Home > Author > Abd al-Rahman al-Kawakibi
121 " الاستبداد صفة للحكومة المطلقة العنان فعلاً أو حكماً ، التي تتصرف في شؤون الرعية كما تشاء بلا خشية حساب ولا عقاب محققين "
― Abd al-Rahman al-Kawakibi , طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد
122 " المستبد: يود أن تكون رعيته كالغنم دراً و طاعة، و كالكلاب تذللاً و تملقاً، و على الرعية أن تكون كالخيل إن خُدمت خَدمت، و إن ضُربت شرست، و عليها أن تكون كالصقور لا تُلاعب ولا يستأثر عليها بالصيد كله، خلافاً للكلاب التي لا فرق عندهم أطعمت أو حرمت حتى من العظم. نعم؛ على الرعية أن تعرف مقامها: هل خلقت خادمة لحاكمها، تطيعه إن عدل أو جار، و خلق هو ليحكمها كيف شاء بعدل أو أعتساف؟ أم هي جائت به ليخدمها لا يستخدمها؟ و الرعية العاقلة تقيد وحش الإستبداد بزمام تستميت دون بقائه في يدها؛ لتأمن من بطشه، فإن شمخ هزت به الزمام و إن صال ربطته. "
― Abd al-Rahman al-Kawakibi
123 " وينتج مما تقدّم أنّ بين الاستبداد والعلم حربًا دائمة وطرادًا مستمرًّا: يسعى العلماء في تنوير العقول ويجتهد المستبدّ في إطفاء نورها، والطّرفان يتجاذبان العوامّ. ومن هم العوامَ؟ هم أولئك الّذين إذا جهلوا خافوا، وإذا خافوا استسلموا، كما أنّهم هم الّذين متى علموا قالوا ومتى قالوا فعلوا. "
124 " العوامّ هم قوّة المستبدّ وقوْته، بهم عليهم يصول ويطول؛ يأسرهم، فيتهلّلون لشوكته؛ ويغصب أموالهم، فيحمدونه على إبقائه حياتهم؛ ويهينهم فيثنون على رفعته؛ ويُغري بعضهم على بعض، فيفتخرون بسياسته؛ وإذا أسرف في أموالهم، يقولون كريمًا؛ وإذا قتل منهم ولم يمثِّل، يعتبرونه رحيمًا؛ ويسوقهم إلى خطر الموت، فيطيعونه حذر التّوبيخ؛ وإن نقم عليه منهم بعض الأباة قاتلهم كأنّهم بغاة. "
125 " عسى أن بعرف الذين قضوا نحبهم انهم هم المتسببون لما حل بهم فلا يعتبون على الأغيار ولا على الأقدار إنما يعتبون على الجهل وفقد الهمم والتواكل ... وعسى الذين فيهم بقية رمق من الحياة يستدركون شأنهم قبل الممات "
126 " وقد يبلغ فعل الاستبداد بالأمة أن يحول ميلها الطبيعي من طلب الترقي إلى طلب التسفل ، بحيث لو دفعت إلى الرفعة لأبت وتألمت "
127 " لولا حلم الله لخسف الأرض بالعرب؛ حيث أرسل لهم رسولاً من أنفسهم أسس لهم أفضل حكومة أُسست في الناس، جعل قاعدتها قوله: "كلكم راع و كلكم مسؤول عن رعيته"؛ أي كل منكم سلطان عام و مسؤول عن الأمة. و هذه الجملة التي هي أسمى و أبلغ ما قاله مشرَّع سياسي من الأولين و الآخرين، فجاء من المنافقين من حرف المعنى عن ظاهره و عموميته؛ إلى أن المسلم راع على عائلته و مسؤول عنها فقط. "
128 " المستبد انسان مستعد بالطبع للشر وبالالجاء للخير فعلى الرعية أن تعرف ما هو الخير وما هو الشر فتلجيء حاكمها للخير رغم طبعه وقد يكفي للالجاء مجرد الطلب اذا علم الحاكم أن وراء القول فعلا ومن المعلوم أن مجرد الاستعداد للفعل فعل يكفي شر الاستعباد . "
129 " العوام هم قوة المستبد وقوته، بهم وعليهم يصول ويطول، يأسرهم فيتهللون لشوكته، ويغصب أموالهم فيحمدونه على إبقائه حياتهم، ويهينهم فيثنون على رفعته، ويغري بعضهم على بعض فيفتخرون بسياسته، وإذا أسرف في أموالهم يقولون: كريمًا، وإذا قتل ولم يمثل يعدونه رحيمًا، ويسوقهم إلى خطر الموت فيطيعونه خذر التوبيخ، وأن نقم عليهم منهم بعض الأباة قاتلوهم كأنهم بغاة. "
130 " لا يذل الله قط أمة عن قلة، إنما هو الجهل يسبب كل علّة "
131 " المستبد لا يخشى علوم اللغة، تلك العلوم التي بعضها يقوم اللسان و أكثرها هزل و هذيان يضيع به الزمان، نعم لا يخاف علم اللغة إذا لم يكن وراء اللسان حكمة حماس تعقد الألوية، أو سحر بيان يحل عقد الجيوش لأنه يعرف أنَ الزمان ضنين بأن تلد الأمهات كثيراً من أمثال الكميت و حسان أو مونتيسكيو و شيللار. "
132 " ليس من شأن الشرقي أن يسير مع الغربي في طريقٍ واحدة، فلا تطاوعه طباعه على استباحة ما يستحسنه الغربي، وإن تكلَّف تقليده في أمر فلا يُحسن التقليد، وإن أحسنه فلا يثبت، وإن ثبت فلا يعرف استثماره "
133 " ربما يستريب المطالع اللبيب الذي لم يُتعب فكره في درس طبيعة الاستبداد، من أنَّ الاستبداد المشؤوم كيف يقوم على قلب الحقائق، مع أنَّه إذا دقّق النظر يتجلى له أنَّ الاستبداد يقلب الحقائق في الأذهان. يرى أنَّه كم مكّن بعض القياصرة والملوك الأولين من التلاعب بالأديان تأييداً لاستبدادهم فاتَّبعهم الناس. ويرى أنَّ الناس وضعوا الحكومات لأجل خدمتهم، والاستبداد قلب الموضوع، فجعل الرعية خادمة للرعاة، فقبلوا وقنعوا. ويرى أنَّ الاستبداد ما ساقهم إليه من اعتقاد أنَّ طالب الحقِّ فاجرٌ، وتارك حقّه مطيع، والمشتكي المتظلِّم مفسد، والنّبيه المدقق ملحد، والخامل المسكين صالح أمين. وقد اتَّبع الناس الاستبداد في تسميته النصح فضولاً، والغيرة عداوة، والشّهامة عتوّاً، والحمية حماقة، والرحمة مرضاً، كما جاروه على اعتبار أنَّ النِّفاق سياسة، والتحيُّل كياسة، والدناءة لطف، والنذالة دماثة. "
134 " بناء عليه ما أبعد الاسراء عن النشاط للتربية ! ثم لماذا يتحملون مشاق التربية وهم ان نوروا أولادهم بالعلم جنوا عليهم بتقوية إحساسهم فيزيدونهم شقاءً , ويزيدونهم بلاءً , ولهذا لا غرو ان يختار الأسراء الذين فيهم بقية من الإدراك ترك أولادهم هملا تجرفهم البلاهة إلى حيث تشاء . "
135 " ومن الأمور المقررة أنه ما من حكومة عادلة تأمن المسئولية والمؤاخذة بسبب من أسباب غفلة الأمة أو إغفالها لها إلا وتسارع إلى التلبس بصفة الإستبداد وبعد أن تتمكن فيه لا تتركه "
136 " عن الدين الإسلامي يقول:فقد الأنصار والأبرار والحكماء الأخيار فسطا عليه المستبدون واتخذوه وسيلة لتفريق الكلمة وتقسيم الأمة شيعاًوجعلوه آلة لأهوائهم فضيعوه وضيّعوا اهله بالتفريع والتوسيع والتشديد والتشويش وإدخال ما ليس منه فيه "
137 " والمستبد إنسان مستعد بالفطرة للخير والشر. فعلى الرعية أن تكون مستعدة لأن تعرف ما هو الخير وما هو الشر. مستعدة لأن تقول لا أريد الشر. . مستعدة لأن تتبع القول بالعمل "
138 " المستبد عدو الحق عدو الحرية وقاتلها والحق ابو البشر والحرية امهم والعوام صبية ايتام نيام لا يعلمون شيئا والعلماء هم اخوتهم الراشدون ان ايقظوهم هبوا وان دعوهم لبو والا فيتصل نومهم بالموت "
139 " إن خوف المستبد من نقمة رعيته أكثر من خوفهم بأسه؛ لأن خوفه ينشأ عن علمه بما يستحقه منهم؛ و خوفهم ناشيء عن جهل؛ و خوفه على فقد حياته و سلطانه، و خوفهم على لقيمات من النبات و على وطن يألفون غيره في أيام؛ و خوفه على كل شيء تحت سماء ملكه، و خوفهم على حياة تعيسة فقط. "
140 " المتمجدون يريدون أن يخدعوا العامة، و ما يخدعون غير نسائهم اللاتي يتفحفحن بين عجائز الحي بأنهم كبار العقول؛ كبار النفوس أحرار في شؤونهم لا يزاح لهم نقاب، ولا تُصفع منهم رقاب، فيحوجهم هذا المظهر الكاذب لتحمُّل الإساءات و الإهانات التي تقع عليهم من قِبَل المستبد، بل تحوجهم للحرص على كتمها، بل على إظهار عكسها، بل على مقاومة من يدعي خلافها، بل على تغليظ أفكار النّاس في حق المستبد و إبعادهم عن أعتقاد أنَّ من شأنه الظلم.و هكذا يكون المتمجدين أعداء للعدل أنصاراً للجور، لا دين ولا وجدان ولا شرف ولا رحمة، و هذا ما يقصده المستبد من إيجادهم و الإكثار منهم ليتمكن بواسطتهم من أن يغرر الأمة على إضرار نفسها تحت أسم منفعتها، فيسوقها مثلاً لحرب إقتضاها محض التجبر و العدوان على الجيران، فيوهمها أنه يريد نصرة الدين، أو يسرف بالملايينمن أموال الأمة في ملذاته و تأييد استبداده باسم حفظ شرف الأمة و أبهة المملكة، أو يستخدم الأمة في التنكيل بأعداء ظلمة باسم أنهم أعداء لها، أو يتصرَّف في حقوق المملكة و الأمة كما يشاؤه هواه باسم أنَّ ذلك من مقتضى الحكمة و السياسة. "