Home > Work > اللاهوت العربي وأصول العنف الديني
21 " ابن النفيس : و أما نُصرةُ الحقِّ و إعلاءُ مناره، و خذلانُ الباطل و طَمسُ اّثاره؛ فأمرٌ قد التزمناه في كل فَنٍّ "
― , اللاهوت العربي وأصول العنف الديني
22 " حفلت النصوص الدينية المقدسة, في أواخر العهد القديم بنعي عميق للزمان الرديء, وبتنبيهات حازمة إلى هؤلاء الذين يزعمون في أنفسهم كل حين, أنهم البطل المخلص.* "
23 " لا يمكن للسياسة أن تضبط الجماعة إلا بضبط الفرد, ومن الجهة المقابلة لا يمكن للفرد أن يؤسس يقينه الديني الخاص, إلا انطلاقًا من مخزون القداسة التي تنبع من المجتمع, وتعد الجماعة مصدرها الأول .* "
24 " فقد مضت السنون والحال في البلاد متقلب المزاج بين السلطة السياسية واليلطة الدينية وجرى دم كثير ومات خلق لا حصر لهم باسم الدين الحق "
25 " عام 361م ثار الاسكندرانيون ضد أسقف مدينتهم جورجيوس الكبادوكى، الذى أرسلته العاصمة الإمبراطورية، ليكون أسقفاً للإسكندرية ومصر. ثاروا عليه واعترضوه فى واحد من شوارع الإسكندرية، فقتلوه فى وضح النهار وقطعوا جثته بالسواطير؛ لأنهم رأوا أن هذا الأسقف يميل إلى الأفكار الآريوسية. "
26 " وهي بالطبع مثل بقية النصوص الدينية ليست مقدسة بذاتها وإنما باعتقاد الذين يقدسونها "
27 " حين انحاز مسيحو الحيرة وهم من العرب، إلى جانب الفرس! وحاربوا الفاتح المسلم خالد بن الوليد؛ أمر بعد الانتصار عليهم بضرب أعناق أسراهم جميعاً. يقول الطبرى: فجرى دمهم عبيطاً، فسمى الموضع: نهر الدم. (تاريخ الرسل والملوك 3/356 - الطبري). "
28 " ها هنا نقطة دقيقة قلما انتبه إليها الدارسون والمؤرخون، بل لم أجد واحداً قد نبه إليها، على الرغم من أهميتها. وهى ارتباط الاتجاهات المسماة هرطوقية، بالعمل العلمى! وقد لفت نظرى إلى ذلك الارتباط، عبارةٌ عابرة ساقها يوسابيوس القيصرى، فى معرض كلامه عن أهل البدع والهرطقة، قال: ولأنهم من الأرض؛ ومن الأرض يتكلمون؛ ولأنهم يجهلون الآتى من فوق، فقد تركوا كتابات الله المقدسة، ليتفرغوا لعلم الهندسة(مقاييس الأرض) فبعضهم أجهد نفسه ليقيس أُقليدس(كتاب الجغرافيا) والبعض أُعجب بأرسطو الفيلسوف وتلميذه ثيوفراستوس، بل لعل البعض قد عبد جالينوس (الطبيب) فإن كان الذين يستعينون بفنون غير المؤمنين فى آرائهم الهرطوقية، وفى تحريف بساطة الإيمان بالأسفار الإلهية، قد ابتعدوا عن الإيمان، فماذا يلزمنا أن نقول؟ وقد وضعوا أيديهم بجرأةٍ على الأسفار الإلهية، زاعمين بأنهم قد صحَّحوها. (يوسابيوس: تاريخ الكنيسة، ص 242) "
29 " وقد انقلبت في التوراة منظومة القيم الإنسانية فصار القتل مباحا ما دام يتم باسم الرب، وصار الزنا بالمحارم جائز الاقتراف أو وارد الوقوع حتى في حق الأنبياء! مثلما نرى في قصة النبي لوط، الذى زنى مع ابنتيه بعدما أسكرتاه،فكان نتاج هذا الزنا أن أنجبت إحداهما جَدَّ قبيلة العمونيين، وأنجبت الأخرى جَدَّ المؤابيين. "
30 " والصورة التوراتية للآباء الأوائل والأنبياء ورجال الله، مفزعة. فهم فى القصص التوراتى على الرغم من أنهم الأخيار المختارون، لا يتورعون عن الإتيان بأفعال مهولة، من مثل: معصية الخالق «آدم» أو استخدام الزوجة للحصول على المال «إبراهيم» أو السكر والزنا بالمحارم «لوط مع ابنتيه» أو التنكر للجميل «إبراهيم مع أبيمالك» أو السرقة ونهب الجيران والقتل «موسى» أو الإمعان فى إبادة الناس «يوشع بن نون» أو الاستيلاء على النساء بقتل أزواجهن ظلما، بعد الزنا بهن «داود» أو قتل الإخوة للانفراد بالحكم «سليمان».. ناهيك عن تبجح القتلة، وحماية الله لهم، حسبما ورد فى حكاية قايين «قابيل» ولامك، فالأول منهما قتل أخاه «هابيل» وتبجح حين سأله الله عن أخيه المقتول، ثم أعطاه الله وعدا «عهدا» بأن من يقتله سيقتل الله منه سبعة! والآخر الذى اسمه فى التوراة: لامك، قتل رجلا فحماه الله وتوعد من يقتله، بأن يقتل منه سبعين! سبعين إنسانا فى مقابل إنسان يهودى واحد.. وقد رفع اليهود المعاصرون، مؤخرا هذه النسبة غير المتناسبة، فصاروا إذا قتل منهم العرب واحدا، يقتلون منهم مائة شخص أو أكثر. "
31 " هناك شكوك كثيرة أراها دور بقوة حول صحة هذه الرسائل (النبوية) خاصةً تلك التى يُقال إنها أُرسلت إلى المقوقس وهرقل .. فالأختام والخطوط غير متطابقة، والمقوقس نفسه لم يكن قد جاء لمصر أصلاً، فى السنة التى تذكر فيها المصادر التاريخية الإسلامية، وكتب التاريخ المدرسى بالبلاد العربية كلها؛ أن الرسالة أُرسلت فيها! وهى السنة السابعة للهجرة. "
32 " والرؤية العامة المنهجية التي انطلق منها في هذا الكتاب تتلخص في المحاولة الدؤوب للتجرد من الميول والاعتقادات الدينية والمذهبية، سعيا للوصول الى الموضوعية اللازمة لتفسير الظواهر الدينية، واقتران التدين بالنف والتخلف عن الإنسانية التي تجمع الناس، أو المفترض فيها أن تجمع الناس. وهذا التجرد أمر ليس بالهيّن، فنحن دوما نفكر عبر اللغة واللغة مشبَعة بالدلالات الدينية، والدلالة الدينية عميقة في تراثنا وغائرة .. ولذا، فمن العسير أن تصل الى تلك الدرجة من التجرّد أو التجريد العقائيدي اللازمين لأي عملية فهم عميق للماضي، وللحاضر أيضا "
― يوسف زيدان , اللاهوت العربي وأصول العنف الديني
33 " في حالة (التزامن) والمعاصرة بين الدوائر التراثية المتداخلة، فإنه لا يشترط بالضرورة أن يؤثّر الأقدم زمنا في الأحدث منه أو بالتالي عليه. فأحيانا يحدث العكس، فيؤثر اللاحق في السابق حين يتعاصران. والأمثلة الدالة على بداهة هذه الفرضية عديدة،منها ما يصل من القوة بحيث يمسّ جوهر الديانة اليهودية عقائديا. أعني استكمال المنظومة اليهودية لذاتها، اعتمادا على الديانتين التاليتين عليها (المسيحية والاسلام) بإدخال فكرة البعث أو القيامة وما يتعلق بها من الأخرويات، وهو ما خلت منه النصوص اليهودية المبكرة (التوراة، أسفار الأنبياء الكبار) وتم إدخاله في النصوص اليهودية المتأخرة كالمشناة (المثناة) والجمارا، وهما يؤلّفان معا التلمود. ومن هنا صارت عقيدة البعث جزءا رئيسيا من الديانة اليهودية، وهو جزءُ رئيس تأخرت إضافته قرابة سبعة قرون "
34 " ونادرا ما تستخدم كلمة هرطقة في التراث الإسلامي على الرغم من شيوعها في التراث اليهودي والمسيحي، فقد ناب عنها مفردات أخرى عربية مثل: بدعة، إلحاد، كفر، زندقة .. وكلمة زندقة ذات أصل فارسي، وقد ارتبطت في أول الأمر بأصحاب الديانة الزرادشتية، حيث اشتُقت لفظا من عنوان كتابهم المقدس (زنده فستا) "
35 " وكانت الكنائس الكبرى في العالم، قبل ظهور الإسلام وقبل الإنشقاق الأعظم الذي حدث سنة 1054 ميلادية، تسمّي نفسها جميعا بالكنيسة الكاثوليكية، أي الجامعة. ثم استقلت الكنائس الغربية، أي الأوروبية (اللاتينية) بصفة الكاثوليكية، بينما انفردت الكنائس القديمة (اليونانية، السريانية) بصفة الأرثوذكسية. وقد لعبت الخلافات المذهبية ومن بعدها الحروب الصليبية دورا كبيرا في افتراق الكاثوليك عن الارثوذكس، وصار هؤلاء لأولئك أعداء ألداء، بل وقعت بينهما حروب إبادة! "
36 " فالتوحيد إذن ليس هو الموحد بين اليهودية و المسيحية و الإسلام خاصة أن هؤلاء الموحدين المشهورين , من اليهود و المسيحيين و المسلمين , سلكوا في (التوحيد) مذاهب شتى , حظيت بموافقة البعض منهم و رفضها الاخرون , حتى داخل إطار كل ديانة على حدة , و لذلك اختلفت المذاهب و تعددت الفرق الدينية في الديانات الثلاث حتى صار الإختلاف (المذهبي ) في الديانة الواحدة أعمق و " أبعد " أثراً من الإختلاف بين " ديانتين " . "
37 " إن هذا الكتاب وُضع بشكل عام للمهتمين بالدين والسياسة، وبشكل أعم للقارىء الواعي المنشغل بارتباط الدين بالعنف وبالسياسة. شريطة أن يكون القارىء غير كسول وغير معتاد على تلقي الإجابات الجاهزة عن الأسئلة النمطية "
38 " عد بعضهم ( علم مقارنة الأديان ) علمًا إسلاميًا أصيلًا, اختفى عن المسلمين حينًا من الزمان, ثم عاد إليهم في العصر الحديث .* "
39 " و من هُنا نقول أن كل دين , مهما كان, هو سماوي في نظر مُعتنقيه "
40 " اننا على المستوى الجمعي العام، أدمنّا على الوجبات العقائدية الجاهزة، التي تقدّم عندنا في الأزهر الشريف، وعند المسيحيين في الكليات الإكليريكية، وكلها أصلا معاقل ديانة. ولا أدري كيف يمكن لهؤلاء المشايخ أو أولئك القسوس، أن يقارنوا بموضوعية بين ديانة يدينون بها، وديانة يُدينونها مسبقا. "