Home > Work > الفضيلة
21 " و هل كنا نستطيع أن نبقى لحظة واحدة في هذه الدار التي لا نفلت فيها من هم إلا إلى هم ، و لا نفزع من رزء إلا إلى رزء ، لولا يقيننا أن هذه الطريق الشائكة التي نسير فيها إنما هى سبيلنا الوحيد الذي يفضي بنا إلى النعيم المقيم الذي أعده الله في جواره للصابرين من عباده ، و هل كان في إستطاعة مريضنا الذي يئس من الشفاء ، و فقيرنا الذي عجز عن القوت ، و ثاكلنا الذي فقدت واحدها من حيث لا ترجو سواه ، أن يحتفظوا بعقولهم سليمة ، و مداركهم صحيحة ، و عزائمهم متماسكة ، لولا أنهم يعلمون أن حياتهم لا تنقضي بانقضاء أنفاسهم على ظهر الأرض ، و أن هناك حياه أخرى في عالم غير هذا العالم ، لا سقم فيها ولا مرض ، لا بؤس و لا شقاء. "
― Jacques-Henri Bernardin de Saint-Pierre , الفضيلة
22 " يا بني إنني قد عاشرت الوحوش الضارية ... وخبرت أخلاقها وطباعها ... فلا تطمع في أكثر من كفاف عيشها ... حيث أصبحت أعتقد أن الإنسان أضرى منها وأشرس "
23 " أن من لا خير فيه لماضيه فلا خير فيه لحاضره ومستقبله. "
24 " خيرا للمرء أن يعيش فقيرا مؤملا كل شئ، من أن يعيش غنيا خائفا من كل شئ. "
25 " إن السعادة ينبوع يتفجر من القلب، لا غيث يهطل من السماء، وأن النفس الكريمة الراضية البريئة من أدران الرذائل وأقذارها، ومطامع الحياة وشهواتها، سعيدة حيثما حلت، وأنى وُجدت، في القصر وفي الكوخ، في المدينة وفي القرية، في الأنس وفي الوحشة، في المجتمع وفي العزلة، بين القصور والدور، وبين الآكام والصخور؛ فمن أراد السعادة فلا يسأل عنها المال والنسب، وبين الفضة والذهب، والقصور والبساتين، والأرواح والرياحين، بل يسأل عنها نفسه التي بين جنبيه، فهي ينبوع سعادته وهنائه إن شاء، ومصدر شقائه وبلائه إن أراد، وما هذه الابتسامات التي نراها تتلألأ في أفواه الفقراء والمساكين والمحزونين والمتألمين لأنهم سعداء في عيشهم، بل لأنهم سعداء في أنفسهم؛ وما هذه الزفرات التي نسمعها تتصاعد من صدور الأغنياء والأثرياء وأصحاب العظمة والجاه لأنهم أشقياء في عيشهم؛ بل لأنهم أشقياء في أنفسهم، وما كدر صفاء هذه النفوس وأزعج سكونها وقرارها، وسلبها راحتها وهناءها مثل عاطفة البغض، ولا أنار صفحتها وجلى ظلمتها مثل عاطفة الحب، فأشقى الناس جميعا المبغضون الذين يضمرون الشر للعالم، فيجزيهم العالم شرا بشر، وأسعدهم جميعا المحبون الذين يحبون الناس ويمنحونهم ودِّهم وصفاءهم، فيمنحهم الناس من بنات قلوبهم مثل ما منحوهم. "
26 " والعزلة هي المرفأ الأمين الذي تلجأ اليه سفينة الحياة حين تتقاذفها الأمواج، وتصطلح عليها هوج الرياح، وهي الواحة الخصبة التي يفيء اليها السفر بين الأين والكلال، فيجدون في ظلها الظليل راحتهم من سموم الصحراء ولوافح الرمضاء، وهي المنزلة الأولى التي ينزلها المرء في طريقه من الدنيا الى الأخرة، ليستجم ذهنه ويجمع أمره، ويعد عدته للقاء الله تعالى، لذلك كانت العزلة دائما في الشعوب الشقية المضطهدة، التي لا إرادة لها امام إرادة حكاميها الظالمين، وملوكها المستبدين، كما كان شأن المصريين والرومان واليهود فيما مضى من التاريخ، وكما هو شأن الهنود والصينيين والإيطاليين والشعوب الشرقية اليوم، وقد يكون ذلك أحيانا في الأمم المتمدينة المتحضرة، فإن للمدنية شقاء كشقاء الهمجية لا يختلف عنه إلا في لونه وصبغته. "
27 " القوي لا يمنح الضعيف ودّه ومحبته إلا ليبتاع منه ماء وجهه وكرامة نفسه، ولا يبذل له القليل من بره ومعروفه إلا ليستعبده و يستأسره ويملك عليه زمام حياته "