Home > Author > Eduardo Galeano

Eduardo Galeano QUOTES

190 " الفن ..

تلطفت اوروبا فاستعمرت افريقيا السوداء. اولا، هشمت الخريطة وابتلعت الاجزاء، سرقت الذهب، والعاج، والماس، وخطفت اقوى اطفال افريقيا ثم باعتهم في اسواق النخاسة.
ثم، لتكملة تعليم الافريقيين السود، شنّت عليهم اوروبا حملات تأديب عدة.
في نهاية القرن التاسع عشر، قام الجنود البريطانيون بواحدة من تلك التدخلات التربوية في مملكة بينين. بعد المجزرة وقبل المحرقة، نقلوا الغنيمة: كمية ضخمة من الاقنعة والمنحوتات والمحفورات انتزعوها من الاماكن المقدسة التي منحتها الحياة والملجأ.
كانت تلك اكبر غنيمة من الفن الافريقي جرى الاستيلاء عليها قاطبة، تغطي الف سنة من التاريخ.
في لندن، اثار الجمال الفتان لتلك الاعمال بعض الفضول ولكن ليس الكثير من الاعجاب. لم يحظَ انتاج حديقة الحيوانات الافريقية الا باهتمام قلة من الهواة غريبي الاطوار ومن المتاحف المختصّة بالعادات والتقاليد البدائية. مهما يكن، عندما وضعت الملكة فكتوريا الكنوز في المزاد العلني، كانت الحصيلة كافية لتغطية تكاليف الحملة العسكرية كلها.
هكذا موّل فن بينين اجتياح المملكة التي ولد فيها وترعرع. "

Eduardo Galeano , أفواه الزمن

199 " الهرم الآخر ‏


كان يمكن لبناء بعض الأهرامات أن يتأخر أكثر من قرن. آلاف وآلاف الرجال كانوا يرفعون، كتلة بعد كتلة، ويوماً بعد يوم، المنزل الذي سيعيش فيه الفرعون حياته الأبدية، ومعه كنوز جهازه المأتمي. ‏


المجتمع المصري الذي كان يبني الأهرامات، كان هرماً.
في القاعدة، كان الفلاح الذي بلا أرض. وخلال فيضانات النيل، كان هو من يبني معابد، ويقيم سدوداً، ويشق قنوات. وعندما تعود مياه النهر إلى مسارها، يعمل في أراضي الآخرين. ‏
منذ حوالي أربعة آلاف عام، وصفه النساخ كما يلي: ‏

المزارع يحمل النير. ‏
كتفاه ينوءان تحت النير. ‏
على رقبته قرحة متقيحة. ‏
في الصباح، يسقي بقولاً. ‏
في المساء، يسقي خياراً. ‏
في الظهيرة، يسقي نخيلاً. ‏
وأحياناً ينهار ويموت. ‏


لم تكن هناك نُصب مأتمية له. عارياً عاش، وفي الموت تكون الأرض بيته. يرقد في دروب الصحراء. ومعه الحصير الذي كان ينام عليه وكأس الطين الذي كان يشرب به.
وفي قبضته يضعون بضع حبات من القمح، فقد يخطر له أن يأكل. ‏ ص24 "

Eduardo Galeano , Mirrors: Stories of Almost Everyone