41
" يقول أحمد عباس صالح في كتاب (اليمين واليسار في الإسلام):
"حين يحكم السيف تضيع الكرامة ويستسلم الناس ويستدعون من أنفسهم كل الكوامن الخبيثة ليعايشوا السلطة القاهرة بأسلحة من طباعها, وفي بعض فترات التاريخ يبدو الواقع حادا شديد الحدة, فيخيل للإنسان الذي يعايش هذا الواقع أن كل ما قرأه عن القيم الخيرة والنزوع البشري إلى الخير إن هو إلا أوهام كتّاب حالمين لم يصطدموا بالواقع. فعند احتدام هذا الواقع لا يستطيع الإنسان أن يميز بين الخطأ والصواب, وحين ينتصر الباطل في أفضح صوره في موقعة إثر موقعة ويكتسح الحكم الإرهابي أمامه كل العقبات يحدث ما يشبه الوباء العام, وتصبح غالبية الناس جبناء وانتهازين وقتلة ومجرمين, حتى يصعب تصديق أن الطبيعة البشرية تحتوي على أي إحساس يمت للخير بصلة. إن نفوس الناس تنهار واحدة إثر الأخرى, والعدوى تنتقل انتقال الوباء المستشري, وتفقد البشرية إحساسها بالكرامة وكأنها هي تحكم على نفسها بالانحطاط إلى أبعد مدى تعاقب نفسها بما ترتكبه من آثام. وليست المسألة بعد ذلك صراعا بين قوى ظالمة وقوى مظلومة, إنما هي في الواقع صراع بين القيم الإنسانية العليا والقيم السفلى, ومهما تلبس القوى من أردية المنطق والعدالة والسياسة فإنها في الواقع تنخر في صميم الكيان البشري وتوشك أن تودي بهذا الكيان إلى الفناء". "
― ممدوح عدوان , حيونة الإنسان
44
" والجلاد إذا يرى في الضحية - الخصم اذى للبشر لأنه عدو للبشر أو أنه من غير البشر. ولم تكن النظرة العرقية, في البدء, تجعل الجلادين يحسون بأنهم يؤذون بشرا, بل هم يخلصون البشرية من انصاف البشر الضارين (فالنصف الآخر في كل منهم شرير وحقير وغير إنساني ومؤذ للإنسانية) أو هم يروضون أنصاف البشر هؤلاء, كما يروضون الجياد والبغال والحمير, لكي يصبحوا صالحين لخدمة "البشر الأسوياء".
وتزداد هذه النظرة إلى الخصم عمقا واتساعا, فلا يكتفي الجلاد, والجلاد هنا ليس فقط ذلك الذي يمارس التعذيب, بل هو الذي يقوده ويوجهه, بأن يرى الخصم حيوانا, بل يرى الطرف الأخر كله (القبيلة الاخرى كلها , الحزب الآخر, الشعب الآخر, القومية الأخرى) حيوانات. ومن هذه النظرة الفوقية الاحتقارية للآخرين تتولد نظرية الامتياز العرقي (الامتياز القومي وشعب الله المختار). "
― ممدوح عدوان , حيونة الإنسان