Home > Author > Ibn Arabi >

" قال تعالى في حق السموات و الأرض (ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) و كذلك قال (فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها ) ،وذلك لما كان عَرْضاً، وأما لو كان أمراً لأطاعوا و حملوها، فإنه لا تُتَصوّر منهم معصية، جُبِلوا على ذلك، والجِنّ الناري والإنس ما جُبلا على ذلك‏، وكذلك مِن الإنس أصحابُ الأفكار من أهل النظر والأدلة المقصورة على الحواس والضرورات و البديهيات يقولون: لا بد أن يكون المكَلَّف عاقلاً، بحيث يَفهم ما يُخاطَب به.
وصَدَقوا ،وكذلك هو الأمرُ عندنا، العالَمُ كُلُّه عاقلٌ حيٌ ناطقٌ من جهة الكشف بخرق العادة التي الناس عليها، أعني حصول العلم بهذا عندنا، غير أنّهم قالوا هذا جمادٌ لا يعقِل ، ووقفوا عند ما أعطاهم بصرُهم، و الأمر عندنا بخلاف ذلك ، فإذا جاء عن نبيٍّ أنَّ حَجَراً كلّمَهُ، أو كتف شاةٍ، أو جذع نخلة، أو بهيمة، يقولون: خلقَ اللهُ فيه الحياةَ والعلمَ في ذلك الوقت.
و الأمر عندنا ليس كذلك، بل سرُّ الحياة في جميع العالَم، وأنَّ كلَّ من يسمع المؤذِّنَ من رطِبٍ و يابسٍ يَشهَدُ له ، و لا يشهد إلا من عَلِمَ، هذا عن كشفٍ عندنا، لا عن استنباط من نظر بما يقتضيه ظاهر خبر، ولا غير ذلك، و من أراد أن يقف عليه فليسلك طريق الرجال، و ليلزم الخَلوة و الذّكرَ، فإن الله سيُطلعُهُ على هذا كله عينا ، فيعلم إن الناس في عماية عن إدراك هذه الحقائق‏ "

Ibn Arabi , الفتوحات المكية


Image for Quotes

Ibn Arabi quote : قال تعالى في حق السموات و الأرض (ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) و كذلك قال (فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها ) ،وذلك لما كان عَرْضاً، وأما لو كان أمراً لأطاعوا و حملوها، فإنه لا تُتَصوّر منهم معصية، جُبِلوا على ذلك، والجِنّ الناري والإنس ما جُبلا على ذلك‏، وكذلك مِن الإنس أصحابُ الأفكار من أهل النظر والأدلة المقصورة على الحواس والضرورات و البديهيات يقولون: لا بد أن يكون المكَلَّف عاقلاً، بحيث يَفهم ما يُخاطَب به. <br />وصَدَقوا ،وكذلك هو الأمرُ عندنا، العالَمُ كُلُّه عاقلٌ حيٌ ناطقٌ من جهة الكشف بخرق العادة التي الناس عليها، أعني حصول العلم بهذا عندنا، غير أنّهم قالوا هذا جمادٌ لا يعقِل ، ووقفوا عند ما أعطاهم بصرُهم، و الأمر عندنا بخلاف ذلك ، فإذا جاء عن نبيٍّ أنَّ حَجَراً كلّمَهُ، أو كتف شاةٍ، أو جذع نخلة، أو بهيمة، يقولون: خلقَ اللهُ فيه الحياةَ والعلمَ في ذلك الوقت. <br />و الأمر عندنا ليس كذلك، بل سرُّ الحياة في جميع العالَم، وأنَّ كلَّ من يسمع المؤذِّنَ من رطِبٍ و يابسٍ يَشهَدُ له ، و لا يشهد إلا من عَلِمَ، هذا عن كشفٍ عندنا، لا عن استنباط من نظر بما يقتضيه ظاهر خبر، ولا غير ذلك، و من أراد أن يقف عليه فليسلك طريق الرجال، و ليلزم الخَلوة و الذّكرَ، فإن الله سيُطلعُهُ على هذا كله عينا ، فيعلم إن الناس في عماية عن إدراك هذه الحقائق‏