأمواج التي كانت تغيظه في أحلامه ٠ نظرته مليئة بالنور ، وحتى حين كان الحزن أو الغضب يهيمنان عليه لم يستطيعا تمزيق التناغم الوحدوي المقدس ٠ديونيزوس يمزق التفرد ، ويلقي بنفسه في بحر الظواهر ويلحق بالأمواج الرهيبة المتلألئة المتقلبة ٠ وتآخي البشر مع الوحوش ٠ وصار الموت ذاته يرى كأحد أقنعة الحياة ٠ وينقسم الوهم متعدد الصيغ والمنتشر باطراد الى قسمين ونرى انفسنا وجها لوجه مع الحقيقة ٠ أية حقيقة ؟ حقيقة اننا جميعا واحد ، واننا جميعا ومعا نخلق الها ، وان الله ليس سلف الانسان بل حفيده ٠كان اليونانيون ، وهم محصنون في حصن ابولو ، يكافحون في البدء لاقامة حاجز في وجه هذه القوى الديونيزوسية المنفلتة من عقالها والتي كانت تأتي عبر الطرق البحرية والبرية لتلقي بنفسها على الأرض اليونانية ٠ لكنهم كانوا عاجزين عن ترويض ديونيزوس ترويضا كامالا ٠ والتقى الالهان في منازلة دون ان يتمكن أحدهما من اخضاع الآخر فأصبحا صديقين وخلقا المأساة ٠تحررت الطقوس الديونيزوسية من وحشيتها ، وغسلتها رقة الحلم المضبوطة ، وكللتها بالبهاء ٠ غير أن ديونيزوس ظل البطل الدائم والوحيد للمأساة ٠ إن أبطال المأساة وبطلاتها جميعا هم ببساطة أقنعة للإله — هم ابتسامات ودموع ملطفة تتألق بالعظمة الأبولونية ٠ثم تلاشت المأساة اليونانية بغتة ٠ اغتالها التحليل المنطقي ٠ قام سقراط ، بجدلياته ، بقتل الرصانة الأبولونية والثمالة الديونيزوسية ٠ وانحطت المأساة على يدي يوربيديس إلى مستوى بشري بدلا من العاطغة الإلهية ، وإلى موعظة سوفسطائية للدعوة للأفكار الجديدة ٠ فقدت جوهرها المأساوي وتبددت ٠غير أن الثمالة الديو نيزوسية بقيت . وخلدت نفسها في مذاهب سرية، وفي لحظات الفرح العظيمة في حياة الإنسان. وكنت أتساءل عما إذا كانت ستستطيع أن تكسو نفسها مرة أخرى بلحم الفن المقدس. وهل سُتبقي الروح السقراطية - بتعبير آخر: العلم - ديونيزوس في قيوده إلى الأبد؟ أم لعله بعد أن أدرك العقل البشري حدوده يمكن لحضارة جديدة أن تظهر، ويكون سقراط رمزها، سقراط الذي تعلم الموسيقى أخيراً؟حتى ذلك الحين كان المثل الأعلى لحضارتنا هو الباحث الاسكندراني. غير أن التاج الذي على راس العلم بدأ يتقلقل. فالروح الديونيزوسية كانت دائماً تعود إلى الاستيقاظ. .. وأعلنت الموسيقى الألمانية من باخ إلى فاغنر عن مجيئها. بدأ فجر "حضارة مأساوية" جديدة بالبزوغ. وبدأت المأساة تعاني بعثها. فكيف تم تحول عالم الوهم هذا، صحراء شوبنهاور المعتمة؟ وكيف وقع كل ما هو ميت وساكن في عصف دوامة النقد الألماني! وهتف النبي الشاب: نعم يا أصدقائي! تعلموا أن تؤمنوا، كما أؤمن، بالحياة الديونيزوسية وببعث المأساة الديونيزوسية. لقد انتهى العصر السقراطي. "
50 " وضحك صديقي ولكن ظلا مفاجئا ارتمى على وجهه ٠ قال : (( عيب علينا ان نضحك ٠ هذا الدير يسحق قلبي ٠ هل رأيت الرهبان ؟ كل منهم حسن التغذية ٠ لو عاد المسيح الى الارض وصدف له ان توقف بفاتوبيدي ، اه كم كان سيجعل السوط يغني فوق رؤوسهم ٠ هيا بنا ٠ دعنا ذذهب - نذهب الى اين ؟ ان قلوبنا لا يسحقها هذا الدير فقط بل العالم كله ـ الا تشعر بذلك ؟ في كل مكان يجوع بعضهم بينما يتخم الاخرون ويلعقون شرحاتهم ٠ الذئاب والغنم في كل مكان . قانون واحد في العالم مايزال مصانا : كل وإلا أكلت ــ قانون الغاب٠ولكن هل يعني هذا ان الخلاص غير موجود ؟ أليس هناك اي حيوان طيب بما فيه الكفاية وقوي بما فيه الكفاية بحيث انه لا يأكل الاخرين ولا يسمح ان يأكله الاخرون ٠- ولا احد ٠ ولكن قد يأتي يوم ٠ لقد انطلق حيوان ما منذ الاف السنين لتحقيق هذا الهدف لكنه لم يصل اليه بعد ٠- أي حيوان ؟- القرد ٠ نحن ما نزال في منتصف الطريق — فاصبر ٠ ص174 "
51 " انا استاذ القرية ٠ واننى اكتب لاخبرك بالنبأ المؤسف وهو ان الكسى زوربا ، الذى كان يدير منجم منغنيز هنا قد توفى يوم الاحد الماضى فى الساعة السادسة مساء٠ دعانى فى نزعة الاخير وقال لى : « تعال قربى يا استاذ ٠ لدي صديق فى اليونان ٠ حين أموت اكتب اليه وأخبره بموتى ٠ وباننى ظللت مالكا لقواى العقلية حتى النهاية واننى كنت افكر فيه ٠ وانني مهما كان ما فعلته فانني لست اسفا على شى، ٠ قل له اننى ارجو له الخير وانه قد آن الأوان له ان يضع عقله فى رأسه ٠٠٠ واذا جا، أي قس ليستمع الى اعترافي ويمنحنى الغفران قل لذاك القس انه يستطيع ان يكون فريد زمانه وانه يستطيع ان يمنحنى لعنته ! لقد فعلت هذا الشي، أو ذاك وأشياء اخرى فى حياتى لكننى لم أفعل الا القليل ٠ الناس الذين يشبهوننى يجب ان يعيشوا الف سنة ٠ عمت مساء»اغمضت عيني واحسست بالدموع تتدحرج بطيثة ودافثة على خدي ٠ «مات ٠ مات ٠٠٠٠ » ورحت اتمتم لنفسي ٠ « راح زوربا ٠ راح الى الابد ٠ ماتت الضحكة ٠ وانقطعت الاغنية ٠ وتحطم السانتير وتوقفت الرقصة على حصى الشاطي، ٠ والفم الذي كان لا يهدأ عن طرح الاسئلة اصبح الان مليئا بالتراب ٠٠ ولن توجد أبدا بعد اليوم يد تلاطف الحجارة والبحر والخبز والنساء ٠٠٠» "
52 " هكذا عدت الى اليونان - مجروحا . كنت مضطرما بثورة ذهنية واضطراب روحي ، وكل شيء في داخلي متضارب ومتردد ٠ لم أكن أعرف ما الذي سأفعله بحياتي ٠ قبل كل شيء كنت أريد أن أجد جوابا ، جوابي ، على الاسئلة الابدية وبعد ذلك أقرر ما الذي سأصير اليه ٠ قلت لنفسي ان لم ابدأ باكتشاف الهدف الاسمى للحياة على الارض فكيف سأتمكن من وضع هدف لحياتي القصيرة الفانية ! وكيف سأنهمك في العمل ؟ لم اكن منشغلا في اكتشاف الهدف من الحياة موضوعيا - لقد تكهنت بان هذا مستحيل ولا طائل تحته - بل ببساطة في اكتشاف الهدف الذي استطيع انا ؛ وبارادتي الحرة ، ان امنحه للحياة وبما يتلاءم مع حاجاتي الروحية والعقلية ٠ وفي ذلك الحين لم يكن يعنيني كثيرا ما اذا كان هذا الهدف هو الهدف الحقيقي ام لا ، كان الامر الهام بالنسبة لي ، انني يجب ان اجد ( او أخلق ) هدفا منسجما مع نفسي ذاتها ، وباتباعه استطيع اثارة امكانياتي ورغباتي الخاصة الى اقصى حد ممكن ٠ وعندها اخيرا ساكون متعاونا بانسجام تام مع كلية الكونوان كان الانشغال بهذه الاهتمامات الميتافيزيفية في الشباب مرضا فقد كنت ، في ذلك الوقت ، مريضا جدا ٠لم يكن هناك احد في اثينا ٠ اما اصدقائي فقد استطاعت اهتمامات الحياة اليومية ان ترجح عقولهم وتهدئ قلوبهم قال لي احدهم : لا ليس لدينا الوقت للتفكير٠ وأعلن اخر : ليس لدينا الوقت للحب ٠ وقال لي ثالث وهو يضحك : انت منشغل اذن بالهدف من الحياة أليس كذلك ؟ يا لك من مسكين ! لم تنشغل بذلك ؟تذكرت الجواب الذي قدمه لي الغلاح حين حلق طائر فوق رؤوسنا وانشغلت بالسؤال عن اسمه ٠ نظر الي ساخرا وقال : يا لك من مسكين لم تنشغل بذلك ؟ انه لا يؤكلوتقدم صديق من المدينة فألقى علي نظرة ساخرة ثم غنى :" سأغني لك اغنية ، من اجمل ما استطيع :ان تتبرز وتأكل وان تتبول وتشرب ٠تلك هي حياة الانسان " ص160 "
53 " يا سيدي الجنرال . إن المعركة تقترب من نهايتها. وها أنا أعد تقريري . وفيه أين كافحت وكيف . لقد سقطت جريحا ، ووقعت في الحب ، ولم أهرب . ورغم أن أسناني كانت تصطك من الخوف ، فإنني عصبت جبيني بمنديل أحمر واندفعت مهاجماأتذكر القول الكريتي الحزين " عد إلى حيث فشلت ، وغادر من حيث نجحت ". فإن فشلت سأعاود الهجوم حتى لو لم تبق إلا ساعة واحدة من العمر . وإن كنت قد نجحت فسأفتح الأرض لكي آتي وأضطجع إلى جانبك . فأصغ ، اذن ، لتقريري ، يا سيدي الجنرالأصغ إلى حياتي ، فإن كنت قد كافحت معك ، وإن كنت قد سقطت جريحا ، ولم أسمح لأحد أن يعرف بآلامي ومعاناتي وإن كنت لم أدر ظهري للعدو : فامنحني بركتك! "
54 " منذ ذلك اليوم أدركت أن روح الإنسان منع رهبب وخطير للاضطرابات. دون أن ندري نحمل كلنا قوة متفجرة ملفوفة بلحمنا وشحمنا. والأسوأ من ذلك أننا لا نريد ان نعرفها، لأننا عندها نفقد مبررات النذالة والجبن والكذب. لا يعود في وسعنا الاختباء وراء عجز الإنسان المفترض وفساده. نحن أنفسنا يجب أن نتحمل المسؤولية حين نكون سفلة أو جبناء او كذابين. ذلك لأنه على الرغم من أننا نمتلك قوة كلية القدرة في أعماقنا فإننا لانجرؤ على استخدامها خشية أن تدمرنا. لكننا نفضل الطريق السهل المريح . ونسمح لها بأن تصرف طاقتها شيئأ فشيئأ إلى أن تنحط هي بدورها وتتحول إلى لحم وشحم . ما أرهب ان لا نعرف اننا نمتلك هذه القوة؟ لو أننا كنا نعرف لكنا فخورين بأرواحنا. ص304 "
55 " There is only one essence, always the same. As yet, man has found no other means to elevate himself—none but the routing of matter and the submission of the individual to an end which transcends the individual, even though that end be chimerical. When the heart believes and loves, nothing chimerical exists; nothing exists but "
56 " نيتشه - الشهيد العظيم 279-278إن العود الأزلي خاو من الأمل والسوبرمان هو الأمل العظيم.كيف يمكن تحقيق المصالحة بين هاتين النظرتين المتناقضتين للعالم؟ذات يوم بينما كنت تتمشى في أنغادين توقفت فجاة. لجمك الرعب وأنت تفكر في أن الزمن لا يحد. بينما المادة محدودة. ولذا فلابد أن تأتي لحظة جديدة تعود فيها تركيبات المادة هذه إلى الحياة كما كانت من قبل. بعد آلاف من القرون سيقف شخص مثلك، والحقيقة أنه أنت بالذات، على هذه الصخرة ذاتها ويعيد اكتشاف الفكرة ذاتها.ولن يتكرر هذا مرة واحدة فقط بل عددا لا يحصى من المرات. ولذا فلا أمل في مستقبل أفضل. لا خلاص. سظل ندور إلى الأبد على عجلة الزمن ذاتها. وبهذه الطريقة يصبح لأكثر الأمور عرضة للفناء خلودها، ويصيح لأكبر أعمالنا أهمية لا تقاس.غرقت في نشوة الألم . فهذا كله كان يعني ان معاناتك لا حدود لها. وأن معاناة العالم لا شفاء منها. ولكن كبرياء الزاهد فيك جعلتك تتقبل الشهادة بفرح.وقلت لنفسك إن عملا جديدا يجب ان يخلق . وإن من واجبي ان أخلقه. وذلك لطرح إنجيل جديد على البشرية. ولكن بأية صيغة؟ النهج الفلسفي؟ لا. يجب ان ينسكب الفكر غنائيا. ملحمة؟ نبوءات؟ . وأبرق في ذهنك زرادشت.ووسط هذا الألم الممتع وجدتك لوسالوم، السلافية النارية ذات الفكر المتوقد والمليئة بالإثارة والفضول، والتي انحنت أمامك، أيها الشهيد العظيم، وراحت تستمع إليك باهتمام.بذلت نفسك لها فاستنزفتها وهي لا تعرف الشبع حتى جففتها. كم من السنوات قد مرت منذ أن فتحت قلبك بمثل تلك الثقة، واستمتعت بالتوهج والاهتياج والإنتاجية التي تثيرها فينا النساء، وأحسست بقلبك يذوب تحت درعك الحربي الثقيل! في ذلك المساء حين دخلت حجرة تصوفك، كان هواء حياتك عبقا لأول مرة برائحة امرأة ورحت تستنشقه بعمق.تحقيق السوبرمان . وكان الغود الأزلي يخنقك . كان السوبرمان هو شيميرا الجديد الذي يستطيع القضاء على رعب الحياة.ليس الفن، بعد، بل القدرة . اعتبرت الإله طاحونة هوائية، يا دون كيشوت، ورحت تدكه. أعلنت "مات الله". وأوصلتناإلى حافة الهاوية. هناك أمل وحيد: على الإنسان أن يتخطى طبيعته ويخلق السوبرمان. وسيقع على عاتقه عبء الإدارة الكاملة والتنظيم الشامل للكون (كوسموس) وسكون لديه القدرة على تحمل هذه المسؤولية.الله ميت. وعرشه خال. وسنتوج أنفسنا مكانه. هل نظل وحدنا تماما في العالم؟ وهل رحل السيد؟ يكفي هذا. من الآن لن نعمل لأنه يأمرنا بذلك. وليس لأنا نخاف او نطمح. بل لأننا نحن أنفسنا نريد أن نعمل. إن العود الأزلي خاو من الأمل والسوبرمان هو الأمل العظيم.وإنني لأتساءل عما إذا كان قد سبق لي ان سمعت صرخة كهذه على الأرض من قبل، صرخة فيها من الكبرياء ما يكفي لاحتقار الأمل. حتى نيتشه استسلم للرعب لوهلة. لقد صدمه (العود الأزلي)، بأنه استثهاد لا متناه . ومن خوفه صاغ أملا عظيما، منقذ للمستقبل، السوبرمان . ولكن السوبرمان ليس إلا فردوسا آخر، سرابا آخر يخدع الإنسان التعيس المسكين ويمكنه من تحمل الحياة والموت. ص289 "
57 " أتذكر ذات مرة انني اخذت خادرة من جذع شجرة زيتون ووضعتها في راحتى ٠ وداخل الغلاف الشفاف ميزت شيثا حيا . كان يتحرك . لابد أن العمليات السرية قد وصلت الى نهايتها . وكانت فراشة المستقبل ، التى ما تزال سجينة ، تنتظر بارتعاشات صامتة مجىء الساعة المقدسة التي تخرج فيها الى ضوء الشمس . لم تكن على عجلة، كانت تنتظر وهي واثقة بالضوء وبالهواء الدافىء وبقانونه الأزلي . لكننى كنت على عجلة . كنت اريد أن أرى المعجزة تحدث أمامي بأسرع ما يمكن ، كنت أريد أن أرى كيف ينبعث الجسد من قبره وكفنه ليصبح روحا . انحنيت وبدأت أنفخ أنفاسي الحارة على الخادرة وإذا بشق يرتسم على ظهر الخادرة وانشق الغلاف كله تدريجيا من أعلاه إلى أسفله وظهرت الفراشة الخضراء الزاهية غير المكتملة وهي ما تزال منطبقة على نفسها قليلا وأجنحتها ملتوية وأرجلها ملتصقة إلى بطنها . تلوت بهدو، وراحت تتقدم نحو الحياة شيئا فشيئا تحت نفسي الحار المستمر . أحد اجنحتها ، أصفر مثل ورقة حور متبرعمة ، أبعد نفسه عن الجسد وبدأ يتخبط محاولا ان يتمدد بطوله الكامل . ولكن عبثا . ظل واهنا نصف مفتوح . وسرعان ما تحرك الجناح الآخر مثله وصار يجهد بدوره لكى يتمدد وعجز عن ذلك وظل مرتعشا ونصف مفتوح . وأنا ثابرت ، بوقاحتى البشرية ، على الانحناء والنفخ بنفسى الحار على الاجنحة المشوهة لكنها توقفت عن الحركة الآن وسقطت جامدة لا حياة فيها مثل حجر. امتلأ قلبى غما . فبسبب تسرعى ، ولأننى تجرأت على تخطي قانون أزلي قتلت الفراشة . كنت أمسك في يدي جثة . لقد مرت سنوات وسنوات وظلت جثة هذه الفراشة تثقل على ضميري منذ ذلك الحين "
58 " حين كنت طفلا توحدت بالسماء والحشرات والبحر والريح — بكل ما كنت أراه وألمسه. في ذلك الحين كان للريح صدر، وكان لها كفان. وكانت تداعبني . كانت ، أحيانا، تغضب وتعاندني ولا تسمح لي بالمسير، وأذكر أنها كانت تلقيني أرضا . وكانت تنتزع الأوراق عن الدالية. وتعبث بشعري الذي سرحته أمي بعناية ، وتنتزع الوشاح عن رأس جارنا ديمترو ، وترفع تنورة زوجته بينيلوب.ولم نفترق ، بعد ، أنا والعالم. إلا أنني بدأت أسحب نفسي ، شيئا فشيئا من عناقه. وقفت أنا في جانب ، وهو في جانب وبدأت المعركة. "
59 " لماذا؟ لماذا؟ أنا لا أريد أن يموت الناسهزّ عمّي كتفيه وقال: حينما تكبر ستعرف لماذا"ولم اعرف أبدا. لقد كبرت وصرت عجوزا. ولم أعرف أبدا "
60 " الرجل الحقيقي يخاف . لكنه يتغلب على خوفه "