Home > Work > عبقرية الإمام علي
21 " ولد علي في داخل الكعبة، وكرم الله وجهه عن السجود لأصنامها، فكأنما كان ميلاده ثمة إيذانَا بعهد جديد للكعبة وللعبادة فيها. "
― عباس محمود العقاد , عبقرية الإمام علي
22 " فلم تزده املعرفة إلا ما يزيده التعليم على الطباع "
23 " كان عابد ً ا يشتهي العبادة كأنها رياضة تريحه، وليست أمرا مكتوبًا عليه ... وكانٍ يرى في كهولته وكأنما جبهته ثفنة بعري من إدمان السجود "
24 " إلا أن المزية التي امتاز بها عليٌّ ً بني فقهاء الإسلام في عصره أنه جعل الدين موضوعامن موضوعات التفكري والتأمل، ولم يقصره على العبادة وإجراء الأحكام، فإذا عرف فيعصره أناس فقهوا في الدين؛ ليصححوا عباداته، ويستنبطوا منه أقضيته وأحكامه، فقدامتاز علي بالفقه الذي يراد به الفكر املحض والدراسة الخالصة، وأمعن فيه ليغوص فيأعماقه على الحقيقة العلمية، أو الحقيقة الفلسفية كما نسميها في هذه الأيام. "
25 " ولنا أن نقول: إنه كان — رضي الله عنه — يتتلمذ للقرآن الكريم، ويستوحيه نصافي عرفان إسلامه وتقرير إيمانه، فكانت نظرته إلى الخلق والخالق نظرة قرآنية يبتكرما شاء ابتكار التلميذ في الحكاية عن الأستاذ، فكلامه عن الطاووس والخفاش والزرعوالسحاب إنما هو الدرس القرآني الذي وعاه من أمر الكتاب بالنظر في املخلوقات،ووصف الكتاب لطوائف منها كالنمل والنحل والطري والأجنة في الأرحام "
26 " إن شكا أناس غلبة قريش، فعليٌّ كان يشكو منها ويظن الظنون بحقدها عليهً ونكرانها لحقه، ويقول في كتاب من كتبه إلى أخيه: «... ودع عنك قريشا وتركاضهمً في الضلال، وتحولهم في الشقاق، فإن قريشا قد أجمعت على حرب أخيك إجماعها علىحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل اليوم ...» "
27 " وقال يصف أنصاره: «أيها الناس املجتمعة أبدانهم، املختلفة أهواؤهم، كلامكمَّ يوهي الصم الصلاب، وفعلكم يطمع فيكم الأعداء ... ما عزت دعوة من دعاكم، ولااستراح قلب من قاساكم، أعاليل بأضاليل دفاع ذي الدين املطول ... أي دار بعد داركمتمنعون؟ ... ومع أي إمام بعدي تقاتلون؟ ... املغرور والله من غررتموه، ومن فاز بكم افقد فاز والله بالسهم الأخيب، ومن رمى بكم فقد رمى بأفوق ناصل،أصبحت والله أصدق قولكم ولا أطمع في نصركم، ولا أوعد العدو بكم، ما بالكم؟ ... ما دواؤكم؟ ... ما طبُّ ً كم؟ ... القوم رجال أمثالكم، أقولا ً بغري علم؟ ... وغفلة من غري ورع؟ ... وطمعا فيغري حق؟ ...» "
28 " السيدة عائشة — رضي الله عنها. وقد روي عنها أنها قالت ملا أخبرت ببيعة عليٍَّّ وهي خارجة من مكة: «ليت هذه انطبقت على هذه إن تم الأمر لعليٍّ.» تشري إلى السماءً والأرض ... ثم عادت إلى مكة وهي تقول: «قتل والله عثمان مظلوما، والله لأطلبن بدمه» ...فقيل لها: «ولم؟ ... والله إن أول من أثار الناس عليه لأنت ... ولقد كنت تقولني:ً اقتلوا «نعثلا» فقد كفر.»فقالت: «إنهم استتابوه ثم قتلوه، وقد قلت وقالوا، وقولي اليوم خري من قولي الأول.» "
29 " وقد علم الإمام هذا من قريش، عندما يئس من مودتها وابتلي بالصريح والدخيل منكيدها، فقال: «... ما لي ولقريش؟ ... أما والله لقد قتلتهم كافرين ولأقتلنهم مفتونني ...َّ والله لأبقرن الباطل حتى يظهر الحق من خاصرته ... فقل لقريش، فلتضج ضجيجها.» "
30 " أي ختام أشبه بهذا الشهيد املنصف من هذا الختام ...لقد ولد كما علمنا في الكعبة، وضرب كما علمنا في املسجد ... فأية بداية ونهايةأشبه بالحياة، التي بينهما من تلك البداية وتلك النهاية؟! . "
31 " فلقد اصبح اسم علي علما يلتف به كل مغصوب ، وصيحة ينادي بها كل طالب انصاف ، وجعل الغاضبون على كل مجتمع باغ ، وكل حكومة جائرة يلوذون بالدعوة العلوية كانها الدعوة المرادفة لكلمة الاصلاح ، او كانها المتنفس الذي يستروح اليه كل مكظوم . . فمن نازع في راي ، ففي اسم علي شفاء لنوازع نفسه ومن ثار على ضيم ففي اسم علي حافز لثورته ومرضاة لغضبه ، ومن واجه التاريخ الاسلامي بالعقل او بالذوق او بالخيال او بالعاطفة فهناك ملتقى بينه وبين علي في وجه من وجوهه ، وعلى حالة من حالاته . وتلك هي الميزة التي انفرد بها تاريخ علي بين تواريخ غيره ، فاصبحت بينه وبين قلوب الناس وشائج تخلقها الطبيعة الادمية ان قصر في خلقها التاريخ والمؤرخون . "
32 " وربما صح من أوصاف علي في طفولته أنه كان طفلا مبكر النماء سابقًا لأنداده في الفهم والقدره على فصاحة الكلام . لأنه أدرك في السادسة أو السابعة من عمره شيئًا من الدعوة النبوية الشريفة التي فهمها وتنبه لها على من كان في مثل هذا السن المبكرة , فكانت له مزايا التبكير في النماء كما كانت له أعباؤه ومتاعبه التي تلازم أكثر المبكرين ولاسيما المولودين منهم في شيخوخة الأباء . "
33 " فما رفع يده بالسيف قط إلا وقد بسطها قبل ذلك للسلام. "
34 " وكان منهم ما حذره أبو بكر حيث قال لعبد الرحمن بن عوف: «ورأيتم الدنيا قد أقبلت… حتى تتخذوا ستور الحرير ونضائد الديباج، وحتى يألم أحدكم بالاضجاع على الصوف الأذربي[6] كما يألم أحدكم إذا نام على حسك السعدان.» "
35 " فأي خيط من خيوط تلك الشبكة الإنسانية التي تنسجها القرائح لاقتناص الشعور وتقريب الخيال تفقده في هذه الخاتمة الفاجعة؟ أي باعث من بواعث القصص الدامية بأحاسيسها ولواعجها لا يرتعد هنا ارتعادًا في كل فصل من فصولها، ومشهد من مشاهدها؟ يأس الكريم المغلوب وجرأة المحتال الغالب، وغرام المتهوس المجنون، وأريحية القتيل الموصي بمن اعتدى عليه، وحقد المرأة وخداع الجمال، وزيغ العقيدة، واستواء الإيمان، وفنون لا تحصى تجتمع من الشعور الموار واللهفة الدائمة في خاتمة حياة تسع ألف حياة. "
36 " كانت قلة التكلف هذه توافق منه خليقة أخرى كالشجاعة في قوتها ورسوخها … أو هي قريبة للشجاعة في نفس الفارس النبيل وقلما تفارقها، ونعني بها خليقة الصدق الصراح الذي يجترئ به الرجل على الضر والبلاء، كما يجترئ به على المنفعة والنعماء، فما استطاع أحدٌ قط أن يحصي عليه كلمة خالف فيها الحق الصراح في سلمه وحربه، وبين صحبه أو بين أعدائه، ولعله كان أحوج إلى المصانعة بين النصراء مما كان بين الأعداء؛ "
37 " نجزم هنا بحقيقتين تجملان ما نبسطه في مواضعه من الكتاب، ولا نحسبهما تتسعان لجدلٍ طويل، وهما أن أحدًا لم يثبت قط أن العمل بالآراء الأخرى كان أجدى وأنجع في فض المشكلات من العمل برأي الإمام، وأن أحدًا لم يثبت قط أن خصوم الإمام كانوا يصرفون الأمور خيرًا من تصريفه، "
38 " ولا تزال آداب الفروسية بشتى عوارضها هي المفتاح الذي يدار في كل باب من أبواب هذه النفس، فإذا هو منكشف للناظر عما يليه. "
39 " إن عليًّا كان المسلم الخالص على سجيته المثلى، وإن الدين الجديد لم يعرف قط أصدق إسلامًا منه ولا أعمق نفاذًا فيه. "
40 " إلا أن المزية التي امتاز بها عليٌّ بين فقهاء الإسلام في عصره أنه جعل الدين موضوعًا من موضوعات التفكير والتأمل، ولم يقصره على العبادة وإجراء الأحكام، فإذا عرف في عصره أناس فقهوا في الدين؛ ليصححوا عباداته، ويستنبطوا منه أقضيته وأحكامه، فقد امتاز علي بالفقه الذي يراد به الفكر المحض والدراسة الخالصة، وأمعن فيه ليغوص في أعماقه على الحقيقة العلمية، أو الحقيقة الفلسفية كما نسميها في هذه الأيام. "