Home > Work > الفتوحات المكية
1 " دخلتُ يوماً بقرطبةَ على قاضيها أبى الوليد بن رشد ، وكان يرغب فى لقائى لما سمع وبلغه ما فتح الله به علىَّ فى خلوتى ، فكان يُظهر التعجُّبَ مما سمع . فبعثنى والدى إليه فى حاجةٍ ، قصداً منه حتى يجتمع بى ، فإنَّه كان من أصدقائه ، وأنا (آنذاك) صبىٌّ ما بقل وجهى ولا طرَّ شاربى . فعندما دخلت عليه ، قام من مكانه إلىَّ محبَّةً وإعظاماً ، فعانقنى وقال لى : نعم ! قلت له : نعم ! فزاد فرحه بى لفهمى عنه ، ثم استشعرتُ بما أفرحه ، فقلت : لا ! فانقبض وتغير لونه وشك فيما عنده . وقال لى : كيف وجدتم الأمرَ فى الكشف والفيض الإلهى ، هل هو ما أعطاه لنا النظر ؟ قلت : نعم ولا ، وبين نعم ولا تطيرُ الأرواحُ من موادِّها والأعناق من أجسادها ! فاصفرَّ لونُه وأخذه الأفكل وقعد يحوقل وقال: هذه حالة أثبتناها وما رأينا لها أربابا. "
― Ibn Arabi , الفتوحات المكية
2 " لوعلمته لم يكن هو ،ولو جهلك لم تكن أنت :فبعلمه أوجدك ،وبعجزك عبدته !فهو هو لِهُوَ : لا لَكَوأنت أنت : لأنَت ولَهُ !فأنت مرتبطٌ به ،ماهو مرتبطٌ بك .الدائرة مطلقةًمرتبطةٌ بالنقطة .النقطة مطلقةًليست مرتبطة بالدائرةنقطةُ الدائرة مرتبطةٌ بالدائرة .. "
3 " حقيقتي همت بها وما رآها بصري "
4 " والشرائع كلها أنوار وشرع محمد صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم بين هذه الأنوار كنور الشمس بين أنوار الكواكب فإذا ظهرت الشمس خفيت أنوار الكواكب واندرجت أنوارها في نور الشمس فكان خفاؤها نظير ما نسخ من الشرائع بشرعه صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم مع وجود أعيانها كما يتحقق وجود أنوار الكواكب ولهذا ألزمنا في شرعنا العام أن نؤمن بجميع الرسل وجميع شرائعهم أنها حق فلم ترجع بالنسخ باطلا ذلك ظن الذين جهلوا فرجعت الطرق كلها ناظرة إلى طريق النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم فلو كانت الرسل في زمانه لتبعوه كما تبعت شرائعهم شرعه فإنه أوتي جوامع الكلمالْبَاب 339 "
5 " وقد ذكر لنا في التاريخ المتقدم أن تاريخ أهرام مصر بنيت و النسر في الأسد و هو اليوم عندنا في الجدي فاعمل حساب ذلك تقرب من علم تاريخ الأهرام :فلم يدر بانيها و لم يدر أمرها *** على أن بانيها من الناس بالقطع390باب "
6 " اعلم أنّ من الخيانة لرسول الله الخيانةُ لأهل بيته فيما سألك فيه من المودّة لهم. وحبُّ آل البيت لا يتبعّضُ، فإنّ مَن كره أحدًا من أهل بيته فقد كره رسول الله صلى الله عليه وسلّم. "
7 " مهما برزَ في ميدانِ المجادلة بِدْعِيٌّ، برزَ له أشعريٌّ(الفتوحات، ج1/ ص 157) "
8 " واعلم أن البهائم وإن كانت مسخرة مذللة من الله للإنسان فلا تغفل عن كونك مسخرا لها بما تقوم به من النظر في مصالحها في سقيها وعلفها وما يصلح لها من تنظيف أماكنها ومباشرة القاذورات والأزبال من أجلها ووقايتها من الحر والبرد المؤذيات لها فهذا وأمثاله من كون الحق سخرك لها وجعل في نفسك الحاجة إليها فإنها التي تحمل أثقالك إلى بلد لم تكن تبلغه إلا بنصف ذاتك وهو شق الأنفس أي ما كنت تصل إليه إلا بالوهم والتخيل لا بالحس إلا بوساطة هذه المراكب فلا فضل لك عليها بالتسخير فإن الله أحوجك إليها أكثر مما أحوجها إليك ألا ترى إلى غضب رسول الله ص حين سئل عن ضالة الإبل كيف قال ما لك ولها معها حذاؤها وسقاؤها ترد الماء وتأكل الشجر حتى يجدها ربها فما جعل لها إليك حاجة وجعل فيك الحاجة إليها وجميع البهائم تفر منك ممن لها آلة الفرار وما هذا إلا لاستغنائها عنك وما جبلت عليه من العلم بأنك ضار لها ثم طلبك لها وبذل مجهودك في تحصيل شئ منها دليل على افتقارك إليها فبالله من تكون البهائم أغنى منه كيف يحصل في نفسه أنه أفضل منها صدق القائل ما هلك امرؤ عرف قدره"الفتوحات المكية ج ٣ ص٤٩٠ "
9 " وقد كان شيخنا صالح البربري بإشبيلية قد قال لي يا ولدي إياك أن تذوق الخل بعد العسل فعلمت مراده "
10 " بل عندنا من سوء الأدب مع الله أن لا يسأل العبدُ رفع البلاء عنه، لأن فيه رائحةً من مقاومة القهر الإلهي بما يجده من الصبر وقوته، قال العارف: إنما جوّعَني لأبكي ، فالعارف و إن وجد القوة الصبريّة فليفرَّ إلى موطن الضعف و العبودية وحسن الأدب، فإن القوةَ لله جميعاً، فيسأل ربَّه رفعَ البلاء عنه، أو عصمته منه أن توهَّم وقوعه، وهذا لا يناقض الرضاء بالقضاء، فإن البلاء إنما هو عين المقضي لا القضاء، فيرضى بالقضاء و يسأل الله في رفع المقضي عنه، فيكون راضيا صابرا فهؤلاء أيضا هم الصابرون الذين أثنى الله عليهم "
11 " و لسنا من أهل التقليد بحمد الله، بل الأمر عندنا كما آمنا به من عند ربنا شهدناه عياناً "
12 " فكل من ادعى من أهل الطريق أنه خرج عن الأسماء الإلهية فما عنده علم بما هي الأسماء و لا يعلم ما معنى الأسماء و كيف يخرج عن إنسانيته الإنسان أو عن ملكيته الملك و لو صح هذا انقلبت الحقائق و خرج الإله عن كونه إلها و صار الحق خلقا و الخلق حقا و ما وثق أحد بعلم و صار الواجب ممكنا و محالا و المحال واجبا و انفسد النظام فلا سبيل إلى قلب الحقائق و إنما يرى الناظر الأمور العرضية تعرض للشخص الواحد و تنتقل عليه الحالات و يتقلب فيها فيتخيل أنه قد خرج عنها و كيف يخرج عنها و هي تصرفه و كل حال ما هو عين الآخر فطرأ التلبيس من جهله بالصفة المميزة لكل حال عن صاحبه "
13 " و طائفة أخرى من الشيوخ أصحاب أحوال عندهم تبديد ليس لهم في الظاهر ذلك التحفظ تسلم لهم أحوالهم و لا يصحبون و لو ظهر عليهم من خرق العوائد ما عسى إن يظهر لا يعول عليه مع وجود سوء أدب مع الشرع فإنه لا طريق لناإلى الله إلا ما شرعه فمن قال بأن ثم طريقاإلى الله خلاف ما شرع فقوله زور فلا يقتدى بشيخ لا أدب له و إن كان صادقا في حاله ولكن يحترمباب 181 "
14 " [ياأيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد]و هذه طريقة أغفلها أهل طريقنا و رأوا أن الغنى بالله تعالى من أعظم المراتب و حجبهم ذلك عن التحقيق بالتنبيه على الفقر إلى الله الذي هو صفتهم الحقيقية فجعلوها في الغنى بالله بحكم التضمين لمحبتهم في الغنى الذي هو خروج عن صفتهم و الرجل إنما هو من عرف قدره و تحقق بصفته و لم يخرج عن موطنه و أبقى على نفسه خلعة ربه و لقبه و اسمه الذي لقبه به و سماه فقال أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى الله وَ الله هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ فلرعونة النفس و جهالتها أرادت أن تشارك ربها في اسم الغني فرأت أن تتسمى بالغنى بالله و تتصف به حتى ينطلق عليها اسم الغني و تخرج عن اسم الفقير فانظر ما بين الرجلين و ما رأيت أحدا من أهل طريقنا أشار إلى ما ذكرناه أصلا من غوائل النفوس المبطونة فيها إلا الله تعالى فهو الذي نبه عباده عليها و بعد هذا فما سمعوا و تعاموا و كم جهدت أن أرى لأحد في ذلك تنبيها عليه فما وجدت و أسأل من الله تعالى أن لا يجعلنا ممن انفرد بها و أن يشاركنا فيها إخواننا من العارفين "
15 " حضرت في مجلس فيه جماعة من العارفين فسأل بعضُهم بعضًا: من أي مقام سأل موسى الرؤية؟ فقال له الآخر: من مقام الشوق، فقلت له: لا تفعل؛ أصل الطريق أن نهايات الأولياء بدايات الأنبياء، فلا ذوق للولي في حال من أحوال أنبياء الشرائع، فلا ذوق لهم فيه، و من أصولنا أنّا لا نتكلم إلا عن ذوق، و نحن لسنا برسل و لا أنبياء شريعة، فبأي شيء نعرف من أي مقام سأل موسى الرؤية ربه؟!! نعم، لو سألها ولي أمكنك الجواب ، فإن في الإمكان أن يكون لك ذلك الذوق ، و قد علمنا من باب الذوق أن ذوق مقام الرسل لغير الرسل ممنوع، فالتحق وجوده بالمحال العقلي؛ لأن الذات لا تقتضي إلا هذا الترتيب الخاص. "
16 " قال تعالى في حق السموات و الأرض (ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) و كذلك قال (فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها ) ،وذلك لما كان عَرْضاً، وأما لو كان أمراً لأطاعوا و حملوها، فإنه لا تُتَصوّر منهم معصية، جُبِلوا على ذلك، والجِنّ الناري والإنس ما جُبلا على ذلك، وكذلك مِن الإنس أصحابُ الأفكار من أهل النظر والأدلة المقصورة على الحواس والضرورات و البديهيات يقولون: لا بد أن يكون المكَلَّف عاقلاً، بحيث يَفهم ما يُخاطَب به. وصَدَقوا ،وكذلك هو الأمرُ عندنا، العالَمُ كُلُّه عاقلٌ حيٌ ناطقٌ من جهة الكشف بخرق العادة التي الناس عليها، أعني حصول العلم بهذا عندنا، غير أنّهم قالوا هذا جمادٌ لا يعقِل ، ووقفوا عند ما أعطاهم بصرُهم، و الأمر عندنا بخلاف ذلك ، فإذا جاء عن نبيٍّ أنَّ حَجَراً كلّمَهُ، أو كتف شاةٍ، أو جذع نخلة، أو بهيمة، يقولون: خلقَ اللهُ فيه الحياةَ والعلمَ في ذلك الوقت. و الأمر عندنا ليس كذلك، بل سرُّ الحياة في جميع العالَم، وأنَّ كلَّ من يسمع المؤذِّنَ من رطِبٍ و يابسٍ يَشهَدُ له ، و لا يشهد إلا من عَلِمَ، هذا عن كشفٍ عندنا، لا عن استنباط من نظر بما يقتضيه ظاهر خبر، ولا غير ذلك، و من أراد أن يقف عليه فليسلك طريق الرجال، و ليلزم الخَلوة و الذّكرَ، فإن الله سيُطلعُهُ على هذا كله عينا ، فيعلم إن الناس في عماية عن إدراك هذه الحقائق "
17 " فنجاة النفس في الشرع فلا ... تك إنساناً رأى ثم حرمواعتصم بالشرع في الكشف فقد ... فاز بالخير عبيد قد عصمإن للفكر مقاماً فاعتضد ... به فيه تك شخصاً قد رحمكل علم يشهد الشرع له ... هو علم فبه فلتعتصم "
18 " ألا ترى العالِمَ الفهم المراقبَ أحوالَه يتلو المحفوظ عنده من القرآن، فيجد في كل تلاوة معنى لم يجدهُ في التلاوة الأولى، والحروفُ المتلوةُ هي بعينها ما زاد فيها شيء ولا نقص، وإنما الموطن والحال تجدد ولا بد من تجددهِ، فإن زمان التلاوةِ الأولى ما هو زمان التلاوة الثانية فافهم "
19 " لا تقتدي بالذي زالت شريعته *** عنه و لو جاء بالآنباء عن الله "
20 " و على هذا جرى أهل البدع و الأهواء فإن الشياطين ألقت إليهم أصلا صحيحا لا يشكون فيه ثم طرأت عليهم التلبيسات من عدم الفهم حتى ضلوا فينسب ذلك إلى الشيطان بحكم الأصل و لو علموا إن الشيطان في تلك المسائل تلميذ له يتعلم منه و أكثر ما ظهر ذلك في الشيعة و لا سيما في الإمامية منهم فدخلت عليهم شياطين الجن أولا بحب أهل البيت و استفراغ الحب فيهم و رأوا أن ذلك من أسنى القربات إلى اللّٰه و كذلك هو لو وقفوا و لا يزيدون عليه إلا أنهم تعدوا من حب أهل البيت إلى طريقين منهم من تعدى إلى بغض الصحابة و سبهم حيث لم يقدموهم و تخيلوا أن أهل البيت أولى بهذه المناصب الدنيوية فكان منهم ما قد عرف و استفاض و طائفة زادت إلى سب الصحابة القدح في رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم و في جبريل عليه السلام و في اللّٰه جل جلاله حيث لم ينصوا على رتبتهم و تقديمهم في الخلافة للناس حتى أنشد بعضهم "ما كان من بعث الأمين أمينا" و هذا كله واقع من أصل صحيح و هو حب أهل البيت أنتج في نظرهم فاسدا فضلوا و أضلوا فانظر ما أدى إليه الغلو في الدين أخرجهم عن الحد فانعكس أمرهم إلى الضد قال تعالى "يٰا أَهْلَ الْكِتٰابِ لاٰ تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَ لاٰ تَتَّبِعُوا أَهْوٰاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَ أَضَلُّوا كَثِيراً وَ ضَلُّوا عَنْ سَوٰاءِ السَّبِيلِباب 55 "