Home > Work > جدارية

جدارية QUOTES

41 " هذا البحرُ لي

هذا الهواءُ الرَّطْبُ لي

هذا الرصيفُ وما عَلَيْهِ

من خُطَايَ وسائلي المنويِّ … لي

ومحطَّةُ الباصِ القديمةُ لي . ولي

شَبَحي وصاحبُهُ . وآنيةُ النحاس

وآيةُ الكرسيّ ، والمفتاحُ لي

والبابُ والحُرَّاسُ والأجراسُ لي

لِيَ حَذْوَةُ الفَرَسِ التي

طارت عن الأسوار … لي

ما كان لي . وقصاصَةُ الوَرَقِ التي

انتُزِعَتْ من الإنجيل لي

والملْحُ من أَثر الدموع على

جدار البيت لي …

واسمي ، إن أخطأتُ لَفْظَ اسمي

بخمسة أَحْرُفٍ أُفُقيّةِ التكوين لي :

ميمُ / المُتَيَّمُ والمُيتَّمُ والمتمِّمُ ما مضى

حاءُ / الحديقةُ والحبيبةُ ، حيرتانِ وحسرتان

ميمُ / المُغَامِرُ والمُعَدُّ المُسْتَعدُّ لموته

الموعود منفيّاً ، مريضَ المُشْتَهَى

واو / الوداعُ ، الوردةُ الوسطى ،

ولاءٌ للولادة أَينما وُجدَتْ ، وَوَعْدُ الوالدين

دال / الدليلُ ، الدربُ ، دمعةُ

دارةٍ دَرَسَتْ ، ودوريّ يُدَلِّلُني ويُدْميني /

وهذا الاسمُ لي …

ولأصدقائي ، أينما كانوا ، ولي

جَسَدي المُؤَقَّتُ ، حاضراً أم غائباً …

مِتْرانِ من هذا التراب سيكفيان الآن …

لي مِتْرٌ و75 سنتمتراً …

والباقي لِزَهْرٍ فَوْضَويّ اللونِ ،

يشربني على مَهَلٍ ، ولي

ما كان لي : أَمسي ، وما سيكون لي

غَدِيَ البعيدُ ، وعودة الروح الشريد

كأنَّ شيئا ً لم يَكُنْ

وكأنَّ شيئاً لم يكن

جرحٌ طفيف في ذراع الحاضر العَبَثيِّ …

والتاريخُ يسخر من ضحاياهُ

ومن أَبطالِهِ …

يُلْقي عليهمْ نظرةً ويمرُّ …

هذا البحرُ لي

هذا الهواءُ الرَّطْبُ لي

واسمي -

وإن أخطأتُ لفظ اسمي على التابوت -

لي .

أَما أَنا - وقد امتلأتُ

بكُلِّ أَسباب الرحيل -

فلستُ لي .

أَنا لَستُ لي

أَنا لَستُ لي "

Mahmoud Darwish , جدارية

45 " وأنا الغريب بكلٌِ ما أوتيت من

لغتي . ولو أخضعت عاطفتي بحرف

الضاد ، تخضعني بحرف الياء عاطفتي ،

وللكلمات وهي بعيدة أرض تجاوِر

كوكبا أعلي . وللكلمات وهي قريبة

منفي . ولا يكفي الكتاب لكي أقول :

وجدت نفسي حاضرا مِلْء الغياب .

وكلٌما فتٌشْت عن نفسي وجدت

الآخرين . وكلٌما فتٌشْت عنْهمْ لم

أجد فيهم سوي نفسي الغريبةِ ،

هل أنا الفرْد الحشود ؟

وأنا الغريب . تعِبْت من درب الحليب

إلي الحبيب . تعبت من صِفتي .

يضيق الشٌكْل . يتٌسع الكلام . أفيض

عن حاجات مفردتي . وأنْظر نحو

نفسي في المرايا :

هل أنا هو ؟

هل أؤدٌِي جيٌِدا دوْرِي من الفصل

الأخيرِ ؟

وهل قرأت المسرحيٌة قبل هذا العرض ،

أم فرِضتْ عليٌ ؟

وهل أنا هو من يؤدٌِي الدٌوْر

أمْ أنٌ الضحيٌة غيٌرتْ أقوالها

لتعيش ما بعد الحداثة ، بعدما

انْحرف المؤلٌف عن سياق النصٌِ

وانصرف الممثٌل والشهود ؟

وجلست خلف الباب أنظر :

هل أنا هو ؟

هذه لغتي . وهذا الصوت وخْز دمي

ولكن المؤلٌِف آخر“

أنا لست مني إن أتيت ولم أصِلْ

أنا لست منٌِي إن نطقْت ولم أقلْ

أنا منْ تقول له الحروف الغامضات :

اكتبْ تكنْ !

واقرأْ تجِدْ !

وإذا أردْت القوْل فافعلْ ، يتٌحِدْ

ضدٌاك في المعني “

وباطِنك الشفيف هو القصيد "

Mahmoud Darwish , جدارية