Home > Author > السعيد عبدالغني

السعيد عبدالغني QUOTES

3 " مهتما منذ كنت صغيرا كمبحث شخصي، مادته هي أنا، لأني لا أستطيع بفعل الحدود الذاتية في الدخول لأعماق الآخر إلا كمنتج له، أما كيف يتصور والخ، لا يمكن. والتجريد وفنونه هي عمليات لا تنقل، مثل مشاعر ذاتية، لذلك موضوعي كان رأسي ودوما التجريدي موضوعه هو ذاته لأنه هو ما يستطيع التجريب عليه والشعور بعملية التجربة وإنتاجها بشكل أكبر. أتساءل لم تأتي الصور في مخيلتي بلا عناء وبلا جهد؟ لم المجازات تكثر بشكل مفرط طوال الوقت؟ حتى قبل الكتابة وانا طفل، لم يكن يؤول ذلك إلا بشكل مرضي أو بشكل خرافي.
لم أكن أستسيغ كلمة موهبة لأنها كلمة حدية، تغلق السؤال مثل كلمات كثيرة دلالاتها مرمية خارج العالم. ولم أكن أبحث لدفع المرضية ولكن لأني كنت أريد أن أفهم هذه العوالم التي تمشي معي مرارا وكثيرا وطوال الوقت، ما مثيرها؟ ما مصيرها؟ ما مكونها؟ متى قيامة المتخيل؟ من ربها؟
فقرأت كثيرا عن ذلك، وكنت أتأمل في الشخصيات المطروحة كأنبياء، والنصوص كذلك، المقارنة أو الدفع أو الحدية مع الشعراء والمجانين. في القرآن كونه أقرب النصوص المطروحة واقعيا.
و لم يكن هذا فقط بل تعدى الأمر إلى البحث في سيكولوجية الله من خلال النصوص المطروحة له. كنت أجد تشابها غريبا بين كل هذه الشخصيات في التخييل وحريته مع درجات في التعطيل بعد مدد زمنية معينة.
ولا أريد أن أناقش كل شخصية على حدة كما أراها لكن كنت أريد لم أحمل هذا؟
وبدون الدخول في اللاهوت سأتحدث عن نظرية صارت الاقرب لي في الرؤية الى الان وهي نظرية "شين سي" الصينية وهي تتلخص في أن الخيال الخلاق المعبر عنه في شكل مادي لغوي فني.. الخ أو غير شكل مادي هي حرية الحركة للصور الخارجية فتتكون تطاحنات.
ويؤسس في علم النفس النفسي أن الخيال عملية نفسية من خلال الحركات الواعية للصور الخارجية تستخدم لإنشاء صور جديدة.
ولكن الخيال لا يعني التفكير بل جزء منه تأمل في الخارج وجزء منه وثوب على الصور الحاضرة مكانيا إلى ما هو غائب
الخيال الفلسفي مثلا أن كان تجريديا يختلف عن الخيال الفني أن الأخير البصري فيه أضخم. ولا أعرف أين قرات مصطلح" الصور الداخلية" وهو مصطلح أن كل ما يتدفق في ذهننا يتكون بصورة لامرئية خارجنا ولكن ليس خارج العين لكن في العين نفسها.
اي ان الصور الداخلية تلك تسبق رؤيتنا للمرأى.
وهذا ما يذكرني بمرة كنت أجلس مع صديق وقلت له كيف ترى نفسك وانت تهوى من أعالي؟ نظر لي وقال لي "لا اريد أن أرى" بينما أنا كنت أشعر لا أرى فقط بتموجات الهواء وانا أهوى، وبغض النظر عن المثال الذي طرحته له لأنه فيه ديستوبيا.
ما أقصده هو القدرة على جلب أي صورة أريد أمامي أشكلها خارج حيز المكان الذي أنا فيه وخارج حتى حيز المكان كله.
على المستوى اللغوي الأمر أصعب لان اللغة مادة مخالفة للسائد الدائم وهو الصورة، لذلك الأمر يعتمد على تعاشق اللغة مع الصور الداخلية، الخيال.
أتأمل كثيرا في كيفية كتابتي، كيف أستوحي، كيف أستحضر الكلمات التي تصل إلى مسمياتي؟ فاللغة مستويات متنقلة وتنشط تحريكات التسمية في الشاعر لانه خالق مجازات كثيرة.
لا أريد منذ كنت طفلا الوصول إلى يقين ولا أبحث عنه، بل فقط أريد معلوم ولو باهتا في كل حيز معرفي قيل عن قبليته، فالخيال الإبداعي أو الفني ليس وليد فرادة وهذه نقطة أخرى، ولا يتعلق الأمر بجبرية الإرادة هنا، بل بأن كل ما رأيت وخبرت.. الخ، هو خارجي، وهو مكوني وهو منتجي، فلا حاجة لفرادة أناوية، لأن الصدفة ساعدت بجزء كبير، ومصطلح الصدفة سأحاول تفكيكه في نص قادم.
في كل هذا أجد مترادفات كثيرة لأفكار مختلفة، وأعمال إبداعية سواء فنية فلسفية، وربما هذا يرجع إلى تحصيل نسبية مقاربة من الصور مع الاختلاف البيولوجي.
إن فهم العالم بشكل كامل وبصورة واحدة، شكل يخرب الذات جماليا وشكل ينهي الأفق. ولهذا ينحت الفلاسفة الشعراء الادباء الخ من جسد الغامض هذا، وكل منهم بأداته، وأقول رؤية العالم بشكل واحد وصورة واحدة لأنه إن كنت تعرف كل شيء موجود على منضدتك وأنت معزول معها أو أنك عزلتها فسينتهي التوق أو الحلمنة، وسيظهر الملل.لأن الحياة لا تكون إلا في حيز الشعر.
لا يمكن إهمال في هذا كله البعد البيولوجي الذي بدأت أقرأ فيه منذ مدة لكنه لا يرد أيضا بشكل صارم. "

السعيد عبدالغني

4 " المكان غريب جدا ، لا أعرف هل أحلم ام لا ولكنه مكان يمشي فيه اناس صامتون عرايا وعليهم غبار كثيف .لا احد ينظر الى احد ولا احد يبدو عليه الاهتمام بأي شىء ولا أعرف ما دلالة هذا المكان .
المكان اكتشفته بعد تامل طويل وهذه الأمكنة اكتشفها في رأسي دوما ، اكتشف أزمنة وامكنة غريبة بعد التأمل ومضامين لخلق غرائبي بشع احيانا ولكن جماليته جوهرية .
نظرت إلى نفسي وجدتني مختلف الخصائص عنهم منفردا متفردا ولكنهم لا ينتبهون لشىء ولا لأحد، احاول ان اتكلم فلا يخرج صوتي ولكني اسمع صدى ما اريد ان أقول في المكان كله كاننا في كرة زجاج .علي ان اسير لكى أعرف لما يحدث صدى الصوت بهذا الشكل الكبير. كل ما أنوي فعله بدون ان احرك جسدي ، بدون ان أمره. هل تحققت ارادتي السابقة عندما كنت ، عندما كنت ماذا ؟ انسانا. هل تحققت الشاعرية الارادية؟ ان أطير ان اتغلب على الفيزياء ولكن من عدل كيميائي وكيمياء الكون ؟
انه رب الانسلاخ الذى اسميه شعرائيل هو الذى يحول الكائنات إلى كائنات أخرى ويضعهم في اكوان أخرى .هو يتلون كالحرباء ، إلى إنسان ، حيوان ، رياح ، جماد ، ضوء ، .. انا في ارض معالجة الكائنات الى مشاريع تجريبية . "

السعيد عبدالغني

9 " لم أؤول الاحلام طوال حياتي بأنها شكل من أشكال التجلي الألوهي، ربما لشكي المستمر في هذا المتن الذي يحكم المعنى عند من حولي، كنت أؤولها بأن ذلك تطاحنات مرئيات ومعاني ومكبوت وإلخ. ومع ذلك لم أكن أنفي وجود شكل من أشكال الغموض الذي يوجد بلا معرفة أو مفهومية من الإنسان.
ليس لدي جهاز ثنائي ولا جهاز تقييمي لاي شيء ولا أي معيارية أسقطها على الاخر، التجارب التي خضتها والمشاعر التي خلقتها في كونت عندي تقبل لانهائي لكل شيء، بما يمنع مرضنة هذا الذي يرى رؤى في أحلامه من وجهة نظرة، ولأني أعتقد أن الكلمات فارغة من الدلالات إلا ما تسقطها عليه نحن وأن رد الأمر لتدخل إلهي وعناية محاولة لنفخ الايجو الذاتي.
هناك بعض الأحلام التي أنساها ويكون دوما هناك حضور أنثوي فيها وغالبا بشكل ميثولوجي، كان ذلك الحلم بالمجدلينا، لم أكن موجودا حتى آخر الحلم، كانت هي جالسة صامتة بوجه كئيب، ودموعها في عينيها حاضرة لكنها لا تتساقط، كنت تلك العين التي ترى بدون وجودي، وبدأت وقتا بعد وقت تتأوه وتتشنج وظهر ضوء عظيم من بطنها ونزلت أنا ميتا.
لم أعتاد الفزع، الكآبة والباعة التي اختبرت لم تعد تجعل أي شيء مخيف أو غريب بمعناه المفارق الجمالي.
والحلم الذي يتكرر منذ وعيت وبدأت أتذكر أحلامي هو الحلم بأحد ما يسرح شعره في غرفة بها ضوء أرجواني ولا أتبين من هو أبدا بمشط عاجي أفريقي، أظل أحوم حول الغرفة ولكني أصطدم بالحوائط التي تبدو من بعيد بلا حوائط بل شلالات ضوء فقط.
الحلم الثالث هو حلم أني أكون في مذبح وأقول لكائنات منها الإنسان ومنها أشكال من الانسلاخات التي توجد في الفن الغامض والمظلم، أقول لها "أفنوا" بصراخ عظيم وأحيانا برجاء وأحيانا بصوت خفيض وفي كل مرة يفنوا ويتكون غيرهم ويظل الحلم هكذا مستمرا حتى أستيقظ.
الحلم الخامس هو أني أمشي في العالم وجسدي كبير أشد الكون كأني أشد ملاءه وأضعها في صدري حتى يفنى بعد وقت كل شيء ويصبح فراغا مقززا جدا ولا يتضخم جسدي، أصرخ فيعاد كل شيء ثانية.
الحلم السادس أن هناك جمع من الناس مقيدة في سجن كبير وأنا الذي بينهم بلا أساور على القدمين أو اليدين، حتى أفكهم واحدا واحدا وبعد فك آخر شخص يقيدوني هم ويبدءوا في تقييد أنفسهم ثانية ويترك المشهد كأننا زومبي بلا حركة لفترة.
الحلم السابع هو حلم أني موجود في برميل بشكل بشع، في أرض بلا نهاية مليئة بالبراميل التي يطفر منها وجوه كثيرة وهناك لون أرجواني في الاعلى ولا يمكن الخروج أبدا بدون أن أكون مقيدا فلا تظهر أساور أو شيء.
حلم نيتشه هو انتحاره مع الحصان وانا قادم إليه عاريا والدموع تسقط من عيني بلوامس تثقل حركتي للتقدم الذي قلت لصديقة لبنانية أن ترسمه ورسمته.
كنت أتحاشى الرسم منذ صغري لأني لم أكن أريد تلوين هذه الأحلام والخيالات، اللوحات التجريدية حتى تصبح في مخيلتي بدقة الالوان ولكني لا أستطيع تنفيذ أي منها، لم أكن أريد ذلك.
لم أعد أحلم بأي شيء واقعي شخصي منذ مدة طويلة أو ما أتذكره لا يكون واقعيا شخصيا. كنت أحلم إيروتيكيا كثيرا لكن بشكل عنيف وبلا نهاية أي بلا نهاية الممارسة إلا بموتي.
هذه الأحلام مواد للكتابة، مواد قيمة حيث كل شيء غير مرتب ولا روتين شائع هناك، حتى الشوارع فوضوية مليئة بالخراب الاثيري، دفء إضافي.
ربما ذلك الاضطراب التشكيلي أضافته عدم النوم لأيام والنوم بقدر ضئيل جدا منذ سنوات مع المخدرات والأدوية التي تدمر النشوة بمفهومها الطبيعي والنكسة بمفهومها الطبيعي، فيشعر بالاثنان فقط بدون بين بينهما. والنشوة تحدد النكسة القادمة وعمقها والنكسة تحدد النشوة القادمة وعمقها ، وبعض النشوات العالية تحد من الاستمتاع بالنشوات العادية.
ليس لدي مفهوم الغريب تجاه ذاتي كما هو لدى الآخرين، لا أندهش لأي شيء لكن الحلم هذا خاص أني كنت أصعد بين حجب، حجب قماشية في الاعلى سوداء، اللون كان ابيض ولكنه داكن، فقط أرى بشكل بسيط وأصعد وينفك حجاب، لا يتقطع بل يتنسل، حتى آخر حجاب وعرفت أنه آخر حجاب لأن النور كان يشغل الحجاب وكنت اسم دخانا، لكن أنا شككت أنه كله من مخيلتي لا من الشهود الصوفي أو شيء، رغم أني اتذوقهم واحبهم جدا لكن لدي تصور اخر عن ذلك، وفي لحظات الشك تلك وقعت والحجر تقطعت لاهبط ورقعت مرة أخرى.
*
هناك أشكال أخرى للاحلام كنت أقول قصائد أو شذرات أو جمل بشككل مستمر ومزمن وهوسي وأستيقظ أكتبها
من هذه
جردت المجرد
ومحضت المحض
وما وجدتني.
الخ إلى عدد لانهائي
*
أحلام وأحلام بلا نهاية، الواقع حلم مشترك فقط. "

السعيد عبدالغني

10 " أعتقد بنسبية المفاهيم جميعها، وأن المطلقات نسبية حتى بين الأشخاص باعتبار الشساعة النفسية، فمثلا مطلق ابن عربي غير مطلق ابن تيمية، مهما دل الاسم على شكل اجتماعي معروف ومحدد. المفاهيم المعينة تصور في الحيز الاجتماعي فقط، لذلك الشعر حتى والنرجسية كذلك. لدي أفرق النرجسية عن العمق الفلسفي بمعنى عندما أتحدث وأقول أنا الوجود فهذه ليست نرجسية لأن النرجسية أمر يتعلق بالأنا في العلائقية مع الآخر، يعني نرسيس كان يحتاج لعاكس مثل المرآة، هو يحتاجها، لذلك النعت بالنرجسية وهذا تم نعتي به كثيرا بالنسبة لي غير منطقي، وله أسباب عدم العوز للآخر شخصيا للمدح أو الذم. وحاجته للنعت والتصنيف لعدم ارادته في الفهم بسبب نَظَم عقله.
هذا الفراغ في الفيسبوك مرآة نرسيسية لكن إن كنت نرجسيا فأين ذهبت كل الوصوف بالبشاعة الشخصية ليست فقط الكلية؟ النص يُرَى بنازع القارىء المكبوت أو المتوق.
سيكولوجية القارىء وثقافته محكومة بالمجتمع الثابت والمكونات له، أنا أبِطن قنابل ضد ما يعتقده كأكثرية لأن هناك أنواع قراء كثر. ألاحظ محاولات كثيرة من الشعراء أو المبدعين لمدح القراء في حين ينعتون الأنظمة والثقافة والخ لكنه لا يحضر "القراء" في حديثه حفاظا على أناه وعلى جمهوره.
الحفاظ على التوازن النفسي والإنساني مفهوم كما أسلفت نسبي، المعيارية بالنسبة لي في تكسير المرايا وحرق هذا البياض. أبحث عن أي مرايا لأكسرها إن أبدتني جميلا. لأن رؤية الذات جميلة تعني نهاية الحركة الجمالية فيها.
بالنسبة للكتابة بغزارة أجد ذلك منطقيا جدا في حالتي، وهذه الغزارة ليست كافية لما أدركت ولهذه الكسارات القوية في باطني. هذا له علاقة برؤية العالم، والاستيحاء اللاإرادي، لأني أجد في النقطة وحيا لكون ومنذ طفولتي وأنا هكذا وربما ما أحدث الانفجار هو المشاعر الكثيرة والمتشابكة تجاه كل شيء والخلخلة لكل معطى بالنسبة للغالبية ثابت.
التعليق على لغتي بالإعجاب أو النفور لا يتدخل في عمليتي الابداعية، ليس هذا تحقيرا بأي شكل، لكني أكتب ذاتي وذاتي لا يتدخل فيها شيء سوى الوحي المتناثر، لن أخفي شيئا كتبته لكي لا أمدح ولكي لا أذم.
وجدت عند أهل الابداع أشكال معيارية تاريخية وثقافية ليس الجميع، منها الاستغراب من الكم بدون قراءة حتى ولصغر السن البيولوجي، المنطقي أن لا تكون المعايير هي هي في مستوى الابداع، ليست فوقية لكن عمقا، لكني ألاحظ الأمر يتناول بأناوية فقط. البيولوجيا لا تحكم الوعي ولا أريد ذكر أمثله قصدا لكي يتم القراءة الباطنية باستفاضة كبيرة فالذات عند إيجادها مثالا تعطل قدر كبير من التفكر.
أنا أكتب ولا أرى التفاعلات، الأسماء، إن كان التفاعل كبيرا أو صغيرا كما أسلفت لا يهمني في عمليتي الابداعية. هناك أناس دعمتني وأنا أقدرهم جدا وكانوا غالبيتهم ممن لم يكتبون لكنهم قارئون بنهم أما رجال الثقافة غالبيتهم لم يدعموا بشيء ولا أقصد الدعم النشر أو خلافه بل عدم النبذ حتى والاستهجان.
لا أصنف الجمهور بحسب مستواه الفكري، الكلمة لها حقول دلالية في الجميع مهما كانت غير مفهومه، لكن الأمر في النور التي تُلقيه الوسائط الإعلامية على النصوص والشعراء، الجمهور لعبة الكثير المعارف، البلد، الثقافة، الاحزاب، الخ.
الكثرة المُعجبة لا تعني الجودة وخَلق الكثرة تلك مشكوك فيها، لأن العالم الثقافي أو غيره مثله مثل العوالم الأخرى، تتحكم فيه معايير خارج النص وخارج الصدق.
الكتابة على الفيسبوك هي هي الكتابة على الورق، بشكل غالب، هناك فروق، مَن يريد أن يَتم الاعجاب به، ولديه مؤسسة مفاهيمية أناوية صائتة سيكتب ما يناسب المعايير المجتمعية الجمالية وهي عادية جدا، ومَن عُمقه يغلب أناه سيكتب ما يريد، لن يُفرِق السكين بين قطعة حلوى وقطعة لحم إن كان ينشد إرادته. "

السعيد عبدالغني

15 " . أنا وحيد منذ زمن طويل،بلا علاقات عاطفية ،بلا ترميم شعوري لكينونتي المتشظية،كل انفعالاتي تتلخص في تهاوي الخيالات المجادلة.قلبي الذي كان من بلور أزرق سماوي ،الذي كان يدفىء من حولي ،الآن أصبح رماد صامت.هاجرت بعيدا جدا في الوحدة حتى فقدت هويتي ككائن فيه مشتَرَك دلالي مع العالم ولو بسيط حتى.أفعل كل الأشياء وحيدا وتقل نسبة تدخل الآخر في عالمي قليلا قليلا،كنت أعرف أن الأمر سيصعب مع الوقت كوني لست بهذه القوة وهذه الاستقلالية النفسية دوما.لكني الآن أواجه تلك العورة الكبرى المدغمة مع منتشيتي الكبرى اللغة.فالوحدة تقوي الارتباط باللغة ،بالهلامي ذلك اللاكائني،واللغة تقوى الارتباط بالمكان المخادِع الذي يسمى الوحدة.أجلس مع الأصدقاء أحيانا فيخبرونني بحكايات علاقاتهم ويسألون عن متى أدخل علاقى عاطفية؟ فيكون ردي دوما أني غير موجود لكي أدخل علاقة مع أحد ،عليّ أن أتحمل مسؤولية تلاشيّ ذلك وأني لا أقترب من أحد خوفا من جزعه من وحدتي العميقة تلك ولم يتحمل هو فك تلغيزي وتعقيدي وأنا لا اثق في قدرتي على الاستمرار ولن أشترك في علاقة لكي أوازن ذاتي ولا لكي أرضع من الآخر طمأنينتي النفسية،فدوما بتلقائية أحاول أن أجرد الوجد والجذب عن علل الانتفاع العاطفي أو التي لا تخص جماليته المفارقة التي أريد التوغل فيها.لقد خسرت الكثير من قدراتي الاجتماعية ولا يمكن أن أستردها لأنه يوجد علل قوية لعدم فعل ذلك ،وخسرت الكثير من الناس الذين أحبهم ويحبوني بسبب تلك الوحدة ،أحيانا أكون نادما وأحيانا لا.لم أجرب مشاعر اجتماعية أو عاطفية كثيرة في حياتي،لا أعرف ما هو شعور الانتماء ولا ما هو شعور التقديس مثلا ولا أعرف كيف أشعر بذلك ،لقد فات الأوان.ونقطة أخرى في العلاقات العاطفية هو رغبتي المستمرة في الانتحار والتي لا أستطيع السيطرة عليها بشكل كامل ،لا أريد أن أخذل أناس أكثر وذلك من أخلاق مكتَسبة من الوحدة ومن الزمن فيها "

السعيد عبدالغني ,

18 " فقال قدس : يكره الإنسان العادي المتأولين الذي لا يمكن تشكيلهم في قوالب لأنهم يهددوا المعيارية الثابتة في الرؤية.يكره الشساعات النفسية التى تتقبل العتمة وتحاول فهمها ولو كانت حتى مطلقة وإجرامية.يكرههم لأنهم يسلكوه ويسلكوا مكبوته ومسكوته وربما يغتاظ ويتشوش من القدرة على ذلك.يكره رؤية المهدّمين لأنهم يشعروه لاوعييا بأنه ممكن يصير إلى ذلك،هذا الاحتمال غير الواضح.
فقلت :لدي شعور بالغربة قدس والهجِرة من الجميع فوحدتي ليست لأن لا يوجد من حولي بل لأنه لا يوجد من يشبهني ولكن الذي كون لاتشابهي ذلك هو الوحدة في أطوارها الأولى وتقديس المعاني على الأشخاص ،تقديس العمل التخييلي على العمل الواقعي حتى الغوص في عفن الجوهر الفارغ من العزاء والخلاص .ربما لأني لم أقتصد في استخدام تلك المخيلة النبوية وربما لأني ذهبت بلا خوف لكل الدروب فيها حتى المظلمة منها.
فقال : لا لذة تضاهي لذة الغياب الكامل عن العالم والتعامل معه كلعبة.كأن كل شيء فيه لعبة ولا يتم الاتكاء على أى ثابت مهما كان. "

السعيد عبدالغني ,