Home > Work > خوارق اللاشعور
81 " غريب أمر هذه الأمة، فالفرد فيها مزدوج الشخصية والمجتمع منشق الضمير ... "
― علي الوردي Ali Al-Wardi , خوارق اللاشعور
82 " إن عيب التفكير المنطقي إنه يعتمد على مقدمات مألوفه و معلومات سابقة. و لذا فهو لا يستطيع أن يستشف ما وراء الزمان و المكان من حوادث جديده. أما حوافز النفس الآنيه فهي تنبثق من اغوار العقل الباطن. "
83 " إن البراهين كما اسلفنا أمور اعتبارية وهي تتغير بتغير الأزمان ، فالبرهان الذي نقبله اليوم ربما بدا لنا سخيفاً غداً. لقد كان القدماء يعتقدون أن الإنسان حيوان عاقل والواقع أنه حيوان متحذلق فهو متععاقل لا عاقل يتظاهر بالتعقل وهو في الحقيقة مجنون إن الإنسان يسير بوحي العقل الباطن أولاً ثم يأتي العقل الظاهر أخيراً لكي يبرر ما فعل ويبهرجه ويطليه أمام الناس بالمظهر المقبول. من عرف نفسه فقد عرف ربه إن كل حركة اجتماعية جديدة تعتبر في بداية أمرها زندقة أو تفرقة أو جنوناً ، فإذا نجح أصحابها في دعوتهم اصبحوا أبطالاً خالدين إن التاريخ سار على هذا المنوال في جميع العصور لافرق في ذلك بين العصور الذهبية منها والفحمية "
84 " ونحن اليوم لا يجوز لنا أن نتعصب لرأيٍ من الآراء مهما بدا هذا الرأي قوياً أو مؤيداً بالبراهين العلمية. إن البراهين كما أسلفنا أمور اعتبارية وهي تتغير بتغير الأزمان. فالبرهان الذي نقبله اليوم ربما بدا سخيفاً غداً. ص 28 "
85 " •والدين الإسلامي قد اصطبغ بصبغة المشقة في معظم شعائره. لقد قال النبي محمد : (جئتكم بالشريعة السمحاء ) ولكن أتباعه نسوا هذا وجعلوا دينه من أصعب الأديان وأكثرها تعباً ومكابدةً ومشقة. فقد جعلوا الطقوس الدينية دقيقة التفاصيل معقدة الأجزاء وهم لا يزالون يتباحثون ويتجادلون لكي يضعوا ضغثاً على هذا. وقد أمسى المسلم الذي يريد أن يقوم بالطقوس الدينية حسب الأصول مضطراً أن يترك أعماله لكي يستطيع أن يتفرغ لأفانين الوضوء والطهارة وشرائط الصوم والصلاة.إن العبادة الحقة تنفع الفرد نفسياً. فهي تبعث الثقة والطمأنينة في قلب الإنسان وتجعله متفائلاً يسير في الحياة وهو معتقد بأن هناك رباً يرعاه ويعينه على حل المشاكل. هذا ولكن رجال الدين عندنا قلّلوا من هذه المنفعة النفسية التي يجنيها الفرد من العبادة حين جعلوها محفوفة بالفروض والشروط الدقيقة. فالعابد الذي يعبد الله على هذا المنوال لا يستطيع أن يتفرغ بقلبه لدعاء ربه واستمداد العون منه، ذلك لأنه يكون أثناء العبادة مشغولاً بأداء التفاصيل المعقدة إذ هو يخشى أن يفوته منها شيء. ص 131 "
86 " •إن الإبداع الفكري يحتاج كما لا يخفى، إلى أن يمر في مرحلتين هما مرحلة الخزن ومرحلة الاجترار. وبعبارة أخرى أن كل مبدع أو مفكر يحتاج في أول الأمر إلى عمل دائب حيث يجمع به المعلومات اللازمة فيخزنها في عقله الباطن لتختمر فيه وتنضج. وهذه هي ما نسميها بمرحلة الخزن. فإذا اجتاز المفكر هذه المرحلة، لجأ إلى المرحلة الثانية وهي مرحلة الاجترار حيث تراه قد جلس بعيداً, كالبقرة التي تجتر ما خزنت في كرشها من طعام غير مهضوم، وأخذ يسبح سادراً في خيالات تشبه أحلام اليقظة. إنه يترك عقله الباطن آنذاك هائماً في خيالاته كما يشاء. وحينئذٍ تنبعث لديه معظم أفكار الإبداع والابتكار والاختراع. يقول باستير : ( لا ينال قوة العارضة وإشراق البديهة إلا من صبر واستعد زماناً طويلاً لتلقي أشعتها ). ص 137 "
87 " الانسان يملك نفساً معقدة فيها كثير من الرغبات المكبوتة والعواطف المشبوبة والاتجاهات الدفينة. ففكره إذن مقيد بهذه القيود النفسية التي لا يجد عنها محيصاً إلا نادراً. والانسان قد يدعي أنه يفكر تفكيراً حراً لا تحيز فيه ولا تعصب، وهو صادق أحياناً في ما يقول لأنه لا يعلم ماذا كمن في عقله الباطن من عقد وعواطف خفية "
88 " لو درسنا شخصية كل من الناجحين العظام لوجدناها غريبة الأطوار. فهي لا تأخذ قالباً معيناً فتظل فيه زمناً طويلاً. كل يوم هي في شأن. وهنا يظهر امتياز الناجح العظيم عن الرجل العادي. فالرجل العادي له شخصية متحجرة لا تتغير ولا تتبدل إلا نادراً. فأنت تستطيع أن تعرفه بسيماه كل حين. أما الرجل العظيم فتراه جياشاً لا يقر له قرار؛ فتارة تجده بارداً لا يكترث وتارة تجده جباراً وثاباً يضرب الضربة فلا يثنيها. وهو حكيم أحياناً خرافي أحياناً أخرى، عاقل مرة مجنون أخرى. مؤمن في بعض أوقاته، مشكك في أوقاته الباقية. "
89 " •إن الوهم والحقيقة في تصارع مرير منذ خلق الإنسان. والإنسان لم يفضّل الوهم على الحقيقة في بعض الأحيان عبثاً. إنه وجد في الوهم فائدةً كبيرة واتخذ منه سلاحاً ماضياً كافح به ملمات الحياة.إن الإنسان قد يطلب الحقيقة أحياناً ولكنه لا يستطيع أن يعثر عليها. وهو مضطر إذاً أن يخلق بأوهامه حقيقة خاصة به تعينه على حل مشاكل الحياة. ص 199 "
90 " إن ابن خلدون لم يقدره أحد التقدير اللائق به في البلاد الإسلامية. ولولا ظهور بعض المعجبين له في بلاد الغرب أخيرًا لما التفت إلى أفكاره أحد. فبعدما رأينا بعض كبار الغربيين يمجدونه مجّدناه معهم تقليدًا. ولا يزال كثير منا يقدرون ابن خلدون من غير أن يقرأوا مقدمته الرائعة. ولو قرأوها لنفروا منها في باطن عقولهم ثم استحسنوها في الظاهر اتباعًا لما سمعوا عنها في الغرب من مدح كثير. "
91 " إن واقع الحياة أقوى من أية خظة يضعها عقل محدود. "
92 " أما الفاشل فنحن نميل عادة إلى احتقاره وذمّ أعماله. وهو كلما أقسم لنا بأغلظ الإيمان على أنه أراد وسعى وكافح ولكن التوفيق خانه استهزأنا به وبصقنا عليه وأهملنا أقواله. وهكذا تضيع علينا وجهة نظر هامة كان الأجدر بنا أن نهتم بها وننتفع بما فيها من عبرة. "
93 " الإرادة والإلهام لايجتمعان فكلّما اشتدت ارادتك قل الهامك. فأنت لا تنجح في استثمار العقل الباطن إلا حين تكون منهمكاً في أمر لاتريد منه غرضاً مؤقتاً ولا تبتغي شهرة أو مالاً أو نفوذاً. "
94 " إن التقصّد والتعمّل والتكلّف والتعجّب أمور مناقضة لحوافز اللا شعور . "
95 " لقد كان مفكرو الأزمان القديمة إذا رأوا شيئًا متحركًا سألوا عن سبب حركته . أنا مفكرو هذا الزمان فهم على العكس من ذلك لا يسألون إلّا إذا رأوا شيئا ساكنا "
96 " إننا يمكننا تشبيه العقل البشري بجبل الجليد الطافي في البحار القطبية لا يظهر منه إلا جزء صغير فوق سطح الماء أما الجزء الأكبر فقد انغمس في الماء لا يُرى منه شيئاً. إن أغلب حركات الإنسان وسكناته يسيرها ذلك الجزء المنغمس من العقل. وليس العقل الظاهر إذن إلا اخدوعة، الغرض منها التضليل والتمويه و وضع الطلاء والزخرفة على حقائق الأشياء. ص 33 "
97 " ان المجتمع المتمدن يستند في بناء حضارته المعقدة على تنوع الاختصاص وتقسيم العمل.وليس من المجدي في هذا المجتمع ان يحرض الاباء ابنائهم على تقليد الغير "
98 " إن حضارتنا الشرقية فيها كثير من العوامل التي تؤدي الى كبت الرغبات وتنمية العقد النفسية في الفرد. وهذه العوامل تكون على أشدها، كمالا يخفى، بين فقرائنا وذوي العاهات والأمراض منا. إن مجتمعنا اللئيم يخلق أسباب الفقر والعاهة من جهة، ثم يحتقر المصابين بهما من الجهة الأخرى. وبذا ينمي فيهم عقداً نفسية لا خلاص منها. "
99 " إن مشكلة النزاع البشري هي مشكلة المعايير والمناظير قبل أن تكون مشكلة الحق والباطل . وما كان الناس يحسبون أنه نزاع بين حق وباطل هو الواقع بين حق وحق آخر "
100 " •كلما قلت معلومات الشخص وضحلت ثقافته اتجه إلى المصطلحات الغامضة يتفيقه بها في كل مجلس ويقذف بها في كل مكان. ص 218 "