Home > Work > Report to Greco

Report to Greco QUOTES

21 " وضع قدمه على الأرض الروسية وهو يرتدي قبعته الصغيرة وقميصه النظيف المهترئ وسترته البالية. جيش مؤلف من شخص قصير شاحب وأعزل. وكان يقف ضد الأرض الروسية الشاسعة والموجيك الأشرار والأرستقراطيين المعربدين والكهنوت ذي القوة الطاغية، والحصون والقصور والسجون والقوانين القديمة والأخلاق القديمة والسوط. الإمبراطورية القديمة المدججة بالسلاح. هناك وقف بقبعته الصغيرة، وبعينيه المنغوليتين الدقيقتين اللتين تحدقان بثبات في الجو بينما كان في داخله شيطان يرقص ويصفر وهو يصر بأسنانه وبتكلم: هذا كله لك يا فلاديمير اليتش. إنني أهبك إياه مجاناً. يكفي أن تقول عبارة واحدة. قل العبارة السحرية التي كنت أمليها عليك طوال تلك السنين الطويلة: "يا عمال العالم اتحدوا!" قلها وعندها فإن القياصرة والقساوسة ذوي اللحى العنزية والجدائل الذهبية والكروش المتخمة والأنيقة، بنفخة واحدة سيتساقطون على أقفيتهم. امش على جثثهم يا فلاديمير اليتش. إلى الأمام يا فتى، دس على جثثهم واصعد. ركز العلم الأحمر على الكرملين. حطم جماجمهم بالمطرقة واقطع أعناقهم بالمنجل!
وراح لينين يسأل وهو يصغي إلى شيطانه الداخلي بقبضتين مشدودتين "من أنت؟ قل لي اسمك. أريد أن أعرف من أنت"
"أنا المعجزة" أجاب الشيطان ونطح روسيا بقرنيه. "

نيكوس كازانتزاكيس , Report to Greco

22 " - هناك آلاف من البشر في سدوم وعمورة يأكلون ويشربون ويتبرجون ويضحكون ويسخرون، وهناك آلاف العقول التي تشرئب كالثعابين لتنفث بسمومها نحو السماء وهي تفح. ولكن إن كان بينها أربعون روحاً فاضلة فهل ستحرقها يا مولاي؟
- أسماء! أريد أسماء! من هؤلاء الأربعون؟
-وماذا لو كانوا عشرين! عشرين روحاً فاضلة يا مولاي؟
- أنا أريد أسماء. إنني أمد يدي لأعد.
- وماذا لو كانوا عشرة، عشرة أرواح فاضلة يا مولاي؟ وماذا لو كانوا خمسة؟
- أغلق فمك الصفيق يا إبراهيم.
- ارحمنا يا مولاي. لست عادلاً فقط. أنت طيب أيضاً. ولو كنت عادلاً فقط لحدث الويل.لضعنا كلنا. لكنك طيب يا مولاي ولهذا ما يزال الناس قادرين على الوقوف في الهواء.
- لا تركع وأنت تمد يدك للإمساك بركبتيَ. فليس لدي ركبتان. ولا تبدأ النواح لكي تمس قلبي إذ لا قلب لي. أنا صارم، قطعة جامدة من الغرانيت الأسود ولا يمكن ليد أن تطبع لمستها عليَ. لقد وصلت إلى قراري . سأحرق سدوم وعمورة.
- لا تتسرع يا مولاي. لم العجلة حين تكون مسألة قتل؟ انتظر لقد وجدت واحدة!
- ما الذي وجدته وأنت تنقب في التراب أيتها الدودة؟
- روح فاضلة.
- من؟
- لوط. ابن أخي هارون. "

نيكوس كازانتزاكيس , Report to Greco

38 " لم يسبق لي أن واجهت أبي بمودة . فالخوف الذي كان يبعثه فيّ كبير إلى درجة أن البقية كلها _ الحب والاحترام والألفة_ تتلاشى. كانت كلماته قاسية وصمته أكثر قسوة. نادراً ما كان يتحدث، وحين يفعل، كان يفتح فمه وكلماته محسوبة وموزونة بدقة فلا تستطيع أن تجد أساساً لمعارضته. كان محقاً دائماً، مما كان يبدو أنه يجعله حصيناً. ولقد تعودت أن أقول لنفسي: آه كم أتمنى أن يخطئ مرة واحدة، فلربما غافلت قلبي عندها وعارضته. إلا انه لم يمنحني فرصة كهذه أبداً. وهذا شيء لا يسامحه عليه المرء أبداً. كان شجرة سنديان , بجذع صلب , أوراق خشنة وثمر مر بلا أزهار. وكان دائماً يلتهم القوة المحيطة به. وكانت كل شجرة تذبل في ظله. وأنا الآخر كنت أذبل في ظله. لم أكن أحب أن أعيش تحت أنفاسه. حين كنت شاباً كانت تتفجر في أعماقي ثورات مسعورة ، وكنت مستعداً لإلقاء نفسي في مغامرات خطرة . لكنني في كل مرة , أفكر في والدي يجبن قلبي. ولهذا كنت مجبراً على كتابة كل ما كنت أرغب في فعله، وذلك بدلاً من أن أصبح مكافحاً عظيماً في مملكة الفعل , بسبب خوفي من والدي . لقد كان هو الذي حول دمي إلى حبر .
حين كنت أرفع نظري إليه وأنا طفل كنت أراه عملاقاً وعندما كبرت تقلص كل شي حولي : البشر والبيوت والأشجار. وظل هو وحده كما كنت أراه في طفولتي : عملاقاً. كان ينتصب أمامي ويحجب عني نصيبي من الشمس، وعبثاً كنت أحاول أن لا أمكث في بيت أبي , في عرين الأسد. وعلى الرغم من أنني صرت كسولاً، وسافرت وألقيت بنفسي في مغامرات ذهنية صعبة, فقد بقي ظله دائماً بيني وبين الشمس. وكنت أسافر في كسوف شمسي لا ينتهي "

Nikos Kazantzakis , Report to Greco

40 " رأيت نفسي حكيماً عظيماً في القدس. استطعت أن أشفي من أمراض عديدة مختلفة لكنني قبل كل شيء استطعت أن أخرج الشياطين من الممسوسين. صار الناس يجلبون إلي المرضى من كافة أنحاء فلسطين. وذات يوم وصلت مريم، زوجة يوسف، من الناصرة ومعها ابنها يسوع البالغ من العمر اثني عشر عاماً. وقعت على قدمي وصرخت باكية "أيها الحكيم الشهير اشفق علي واشف ابني . في داخله العديد من الشياطين" طلبت من الأبوين أن يخرجا وظللت وحيداً مع يسوع. ربت على كتفه وسألته: "ما الأمر يا بني؟ أين تشكو الألم؟" فأجاب وهو يشير إلى قلبه :"هنا.هنا"
-وماذا أصابك؟
-لا أستطيع النوم أو الأكل أو العمل. إنني أجوب الشوارع وأنا أتصارع.
- ومع من تتصارع؟
- مع الله. مع من غيره تتوقع مني أن أتصارع؟
أبقيته قربي شهراً. كلمته بلطف دائم. وأعطيته أعشاباً تنومه. وضعته في حانوت نجار لكي يتعلم صنعة. وكنا نخرج نتمشى معاً فأكلمه عن الله وكأن الله صديق أو جار يأتي إلينا في المساء ويجلس معنا على عتبة بيتنا لنتحدث. لم يكن هناك شيء صعب أو مؤثر في أحاديثنا. كنا نتحدث عن الطقس وحقول القمح وكروم العنب والفتيات اللواتي يذهبن إلى النبع. وفي نهاية الشهر شفي يسوع تماماً. لم يعد يتصارع مع الله . صار رجلاً مثل غيره من البشر. ورحل غلى الجليل ثم علمت فيما بعد أنه صار نجاراً عظيماً. أفضل نجار في الناصرة.
ونظر الراهب إلي ثم سألني: "هل تفهم؟ يسوع قد شفي وبدلاً من أن ينقذ العالم صار أفضل نجار في الناصرة. فما معنى المرض والعافية إذن؟ "

Nikos Kazantzakis , Report to Greco