Home > Author > Eduardo Galeano >

" الهرم الآخر ‏


كان يمكن لبناء بعض الأهرامات أن يتأخر أكثر من قرن. آلاف وآلاف الرجال كانوا يرفعون، كتلة بعد كتلة، ويوماً بعد يوم، المنزل الذي سيعيش فيه الفرعون حياته الأبدية، ومعه كنوز جهازه المأتمي. ‏


المجتمع المصري الذي كان يبني الأهرامات، كان هرماً.
في القاعدة، كان الفلاح الذي بلا أرض. وخلال فيضانات النيل، كان هو من يبني معابد، ويقيم سدوداً، ويشق قنوات. وعندما تعود مياه النهر إلى مسارها، يعمل في أراضي الآخرين. ‏
منذ حوالي أربعة آلاف عام، وصفه النساخ كما يلي: ‏

المزارع يحمل النير. ‏
كتفاه ينوءان تحت النير. ‏
على رقبته قرحة متقيحة. ‏
في الصباح، يسقي بقولاً. ‏
في المساء، يسقي خياراً. ‏
في الظهيرة، يسقي نخيلاً. ‏
وأحياناً ينهار ويموت. ‏


لم تكن هناك نُصب مأتمية له. عارياً عاش، وفي الموت تكون الأرض بيته. يرقد في دروب الصحراء. ومعه الحصير الذي كان ينام عليه وكأس الطين الذي كان يشرب به.
وفي قبضته يضعون بضع حبات من القمح، فقد يخطر له أن يأكل. ‏ ص24 "

Eduardo Galeano , Mirrors: Stories of Almost Everyone


Image for Quotes

Eduardo Galeano quote : الهرم الآخر ‏<br /><br /><br />كان يمكن لبناء بعض الأهرامات أن يتأخر أكثر من قرن. آلاف وآلاف الرجال كانوا يرفعون، كتلة بعد كتلة، ويوماً بعد يوم، المنزل الذي سيعيش فيه الفرعون حياته الأبدية، ومعه كنوز جهازه المأتمي. ‏<br /><br /><br />المجتمع المصري الذي كان يبني الأهرامات، كان هرماً. <br />في القاعدة، كان الفلاح الذي بلا أرض. وخلال فيضانات النيل، كان هو من يبني معابد، ويقيم سدوداً، ويشق قنوات. وعندما تعود مياه النهر إلى مسارها، يعمل في أراضي الآخرين. ‏<br />منذ حوالي أربعة آلاف عام، وصفه النساخ كما يلي: ‏<br /><br />المزارع يحمل النير. ‏<br />كتفاه ينوءان تحت النير. ‏<br />على رقبته قرحة متقيحة. ‏<br />في الصباح، يسقي بقولاً. ‏<br />في المساء، يسقي خياراً. ‏<br />في الظهيرة، يسقي نخيلاً. ‏<br />وأحياناً ينهار ويموت. ‏<br /><br /><br />لم تكن هناك نُصب مأتمية له. عارياً عاش، وفي الموت تكون الأرض بيته. يرقد في دروب الصحراء. ومعه الحصير الذي كان ينام عليه وكأس الطين الذي كان يشرب به. <br />وفي قبضته يضعون بضع حبات من القمح، فقد يخطر له أن يأكل. ‏ ص24