Home > Author > عبد الجواد ياسين >

" وليس ثمة شك في اتصال المعتزلة بالفكر اليوناني وتأثرهم به، ولكن الذي لا شك فيه أيضا أنهم مارسوا التعقل (بكثير من المضامين المنطقية) قبل أن يحدث هذا الاتصال. ونحن نرى أن الطرح الاعتزالي الأول لمسألة الحرية، إنما نشأ عن القراءة المباشرة، للقرآن في ظل ظروف سياسية (استفزازية). واعني بالقراءة المباشرة، القراءة الأولى التي يجريها الحدس العقلي، أي القراءة التي تمت خارج الوصاية التفسيرية الضيقة للسلف، بطابعها اللغوي والمتوجس من العقل. فمن شأن هذه القراءة، دون غيرها، الوقوف على الأصول الكلية للقرآن وهي متضمنة بغير شك لمباديء العقل الكلي الكونية.
أما الظروف (الاستفزازية) فنشير بها إلى ممارسات القهر القمعية التي لم تكف السلطة الأموية بإنزالها على الناس بل راحت تلبسها ثيابا شرعية، ناسبة إياها بشكل مباشر إلى قضاء الله وقدره السابق. وهو أمر مناقض للتصور القرآني الواضح حين يقرأ بغير (غرض) تفرضه الوصاية، التي هي مفروضة بدورها من ضغوط التحالف الفقهسياسي السلفي الأموي. "

عبد الجواد ياسين , السلطة في الإسلام: العقل الفقهي السلفي بين النص والتاريخ


Image for Quotes

عبد الجواد ياسين quote : وليس ثمة شك في اتصال المعتزلة بالفكر اليوناني وتأثرهم به، ولكن الذي لا شك فيه أيضا أنهم مارسوا التعقل (بكثير من المضامين المنطقية) قبل أن يحدث هذا الاتصال. ونحن نرى أن الطرح الاعتزالي الأول لمسألة الحرية، إنما نشأ عن القراءة المباشرة، للقرآن في ظل ظروف سياسية (استفزازية). واعني بالقراءة المباشرة، القراءة الأولى التي يجريها الحدس العقلي، أي القراءة التي تمت خارج الوصاية التفسيرية الضيقة للسلف، بطابعها اللغوي والمتوجس من العقل. فمن شأن هذه القراءة، دون غيرها، الوقوف على الأصول الكلية للقرآن وهي متضمنة بغير شك لمباديء العقل الكلي الكونية. <br />أما الظروف (الاستفزازية) فنشير بها إلى ممارسات القهر القمعية التي لم تكف السلطة الأموية بإنزالها على الناس بل راحت تلبسها ثيابا شرعية، ناسبة إياها بشكل مباشر إلى قضاء الله وقدره السابق. وهو أمر مناقض للتصور القرآني الواضح حين يقرأ بغير (غرض) تفرضه الوصاية، التي هي مفروضة بدورها من ضغوط التحالف الفقهسياسي السلفي الأموي.