Home > Work > اليد الخفية: دراسة في الحركات اليهودية الهدامة والسرية
1 " من الأوهام البروتوكولية التى تسيطر على العقل العربى إيمانه العميق ( الذى لا يتزعزع أحيانا ) بأن اليهود يسيطرون على السياسة و الإعلام الأمريكيين "
― عبد الوهاب المسيري , اليد الخفية: دراسة في الحركات اليهودية الهدامة والسرية
2 " ماالفعل الانساني الذي يشكل جريمة ؟ فعلى سبيل المثال , تُعد الثورة ضد نظام مستغل عملاً بطولياً من منظور الثوار , ولكنّها تُعد جريمة ضد أمن الدولة يعاقب عليها القانون من منظور القائمين على النظام . والعكس صحيح , فدعم نظام مستغل ظالم جريمة من منظور المدافعين عن العدالة , ولكنه واجب وطني من منظور القائمين على النظام , أي أنّ مسألة المنظور في غاية الأهمية في دراسة الجريمة . "
3 " إن لم يجد العقل الإنساني نموذجا تفسيريا ملائما لواقعة ما .. فإنه يميل إلى اختزالها وردها إلى يد أ وأياد خفية تنسب إليها كافة التغييرات والأحداث . "
4 " و قد وجدت هذه الفكرة (إن اليهود شياطين و موضع الشر الكوني) طريقها إلى العالم الإسلامي و حلت محل الفطرة الطيبة التي يولد الإنسان بها "
5 " و يتسم الأديب العظيم بأنه يرفض هذه الاختزالية (أي العنصرية) و الواحدية الكونية, و يحاول أن يعود بالإنسان إلى ذاته ليدركها و ليقدرها خق قدرها, و لهذا فإنه يقدم صورة للنفس البشرية باعتبارها كيانا مركبا إلى أقصى حد يستعصي على التفسيرات المادية البسيطة و لا يمكن أن ينضوي تحت القوانين العلمية الرتيبة, فالعالم بالنسبة للأديب العظيملا يمكن أن يختزل في بعد واحد أو أن يرد إلى مستوى مادي واحد أو أن يسقط في استعارة ساذجة. و اللغة الأدبية المجازية تنفر من لغة الجبر و القوانين الهندسية لأنها تتعامل مع ظاهرة مركبة.و إذا كانت لغة الجبر لغة بسيطة لا تتحمل الإبهام , فلأنها لغة تهدف إلى وصف الأشكال الهندسية و حركة الكواكب و علاقة الأرقام و الذرات و كل ما هو محسوس و يُقاس. أما لغة الأدب, فتتعامل مع الإنسان في أفراحه و أتراحه, و من ثم فهي لغة مجازية تحاول الإفصاح عن المفارقات و التعبير عن الشيء و عكسه في ذات الوقت و تتعامل مع المحدود و لا المحدود و المتناهي و لا المتناهي و ما يقاس و ما يستعصي غلى القياس. "
6 " و قد تم تحميل مصطلح "ثقافة السﻻم" بكل الإيحاءات الإيجابية (الأخﻻقية و العملية) الممكنة و أصبح الحديث عن "الحرب" مهما كانت أسبابها و مهما كانت الدوافع وراءها (مثل الحرب من أجل تحرير تلأرض و الذات على سبيل المثال) أمرا سلبيا و شكﻻ من أشكال العنفعبد الوهاب المسيري "
7 " و رغم جهل دوستويفسكي الشديد بالحقائق التاريخية المتنوعة، قام بالتعميم استنادا إلى معرفته المفصورة على زمان و مكان محددين، فأصبح يهود روسيا في النصف الثاني من القرن العشرين هم يهود ككل و اليهوج في كل زمان و مكان. و هذه هي الطريقة التي تولد بها الأنماط الإدراكية العنصرية. و دوستويفسكي هو ابن عصره الغربي الذي هيمن عليه فكر عنصري إمبريالي (بالمعنى الحرفي)، و يقسم العالم إلى عنصرين اثنين متصارعين (الأنا و الآخر)، فيقدس الذات و يهدر حقوق الآخر، و لا يدخل في علاقة مركبة مع التاريخ و إنما يجتزئ منه ليدعم وجهة نظره العرقيةز و هذا ما فعله دويستويفسكي و هتلر، و كل العنصريين من قبهما و من بعدهما (و قد لاحظ أحد الدارسين، بالفعل، السمات المشتركة بين هتلر و دوستويفسكي) "
8 " و قد يري البعض أن هذه الدراسة مجرد "جهد نظري" و أنها لن تؤدي إلى تحرير فلسطين أما أنها جهد نظري تنظيري. فهذا مما لا شك فيه؛ أما إنها لن تؤدي إلى "تحرير فلسطين" فهذا مل بم نزعمه قط فنحن نعلم أن الجهد النظري (الاجتهاد)يختلف تمام الاختلاف عن القتال ضد العدو (الحهاد), فلكل مجاله و أدواته. و لكننا نعلم أيضا أن اجتهاد ﻻبد و أن يسبق الجهاد، و الكفاح ﻻبد و أن يسبقه الفهم العميق، و إن اندفع المرء للجهاد و الكفاح، دون اجتهاد و تعمق ، وجد نفسه يحمل السﻻح ضد عدو ﻻ يعرفه ، و يفاوض أو ينازل خصما ﻻ يفهمه حق الفهم"عبد الوهاب المسيري "
9 " يسيطر علينا أن ثمة اتساقا عضويا و تكاملا في حياة البشر، و أن كل إنسان يتبع منطقا واحدا في حياته. و تبعا لهذا التصور، لا يمكن لفرد واحدأن يكون إنسانا عامرا الإنسانية مع بني جلدته و قبيلته، متوحشا بالغ الوحشية مع مجموعة إنسانية أخرى، و رغم أن هذا التصور منطقي، فإنه أبعد ما يكون عن الحقيقة المتعينة، فالوجود الإنساني يتسم بالتناقض و التركيب، و يجتمع في داخل نفس الإنسان الخير و الشر و النبل و الخسة. "
10 " لقد دخل الإنسان الغربي عالم ما بعد الحداثة: عالم حلولي وثني دائري عبثي (مثل "صمت الحملان") عالم يحكمه إله مجنون ويعيش فيه بشر لا يمكن الحكم عليهم من منظور أي منظومة قيمية، فهم خليط من الذئاب والأفاعي والأميبا "
11 " كما أن كثيرا من الافتراضات الكامنة في البروتوكلات, مثل "الشعب اليهودي" و "الشخصية اليهودية" و "المصالح اليهودية", هي كلها افتراضات صهيونية أساسية و الهجوم عليا هو في واقع الأمر تسليم غير مباشر بوجودها "
12 " وقد يكون من المفيد أن نتوقف هنا لنشير إلى ظاهرة لاحظناها في العالم العربي وهي أن كثيرا من الباحثين ممن هزموا من الداخل بدؤوا يوظفون المؤشرات في دعم الهزيمة. وهذه ظاهرة بدأت مع العصر الحديث في العالم العربي. فبعد وصول القوات الغازية الغربية في أوائل القرن التاسع عشر، اهتزت ثقة الإنسان العربي في نفسه، وخصوصا أنه لم يكن يعرف شیئا عن الحضارة الغازية (فكرها - آلياتها - قوانينها - نقاط تصورها)، لم يكن يعرف مثلا أي شيء عن تاريخ النهب الإمبريالي والتراكم الإمبريالي، فتصور واهما أن الإنسان الغربي قد توصل إلى ما توصل إليه من نظام ورخاء من خلال إعمال عقله وبذل جهده وعمله لا من خلال استخدام عضلاته وتكنولوجيا الفتك المتقدمة وعمليات النهب المنظمة. وحينما ذهب الطهطاوي إلى باريس لم يرَ سوی الحرية والثقافة، ولم يرَ الجوانب المظلمة لهذه الحضارة رغم أنه ذهب إلى هناك عام 1830، وهو نفس العام الذي كانت فيه المدافع الفرنسية تَدُك الجزائر الآمنة. وقد يكون من المهم مقارنة استجابة الطهطاوي باستجابة ذلك الشيخ الجزائري الذي قيل له إن عساکر الفرنسيين قد جاءوا لينشروا الحضارة والمحبة في ربوع الجزائر، فأجاب إجابة مقتضبة جدا: لِمَ أحضروا كل هذه المدافع وكل هذه البارود إذن؟ وهذا هو السؤال الذي لَم يسأله الطهطاوي ولَم يسأله كثير من الباحثين ممن وقعوا تحت وطأة الهزيمة واستبطنوها تماما. وبدلا من اكتشاف الواقع الغربي بجوانبه المنيرة والمظلمة، جعلوا شغلهم الشاغل النقل عن الغرب كجزء من محاولة اللحاق به. وبالتدريج، وتحت شعار الموضوعية والواقعية، بدأوا يتجردون من مثالياتهم وتراثهم وإبداعهم وأصبح همهم تقبل الوضع القائم وموازين القوى وأصبح الآخر هو المثل الأعلى. وقد أنتج هذا مجموعة من المؤشرات الموضوعية هي في الواقع تعبير عن الهزيمة. "
13 " وقد حدث شيء مماثل بالنسبة لإسرائيل، فنحن في رصدنا لها لا نركز إلا على مواطن قوتها وتقدمها وتفوقها، وهذه هي الموضوعية والواقعية، أما إذا اكتشفنا نقط ضعف العدو وقصوره وتآكله، فإن هذا يُصنَّف باعتباره خداعا للذات. إن الذات المهزومة تخضع تماما للآخر ولا يمكنها أن تتصور أن من الممكن أن تتفاعل داخله عوامل الحياة والانتصار والموت والانكسار. وتدريجيا، يدمن الإنسان الهزيمة إدمانا کاملا حتى تصبح رؤية للكون لا يستطيع المرء أن يحتفظ بتوازنه بدونها. ومع أطروحة الهزيمة الاختزالية، تحول كثير من الباحثين إلى جند مجندة تخدم العدو بنزاهة موضوعية دون أن تدري، فهي ترصد مواطن قوته، وتُصدِّق كل ما يقوله وتتصرف في إطاره بأمانة مضحكة دون تمحيص، وكيف يتأتی لهم غير ذلك وهم الهزومون من الداخل؟ "