Home > Author > Wael B. Hallaq >

" لم يكن ثمّة دولةٌ إسلامية قط. فالدولة شيءُ حديث، وعندما أقول “حديث” فأنا لا أشير إلى فترة زمنية معينة في موضع معين من مسار التاريخ الإنساني. فالحديث هو بنيةٌ معينة من العلاقات التي تًتميزّ كظاهرةٍ فريدة. إنه خاصية معينة. ولذلك، فإن اللجوء إلى استعمالات مثل “الدولة الإسلامية” ككيانٍ وجد في التاريخ - ليس انخراطًا في تفكيرٍ ينطوي على مفارقة تاريخية فحسب، بل ينطوي كذلك على سوء فهم للاختلافات البنيوية والنوعية بين الدولة الحديثة و”أسلافها”، خصوصًا ما سميته “الحكم الإسلامي”.

يقوم الحكم الإسلامي (الذي يوازي ما نطلق عليه اليوم اسم “الدولة”) على أسس أخلاقيٍة وقانونيةٍ وسياسيةٍ واجتماعية وميتافيزيقية مختلفة جذريًا عن الأسس التي تدعم الدولة الحديثة. ففي الإسلام، تحل الجماعة (الأمة) محل شعب الدولة القومية الحديثة. والأمة شيء مجرد ومادي في آن معًا، لكنها في كلتا الحالتين محكومة بالقواعد الأخلاقية ذاتها. وهي أيضًا، في شكلها المجرد، تشكيل سياسي محدود بمفاهيم أخلاقية - قانونية. وبصفةٍ عامة، فإن كل إقليم تُطَّبق فيه الشريعة كقانونٍ نموذجي يُعتبر مجالًا إسلاميًا، أو دار الإسلام. وكل مكان لا تعمل فيه الشريعة، أو تُبْتَعد فيه إلى مكانةٍ ثانويةٍ أو متدنية، يعد دارًا للحرب، أي إقليمًا يحتمل خضوعه لعملية هداية أو تحوّل إلى الإسلام سلمًا أو حربًا "

Wael B. Hallaq , الدولة المستحيلة: الإسلام والسياسة ومأزق الحداثة الأخلاقي


Image for Quotes

Wael B. Hallaq quote : لم يكن ثمّة دولةٌ إسلامية قط. فالدولة شيءُ حديث، وعندما أقول “حديث” فأنا لا أشير إلى فترة زمنية معينة في موضع معين من مسار التاريخ الإنساني. فالحديث هو بنيةٌ معينة من العلاقات التي تًتميزّ كظاهرةٍ فريدة. إنه خاصية معينة. ولذلك، فإن اللجوء إلى استعمالات مثل “الدولة الإسلامية” ككيانٍ وجد في التاريخ - ليس انخراطًا في تفكيرٍ ينطوي على مفارقة تاريخية فحسب، بل ينطوي كذلك على سوء فهم للاختلافات البنيوية والنوعية بين الدولة الحديثة و”أسلافها”، خصوصًا ما سميته “الحكم الإسلامي”.<br /><br />يقوم الحكم الإسلامي (الذي يوازي ما نطلق عليه اليوم اسم “الدولة”) على أسس أخلاقيٍة وقانونيةٍ وسياسيةٍ واجتماعية وميتافيزيقية مختلفة جذريًا عن الأسس التي تدعم الدولة الحديثة. ففي الإسلام، تحل الجماعة (الأمة) محل شعب الدولة القومية الحديثة. والأمة شيء مجرد ومادي في آن معًا، لكنها في كلتا الحالتين محكومة بالقواعد الأخلاقية ذاتها. وهي أيضًا، في شكلها المجرد، تشكيل سياسي محدود بمفاهيم أخلاقية - قانونية. وبصفةٍ عامة، فإن كل إقليم تُطَّبق فيه الشريعة كقانونٍ نموذجي يُعتبر مجالًا إسلاميًا، أو دار الإسلام. وكل مكان لا تعمل فيه الشريعة، أو تُبْتَعد فيه إلى مكانةٍ ثانويةٍ أو متدنية، يعد دارًا للحرب، أي إقليمًا يحتمل خضوعه لعملية هداية أو تحوّل إلى الإسلام سلمًا أو حربًا