وكان التأثير المباشر لنوبة البكاء التي أصابته، نوبة ضحك أصابت بقية الزملاء، فقد كانت نظرتهم إليه، وهو مندفع في البكاء نظرة كل محترف متمكن في مهنته إلى مستجد غشيم يبدأ المهنة لأول مرة فيندفع في حماقة، يسببها جهله، وقلة درايته، وضعف احتماله.
وقال له "هلال" مهدئا:
-كفاية بقي يا سي شوشة.. خلى شوية للجنازة الجايه لسه قدامك مناحات كتير.. أنت بالطريقة دي حاتخلص في جنازتين تلاته.. وبعدين حاتدور أنت على اللي يعيط عليك.. اتقل بقي يا جدع اتقل .. بلاش شغل هبل، كفاية تبص في الأرض وتعمل نفسك زعلان.
وقال الشيخ سيد متسائلا:
-أنت يا جدع بتعيط على إيه، على الميت، ولا على المشوار اللي حاترقعه؟
وأجاب هلال: -الميت.
-ميت؟ ليه؟ تعيط عليه ليه؟ جعان، والا عطشان، والا عريان، والا بردان.. والا تعبان.. والا موجوع. ما هو نايم أربعة وعشرين قيراط.. ده هو اللي حقه يعيط علينا. طب على الطلاق بالتلاته يوم ما أرقد الرقدة دي.. ألا بص من الخشبة واطلع لساني للمغفلين اللي بيعيطوا عليه. اّل بيعيط على الميت اّل ... ليه هي الحكاية اتقلبت؟ فيه ماشي بيعيط على راكب؟ فيه محتاج يعيط على اللي مش محتاج؟.. فيه متألم يعيط على اللي ما يتألمش؟ يا ناس اعقلوا. ما تضحكوش علينا الأموات.
وبدأت الجنازة في السير واتخذ شوشة مكانه في طابور الأفندية.. ووصلوا إلى المدافن وواروا الميت التراب.. وعاد شوشة مع الجمع إلى المقهى فأبدل ثيابه وقبض الأجر ثم عاد إلى البيت مطرق الرأس، أحمر العينين وارم الأنف.
لقد انتهت الجولة الثانية بهزيمة أخرى."/>

Home > Author > يوسف السباعي >

" ثم لاح النعش.. نعش قد لف في الحرير الأبيض، دلالة على أن صاحبته سيدة شابة.. فلم يكد تقع عليه عينا "شوشة" حتى أصابه ما أصابه عندما طرقت قدمه الجمجمة من أول جولة.. فقد انهار تماما، واندفع في نوبة بكاء عنيف.
وكان التأثير المباشر لنوبة البكاء التي أصابته، نوبة ضحك أصابت بقية الزملاء، فقد كانت نظرتهم إليه، وهو مندفع في البكاء نظرة كل محترف متمكن في مهنته إلى مستجد غشيم يبدأ المهنة لأول مرة فيندفع في حماقة، يسببها جهله، وقلة درايته، وضعف احتماله.
وقال له "هلال" مهدئا:
-كفاية بقي يا سي شوشة.. خلى شوية للجنازة الجايه لسه قدامك مناحات كتير.. أنت بالطريقة دي حاتخلص في جنازتين تلاته.. وبعدين حاتدور أنت على اللي يعيط عليك.. اتقل بقي يا جدع اتقل .. بلاش شغل هبل، كفاية تبص في الأرض وتعمل نفسك زعلان.
وقال الشيخ سيد متسائلا:
-أنت يا جدع بتعيط على إيه، على الميت، ولا على المشوار اللي حاترقعه؟
وأجاب هلال: -الميت.
-ميت؟ ليه؟ تعيط عليه ليه؟ جعان، والا عطشان، والا عريان، والا بردان.. والا تعبان.. والا موجوع. ما هو نايم أربعة وعشرين قيراط.. ده هو اللي حقه يعيط علينا. طب على الطلاق بالتلاته يوم ما أرقد الرقدة دي.. ألا بص من الخشبة واطلع لساني للمغفلين اللي بيعيطوا عليه. اّل بيعيط على الميت اّل ... ليه هي الحكاية اتقلبت؟ فيه ماشي بيعيط على راكب؟ فيه محتاج يعيط على اللي مش محتاج؟.. فيه متألم يعيط على اللي ما يتألمش؟ يا ناس اعقلوا. ما تضحكوش علينا الأموات.
وبدأت الجنازة في السير واتخذ شوشة مكانه في طابور الأفندية.. ووصلوا إلى المدافن وواروا الميت التراب.. وعاد شوشة مع الجمع إلى المقهى فأبدل ثيابه وقبض الأجر ثم عاد إلى البيت مطرق الرأس، أحمر العينين وارم الأنف.
لقد انتهت الجولة الثانية بهزيمة أخرى. "

يوسف السباعي , السقا مات


Image for Quotes

يوسف السباعي quote : ثم لاح النعش.. نعش قد لف في الحرير الأبيض، دلالة على أن صاحبته سيدة شابة.. فلم يكد تقع عليه عينا وكان التأثير المباشر لنوبة البكاء التي أصابته، نوبة ضحك أصابت بقية الزملاء، فقد كانت نظرتهم إليه، وهو مندفع في البكاء نظرة كل محترف متمكن في مهنته إلى مستجد غشيم يبدأ المهنة لأول مرة فيندفع في حماقة، يسببها جهله، وقلة درايته، وضعف احتماله.
وقال له "هلال" مهدئا:
-كفاية بقي يا سي شوشة.. خلى شوية للجنازة الجايه لسه قدامك مناحات كتير.. أنت بالطريقة دي حاتخلص في جنازتين تلاته.. وبعدين حاتدور أنت على اللي يعيط عليك.. اتقل بقي يا جدع اتقل .. بلاش شغل هبل، كفاية تبص في الأرض وتعمل نفسك زعلان.
وقال الشيخ سيد متسائلا:
-أنت يا جدع بتعيط على إيه، على الميت، ولا على المشوار اللي حاترقعه؟
وأجاب هلال: -الميت.
-ميت؟ ليه؟ تعيط عليه ليه؟ جعان، والا عطشان، والا عريان، والا بردان.. والا تعبان.. والا موجوع. ما هو نايم أربعة وعشرين قيراط.. ده هو اللي حقه يعيط علينا. طب على الطلاق بالتلاته يوم ما أرقد الرقدة دي.. ألا بص من الخشبة واطلع لساني للمغفلين اللي بيعيطوا عليه. اّل بيعيط على الميت اّل ... ليه هي الحكاية اتقلبت؟ فيه ماشي بيعيط على راكب؟ فيه محتاج يعيط على اللي مش محتاج؟.. فيه متألم يعيط على اللي ما يتألمش؟ يا ناس اعقلوا. ما تضحكوش علينا الأموات.
وبدأت الجنازة في السير واتخذ شوشة مكانه في طابور الأفندية.. ووصلوا إلى المدافن وواروا الميت التراب.. وعاد شوشة مع الجمع إلى المقهى فأبدل ثيابه وقبض الأجر ثم عاد إلى البيت مطرق الرأس، أحمر العينين وارم الأنف.
لقد انتهت الجولة الثانية بهزيمة أخرى." style="width:100%;margin:20px 0;"/>