Home > Author > Nikos Kazantzakis >

" لم يسبق لي أن واجهت أبي بمودة . فالخوف الذي كان يبعثه فيّ كبير إلى درجة أن البقية كلها _ الحب والاحترام والألفة_ تتلاشى. كانت كلماته قاسية وصمته أكثر قسوة. نادراً ما كان يتحدث، وحين يفعل، كان يفتح فمه وكلماته محسوبة وموزونة بدقة فلا تستطيع أن تجد أساساً لمعارضته. كان محقاً دائماً، مما كان يبدو أنه يجعله حصيناً. ولقد تعودت أن أقول لنفسي: آه كم أتمنى أن يخطئ مرة واحدة، فلربما غافلت قلبي عندها وعارضته. إلا انه لم يمنحني فرصة كهذه أبداً. وهذا شيء لا يسامحه عليه المرء أبداً. كان شجرة سنديان , بجذع صلب , أوراق خشنة وثمر مر بلا أزهار. وكان دائماً يلتهم القوة المحيطة به. وكانت كل شجرة تذبل في ظله. وأنا الآخر كنت أذبل في ظله. لم أكن أحب أن أعيش تحت أنفاسه. حين كنت شاباً كانت تتفجر في أعماقي ثورات مسعورة ، وكنت مستعداً لإلقاء نفسي في مغامرات خطرة . لكنني في كل مرة , أفكر في والدي يجبن قلبي. ولهذا كنت مجبراً على كتابة كل ما كنت أرغب في فعله، وذلك بدلاً من أن أصبح مكافحاً عظيماً في مملكة الفعل , بسبب خوفي من والدي . لقد كان هو الذي حول دمي إلى حبر .
حين كنت أرفع نظري إليه وأنا طفل كنت أراه عملاقاً وعندما كبرت تقلص كل شي حولي : البشر والبيوت والأشجار. وظل هو وحده كما كنت أراه في طفولتي : عملاقاً. كان ينتصب أمامي ويحجب عني نصيبي من الشمس، وعبثاً كنت أحاول أن لا أمكث في بيت أبي , في عرين الأسد. وعلى الرغم من أنني صرت كسولاً، وسافرت وألقيت بنفسي في مغامرات ذهنية صعبة, فقد بقي ظله دائماً بيني وبين الشمس. وكنت أسافر في كسوف شمسي لا ينتهي "

Nikos Kazantzakis , Report to Greco


Image for Quotes

Nikos Kazantzakis quote : لم يسبق لي أن واجهت أبي بمودة . فالخوف الذي كان يبعثه فيّ كبير إلى درجة أن البقية كلها _ الحب والاحترام والألفة_ تتلاشى. كانت كلماته قاسية وصمته أكثر قسوة. نادراً ما كان يتحدث، وحين يفعل، كان يفتح فمه وكلماته محسوبة وموزونة بدقة فلا تستطيع أن تجد أساساً لمعارضته. كان محقاً دائماً، مما كان يبدو أنه يجعله حصيناً. ولقد تعودت أن أقول لنفسي: آه كم أتمنى أن يخطئ مرة واحدة، فلربما غافلت قلبي عندها وعارضته. إلا انه لم يمنحني فرصة كهذه أبداً. وهذا شيء لا يسامحه عليه المرء أبداً. كان شجرة سنديان , بجذع صلب , أوراق خشنة وثمر مر بلا أزهار. وكان دائماً يلتهم القوة المحيطة به. وكانت كل شجرة تذبل في ظله. وأنا الآخر كنت أذبل في ظله. لم أكن أحب أن أعيش تحت أنفاسه. حين كنت شاباً كانت تتفجر في أعماقي ثورات مسعورة ، وكنت مستعداً لإلقاء نفسي في مغامرات خطرة . لكنني في كل مرة , أفكر في والدي يجبن قلبي. ولهذا كنت مجبراً على كتابة كل ما كنت أرغب في فعله، وذلك بدلاً من أن أصبح مكافحاً عظيماً في مملكة الفعل , بسبب خوفي من والدي . لقد كان هو الذي حول دمي إلى حبر .<br />حين كنت أرفع نظري إليه وأنا طفل كنت أراه عملاقاً وعندما كبرت تقلص كل شي حولي : البشر والبيوت والأشجار. وظل هو وحده كما كنت أراه في طفولتي : عملاقاً. كان ينتصب أمامي ويحجب عني نصيبي من الشمس، وعبثاً كنت أحاول أن لا أمكث في بيت أبي , في عرين الأسد. وعلى الرغم من أنني صرت كسولاً، وسافرت وألقيت بنفسي في مغامرات ذهنية صعبة, فقد بقي ظله دائماً بيني وبين الشمس. وكنت أسافر في كسوف شمسي لا ينتهي