Home > Work > التفكير فريضة إسلامية
41 " على أنَّ شبهة العبادة الوثنية تزول عند النظر إلى فن السماع — أو فن الغناء والموسيقى — لأنه من الفنون التي لا غبار عليها، ولا تحريم لشيء منها إلا ما كان ممتزجًا بالخلاعة، أو مثيرًا للشهوات؛ فالتحريم هنا لا يخص الفن الجميل، بل يعم الخلاعة والشهوة وكل ما يمتزج بالمحظورات على اختلافها. وقد يحرم اللباس الخليع أو الحديث الخليع فلا يقال: إنَّ هذا التحريم يمنع الكساء، أو يمنع الكلام، ولكنه يمنع ما هو ممنوع، ويبيح ما عداه. "
― عباس محمود العقاد , التفكير فريضة إسلامية
42 " ولا ينكر الغناء لذاته، ولا الشعر لذاته، وإنما ينكرهما إذا اشتملا على لهو «ينفر القلوب» كما "
43 " ولعل خاطرًا يخطر على البال في أمر الشعر لما ورد عن الشعراء في القرآن الكريم، وأنهم يتبعهم الغاوون، وفي كل واد يهيمون … ولكن هذه الصفة إنما قيلت في الرد على المشركين الذين كانوا يقولون عن النبي — عليه السلام — تارة أنه ساحر، وتارة أنه شاعر، ففيها بيان للفرق بين النبوة والشعر، وبين الكلام الذي يهدي إلى الرشد، والكلام الذي تتبعه الغواية، والرجوع إلى الآية يدل على الشعراء المقصودين بتلك الصفة، فلا يوصف بها شاعر مؤمن يعمل الصالحات "
44 " فليس الوزن الذي يتفق أن يكون في الكلام المرسل منهيًّا عنه، وليس الشعر منهيًّا عنه لأنه وزن منظوم، وإنما المنكر في الشعر ما ينكر في كل كلام يجري بالسوء، أو يغرى به ويستدرج النفوس إليه، وما عدا ذلك من الشعر، فقد كان يسمعه النبي — عليه السلام — ويجيز عليه، وكان يحفظه الخلفاء الراشدون وأئمة المسلمين. "
45 " والإسلام دين المعجزات التي يراها العقل حيثما نظر، وليس بدين المعجزات التي تكف العقل عن الرؤية، وتضطره بالإفحام القاهر إلى التسليم. وعلينا أن ندرك أنَّ المعجزة معجزتان كي نطلب المعجزة التي ينبغي أن تطلب، ونتورع عن طلب المعجزة التي لا تجدي أحدًا من العقلاء "
46 " والإسلام دين متناسق مستجيب للفهم والموازنة بين الأمور، فهو دين المعجزات في كل شيء، ولكنه ليس بدين المعجزة التي تفحم العقل ولا تقنعه؛ لأنه دين العقل، والتفكير فريضة فيه. "
47 " أكبر الموانع في سبيل العقل عبادة السلف التي تسمى بالعرف، والاقتداء الأعمى بأصحاب السلطة الدينية، والخوف المهين لأصحاب السلطة الدنيوية. "
48 " الزاهد عنده من لا يملكه شيء، فهو مالك للدنيا غير مملوك لها بحال. "
49 " الحقيقة عنده لا تنقض الشريعة؛ بل تتممها وتكشف ما استتر من حكمتها، وتظهر ما خفي من أسباب ظواهرها كما فعل الخضر في كل قضية خفيت على صاحبه، فكشف له من حقيقتها عن حكم الشريعة فيها. "
50 " التصوف على حقيقته الكاملة هو حرية الضمير في الإيمان بالله على الحب والمعرفة، وبلوغ هذه المرتبة هو فضيلة الإسلام الذي أطلق ضمير الفرد من عقال السيطرة الروحية، ويسر له أن يلوذ بسريرته هذا الملاذ الأمين الذي لا يداخله فيه حسيب أو رقيب غير حسيبه ورقيبه بين يدي الله. "
51 " الإسلام يفتح لضمير الفرد مسلكًا واسعًا غير الرهبانية وغير الوجودية بما فيها من خير وشر، ويقيم له صومعته في أعماق نفسه ولا حدود لها غير حدود الكون بما وسع من سماوات وأرضين "
52 " وكان للسهروردي طموح كطموح الحلاج إلى السيادة والعظمة "
53 " والإسلام دين المعجزات التي يراها العقل حيثما نظر، وليس بدين المعجزات التي تكف العقل عن الرؤية، وتضطره بالإفحام القاهر إلى التسليم. "
54 " وغاية ما يقوله المنصف: إنَّ التحريم عنده مقصود به اللغو والجدل والولع بالسفسطة على غير جدوى، وإنه تحكيم للعقل في المنطق إنقاذًا له من تحكيم المنطق فيه، ولا يكون المنطق متحكمًا في العقل صارفًا له عن النظر القويم إلا إذا غلبت فيه أشكال اللفظ والصيغة على حقائق المعنى وجواهره. فهو بهذه المثابة ربقة للعقول ينبغي للمفكرين أن يطلقوها من شباكها؛ ليستقيموا بها على سوائها … "
55 " فالدراسات المنطقية — وسائر الدراسات العقلية — كانت من شواغل الشيعة الإماميين، ولم يكن إيمانهم بالإمامة مما يصرف العقل عن التوسع في علم من العلوم، وربما أخذت عليهم طوائف المسلمين إفراطًا في هذا الباب، ولم تأخذ عليهم تفريطًا فيه يتعمدونه أو يساقون إليه على غير عمد. وإنما كان الإمام عندهم مرجع المختلفين حين ينقطع بهم القياس، ويئول الرأي إلى هداية المعلم فيما جاوز طاقة المتعلمين، وحجتهم في ذلك أنَّ المعرفة لا تتحقق كلها بالقياس، وأنَّ شيئًا وراء القياس ينبغي أن يصار إليه في حال من الأحوال، وهم يلجئون إلى القياس حتى في إثبات هذه الحقيقة، "
56 " والغالب أنَّ الدول الكبيرة، وهي الدول التي تقوم عادة على الأنهار الكبيرة، تستقر فيها سلطة دينية متوارثة كالسلطة السياسية، وأنَّ هذه السلطة الدينية تستأثر بمباحث العقيدة ومباحث ما وراء الطبيعة، ولا تسمح لأحد بأن يزاحمها في المعارف التي تتعلق بالأرباب وأسرار الخلق وأصول الحياة، أو أصول الوجود كله على التعميم. "
57 " واشتغل بالفلسفة اليونانية غير ابن سينا وابن رشد أعلام من هذه الطبقة من طراز الكندي والفارابي والرازي، كما اشتغل بها أناس دون هذه الطبقة في الشهرة والمكانة، فلم يصب أحدهم بسوء من جراء تفكيره، ولم يصدهم أحد عن البحث والكتابة إلا أن تستدرجهم حبالة من حبائل السياسة، فينالهم منها ما ينال سائر ضحاياها، ولو لم يكن أسهم في مذاهب الفلسفة أو الدين … "
58 " وفي عقيدة المسلم عون له على النظر في المذاهب الفكرية الحديثة — وهو مذهب التطور — فربما أعانه دينه على قبول مبادئه، دون أن يقيده بقبول نتائجه "
59 " إنَّ الدين ينبغي أن يطلق للمذاهب الفكرية مجالها في المسائل المتجددة، وإنَّ المذاهب الفكرية ينبغي أن ترعى للدين حرمته في المسائل الباقية. إنَّ المذاهب تذهب والدين باقٍ، وليس بالمتدين ذلك الذي يحمل عقيدته ليطرحها عند أول مذهب يروقه ويوائم خواطره في مشكلات يومه "
60 " أقام الدين وأتباعه زمنًا طويلًا في معزل عن الناس، فلم يتحرج المسلمون من تلك الظواهر والأشكال في غير شيء واحد، وهو المساس بالعقائد والعبادات. وكل ما زاوله الناس بعيدًا من الهيكل والمذبح فهو حل مباح لا يسألون عنه، "