Home > Work > السلطة في الإسلام: العقل الفقهي السلفي بين النص والتاريخ

السلطة في الإسلام: العقل الفقهي السلفي بين النص والتاريخ QUOTES

15 " لقد كان غياب (الحاسة النقدية) في نظرنا، واحدة من بين الخسارات الكبرى التي خسرها العقل الإسلامي بنفي الفكر الإعتزالي برمته، من غير تفرقة بين المنهج والموضوع. لأن حضور (الحاسة النقدية) في الحقيقة يمثل واحدة من أهم نقاط البدء اللازمة لإعادة عرض الإسلام على العالم. وهي العملية التي لا بد منها، وإلاتعرض الإسلام لخطر الدخول في مرحلة انقطاع تاريخي طويلة.
وذلك أننا نزعم أن الإسلام المعروض على العالم ليس إسلاما نصيا، بقدر ما هو إسلام تاريخي من صنع المنطومة السلفية. ونرى في ذلك تفسيرا للفجوة الفاصلة بين الإسلام وبين العالم. وأن من اللازم - إحقاقا لحقيقة الدين، وكي تزول تلك الفجوة - أن يعاد عرض الإسلام، كما هو في النص الخالص، وليس كما هو في المنظومة التاريخية.
وأن ذلك لن يتم بغير دعامتين أو خطوتين أساسيتين:
الأولى: أن تنحى كل المصادر اللانصية التي اعتمدتها المنظومة السلفية. وهو ما يعني إعادة قراءة ثم كتابة علىم (أصول فقه).
الثانية: أن تحذف كل الإضافات التي حملت على نص السنة، من جراء المنهج الإسنادي في جمع الروايات والأخبار. وهو ما يعني إعادة قراءة ثم كتابة (علم الحديث).
وليس لشيء من ذلك أن يتم بغير هذه (الحاسة النقدية) بنت العقل والحرية.
وحيث هي بنت العقل والحرية، فهي بنت الإسلام الحقيقي الأصيل. أي الإسلام الذي نقرأه في النص الخالص. قبل أن يحمل بأوزار التاريخ والجغرافيا الإقليمية. "

عبد الجواد ياسين , السلطة في الإسلام: العقل الفقهي السلفي بين النص والتاريخ

19 " وليس ثمة شك في اتصال المعتزلة بالفكر اليوناني وتأثرهم به، ولكن الذي لا شك فيه أيضا أنهم مارسوا التعقل (بكثير من المضامين المنطقية) قبل أن يحدث هذا الاتصال. ونحن نرى أن الطرح الاعتزالي الأول لمسألة الحرية، إنما نشأ عن القراءة المباشرة، للقرآن في ظل ظروف سياسية (استفزازية). واعني بالقراءة المباشرة، القراءة الأولى التي يجريها الحدس العقلي، أي القراءة التي تمت خارج الوصاية التفسيرية الضيقة للسلف، بطابعها اللغوي والمتوجس من العقل. فمن شأن هذه القراءة، دون غيرها، الوقوف على الأصول الكلية للقرآن وهي متضمنة بغير شك لمباديء العقل الكلي الكونية.
أما الظروف (الاستفزازية) فنشير بها إلى ممارسات القهر القمعية التي لم تكف السلطة الأموية بإنزالها على الناس بل راحت تلبسها ثيابا شرعية، ناسبة إياها بشكل مباشر إلى قضاء الله وقدره السابق. وهو أمر مناقض للتصور القرآني الواضح حين يقرأ بغير (غرض) تفرضه الوصاية، التي هي مفروضة بدورها من ضغوط التحالف الفقهسياسي السلفي الأموي. "

عبد الجواد ياسين , السلطة في الإسلام: العقل الفقهي السلفي بين النص والتاريخ