Home > Author > Abd al-Rahman al-Kawakibi
181 " الإستبداد يتصرف في أكثر الأميال الطبيعية و الأخلاق الحسنة، فيُضعفها، أو يُفسدها، أو يمحوها، فيجعل الإنسان يكفر بِنعَم مولاه؛ لأنه لم يملكها حقُّ الملك ليحمده عليها حقُّ الحمد، و يجعله حاقداً على قومه؛ لأنهم عونّ لبلاء الأستبداد عليه، و فاقداً حبّ وطنه؛ لأنَّه غير آمن على الاستقرار فيه، و يودُّ لو انتقل منه، و ضعيف الحبَّ لعائلته؛ لأنه ليس مطمئناً على دوام علاقته معها، و مختل الثقة في صداقة أحبابه، لأنه يعلم أنَّهم مثله لا يملكون التكافوء، و قد يُضطرّون لإضرار صديقهم، بل و قتله و هم باكون. "
― Abd al-Rahman al-Kawakibi , طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد
182 " - يا قوم: هون الله مصابكم، تشكون من الجهل ولا تنفقون على التعليم نصف ما تصرفون على التدخين، تشكون من الحكام، وهم اليوم منكم، فلا تسعون في إصلاحهم، تشكون فقد الرابطة، ولكم روابط من وجوه لا تفكرون في إحكامها، تشكو الفقر ولا سبب غير الكسل. هل ترجون الصلاح وأنتم يخادع بعضكم بعضاً؟ ولا تخدعون إلا أنفسكم. ترضون بأدنى المعيشة عجزاً تسمونه القناعة، وتهملون شؤونكم تهاوناً تسمونه توكلاً. تموهون عن جهلكم الأسباب بقضاء الله وتدفعون عار المسببات بعطفها على القدر. ألا والله ما هذا شأن البشر!- يا قوم أناشدكم الله، ألا أقول حقاً إذا قلت إنكم لا تحبون الموت، بل تنفرون منه ولكنكم تجهلون الطريق فتهربون من الموت إلى الموت، ولو اهتديتم إلى السبيل لعلمتم أن الهرب من الموت موت، وطلب الموت حياة، ولعرفتم أن الخوف من التعب تعب، والإقدام على التعب راحة.- أناشدكم الله يا مسلمين: أن لا يغركم دين لا تعملون به وإن كان خير دين، ولا تغرنكم أنفسكم بأنكم أمة خير أو خير أمة، وأنتم أنتم المتواكلون المقتصرون على شعار: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ونِعمَ الشعار شعار المؤمنين، ولكن أين هم؟ إني لا أرى أمامي أمة تعرف حقاً معنى لا إله إلا الله، بل أرى أمة خبلتها عبادة الظالمين! "
― Abd al-Rahman al-Kawakibi
183 " أما الاستبداد فإنه يجعل الإنسان "فاقداً حب وطنه لأنه غير آمن على الاستقرار ويودُّ لو انتقل منه، وضعيف الحب لعائلته لأنه ليس مطمئناً على دوام علاقته معها،... أسير الاستبداد لا يملك شيئاً ليحرص على حفظه، لأنه لا يملك مالاً غير معرض للسلب ولا شرفاً غير معرض للإهانة".في ظل الحكم الاستبدادي يصاب المواطن بالقلق وعدم الاستقرار فتُعطل طاقاته، وتقتل حوافزه وطموحاته، وبهذه الطريقة تحرم البلاد من عطاءات أبنائها،... فالأكثرية يتصرفون حيال مؤسسات الدولة، في البلدان التي يحكمها مستبدون، وكأنها لا تعنيهم، وفي أحسن الحالات تكثر إلى الخارج هجرة الكفاءات العلمية والاقتصادية؛ وبذلك تُعطل عجلة التقدم، ويسود التخلف كافة الميادين. "
184 " تعرف الحق في ذاته لا بالرجال "
185 " واأسفاه على هذا الدين الحر، الحكيم، السهل، السمح، الظاهرة فيه آثار الرقي على غيره من سوابقه،الدين الذي رفع الإصر والأغلال، وأباد الميزة والاستبداد، الدين الذي ظلمه الجاهلون فهجروا حكمة القرآن ودفنوها في قبور الهوان، الدين الذي فقد الأنصار الأبرار والحكماء الأخيار فسطا عليه المستبدون والمترشحون للاستبداد، واتخذوه وسيلة لتفريق الكلمة وتقسيم الأمة شيعا، وجعلوه آلة لأهوائهم السياسية فضيعوا مزاياه وحيروا أهله بالتفريع والتوسيع، والتشديد والتشويش، وإدخال ما ليس منه فيه كما فعل قبلهم أصحاب الأديان السائرة. "
186 " الأستبداد لو كان رجلا أو اراد أن يحتسب وينتسب لقال :"أنا الشر ، وأبي الظلم ، وأمي الإساءة وأخي الغدر، وأختي المسكنة، وعمي الضر، وخالي الذل، وأبني الفقر، وبنتي البطالة، وعشيرتي الجهالة،ووطني الخراب، أما ديني وشرفي وحياتي فالمال ، المال ، المال "
187 " المستبد: يتحكم في شؤون الناس بإرادته لا بإرادتهم، و يحكمهم بهواه لا بشريعتهم، و يعلم من نفسه أنه الغاصب المعتدي فيضع كعب رجله على أفواه تاملايين من الناس يسدها عن النطق بالحق و التداعي لمطالبته. "
188 " الغربيون يستحلفون أميرهم على الصداقة في خدمته لهم و إلتزام القانون. و السلطان الشرقي يستحلف الرعية على الإنقياد و الطاعة! الغربيون يَمنّون على ملوكهم بما يرتزقون من فضلاتهم، و الأمراء الشرقيون يتكرَّمون على من شاؤوا بإجراء أموالهم عليهم صدقات! الغربي يعتبر نفسه ملكاً لجزٍء مشاع من وطنه، و الشرقيّ يعتبر نفسه و أولاده و ما في يديه ملكاً لأميره! الغربي له على أميره حقوق، و ليس عليه حقوق؛ و الشرقي عليه لأميره حقوق و ليس له حقوق! الغربيون يضعون قانوناً لأميرهم يسري عليه، و الشرقيون يسيرون على قانون مشيئة أمرائهم! الغربيون قضاؤهم و قدرهم من الله؛ و الشرقيون قضاؤهم و قدرهم ما يصدر من بين شفتي المستعبدين! الشرقي سريع التصديق، و الغربي ينفي ولا يثبت حتى يرى و يلمس. الشرقي أكثر ما يغار على الفروج و كأنَّ شرفه كلّه مستوجَعٌ فيها، و الغربي أكثر ما يغار على حريته و إستقلاله! الشرقي حريص على الدين و الرياء فيه، و الغربي حريصٌ على القوة و العزّ و المزيد فيهما! و الخلاصة: أنَّ الشرقي أبن الماضي و الخيال، و الغربي أبن المستقبل و الجد!.. "
189 " والخلاصة أن البدع التي شوشت الإيمان وشوهت الأديان تكاد كلها تتسلسل بعضها من بعض , وتتولد جميعها من غرض واحد هو المراد , ألا وهو الاستعباد. "
190 " ومن طبائع الاستبداد أنّه لا يظهر فيه أثر فقر الأمّة ظهورًا بيّنًا إلّا فجأة قُريب قضاء الاستبداد نحبه، وأسباب ذلك أنّ النّاس يقتصدون في النّسل وتكثر وفيّاتهم ويكثر تغرّبهم، ويبيعون أملاكهم من الأجانب فتتقلّص الثّروة وتكثر النّقود بين الأيدي. وبئست من ثروةٍ ونقودٍ تشبه نشوة المذبوح. "
191 " بين الاستبداد والعلم حربٌ دائمة وطرادٌ مستمرٌ ، يسعى العلماء في تطوير العقول ويجتهد المستبد في إطفاء نورها والطرفان يتجاذبان العوام "
192 " التمجد خاص بالإدارات المستبدة وهو القربى من المستبد بالفعل كالأعوان والعُمّال ، أو بالقوة كالملقبين بنحو دوق وبارون... "
193 " المستبد لا يخاف من العلوم كلها، بل من التي توسع العقول وتعرف الإنسان ماهو الإنسان وماهي حقوقهمثل الحكمة النظرية والفلسفة العقلية وحقوق الأمم وسياسة المدنية والتاريخ المُفصَّل والخطابة الأدبيةولا يخاف المستبد من العلوم الدينية المتعلقة بالمعاد لاعتقاده أنها لا ترفع غباوة ولا تزيل غشاوة وإنما يتلهى بها المتهوسونلعلم فإذا بنيغ فيهم البعض ونالوا شهرة بين العوام لا يعدم وسيلة لاستخدامهم في تأييد امره بنحو سد أفواههم بلقيمات من فتات مائدة الاستبداد "
194 " إن الهرب من الموت موت وطلب الموت حياة. "
195 " ومن طبائع الاستبداد : أن الأغنياء أعداؤه فكراً وأوتاده عملاً , فهم رَبائط المستبد , يذلهم فيئنون،و يستدرهم فيحنون , ولهذا يرسخ الذل في الأمم التي يكثر أغنياؤها . "
196 " لو كان الإستبداد رجلاً واراد ان يحتسب وينتسب لقال:"أنا الشر وأبي الظلم وامي الإساءة وأخي الغدر وأختي المسكنة وعمي الضر وخالي الذل وابني الفقر وبنتي البطالة ووطني الخراب وعشيرتي الجهالة "
197 " أسير الإستبداد لا يملك شيئاً ليحرص على حفظه لأنه لا يملك مالاً غير مُعرض للسلب ولا شرفاً غير مُعرض للإهانةويجعله ذلك لا يتذوق لذة نعيم غير الملذات البهيمية فيصبح شديد الحرص على حياته الحيوانية وغن كانت تعيسة "
198 " يقولون الإستبداد يٌلين الطباع ويلطفها والحق ان ذلك يحصل فيه عن فقد الشهامة لا عن فقد الشراسةويقولون أنه يعلم الطاعة والإنقياد والحق أن هذا فيه عن خوف وجبن لا عن إرادة وإختيارويوقولن أنه يربي النفوس على احترام الكبير وتوقيره والحق انه مع الكراهة والبغض لا عن ميل وحبويقولون انه يقلل الفسق والفجور والحق فيه أنه عن فقر وعجز لا عن عفة أو دينويقولون انه يقلل الجرائم والحق أنه يخفيها فيقل تعديدها لا عددها "
199 " والحكومة المستبدة تكون مستبدة في كل فروعها من المستبد الأعظم إلى الشرطي إلى الفراش إلى كناس الشارع، ولا يكون كل صنف إلا من أسفل أهل طبقته أخلاقًا لأن الأسافل لا يهمهم جلب محبة الناس، إنما غاية مناهم اكتساب ثقة المستبد فيهم بأنهم على شاكلته وأنصار لدولته، وبهذه يأمنهم ويأمنونه فيشاركهم ويشاركونه. "
200 " وإذا سأل سائل لماذا يبتلي الله عباده بالمستبدين؟ فأبلغ جواب مسكت هو: إن الله عادل مطلق لا يظلم أحدا، فلا يولي المستبد إلا على المستبدين. ولو نظر السائل نظرة الحكيم المدقق لوجد كل فرد من أسراء الاستبداد مستبدا في نفسه لو قدر لجعل زوجته وعائلته وعشيرته وقومه والبشر كلهم حتى وربه الذي خلقه تابعين لرأيه وأمره. "