Home > Author > Amélie Nothomb

Amélie Nothomb QUOTES

88 " - متى نعود إلى الديار؟ غالبًا ما كنتُ اسأل أبي_والديار هنا تعني شوكوغاوا.
: أبدًا لن نعود.
وكان القاموس يؤكد لي فظاعة تلك الإجابة.
"أبدًا" كانت هي البلد الذي أقطنه. بلد بلا عودة. لا أحبه. اليابان كانت بلدي، بلدي الذي اخترته لكنه لم يخترني. "أبدًا" كانت سمةً لي: بوصفي إحدى رعايا دولة "أبدًا".
سُكّان "أبدًا" لا رجاء لهم. اللغة التي يتكلمونها هي الحنين. والعملة التي يتداولونها هي الزمن العابر: يعجزون عن اكتنازه وحياتهم تجري بَدَدًا نحو جوفٍ يُدعى الموا الذي هو عاصمة بلدهم.
أهلُ "أبدًا" هم المشيّدون الكبار لعلاقات حبّ وصداقات وكتابات وصروخ أخرى مؤثرة وتنطوي على خرابها، غير أنهن عاجزون عن تشييد منزل، أو بناء مستقرّ، أو أي شيء قد يكون ملاذًا دائمًا وقابلًا للسكن. ومع ذاك لا يصبر أحدهم إلى شيء بقدر ما يصبو إلى كومة أحجار تكون مسكنًا له. قدرٌ محتوم يحول على الدوام بينهم وبين تلك الأرض الموعودة التي يعتقدون أنهم امتلكوا مفتاحها.
أهل "أبدًا" لا يؤمنون بأن الوجود نماءٌ، وتضاف. جمال وحكمة وثروة وتجربة؛ إنهم يدركون منذ الولادة أن الحياةَ نقصان، وضياع وخسران وتفرّق. وإذا ما وُهبوا عرشًا فإنما ذلك لكي يفقدوه. أهل "أبدًا" يعلمون منذ سن الثالثة ما لا يدركه أهل البلدان الأخرى قبل بلوغهم الثالثة والستين.
غير أن هذا لا يعني أن سكّان "أبدًا" هم أناس تعساء. بل على العكس: فما من شعب يضاهيهم بهجةً. فتات النعمة يجعل أهل "أبدًا" في غاية السعادة. وميلهم إلى الضحك، إلى الاستمتاع، إلى التلذّذ، والانبهار، لا مثيل له على هذه البسيطة. ولأن الموا يسكنهم بقوّة تزداد شهيّتهم إلى الحياة حتى الجنون.
نشيدهم الوطني هو لحن جنائزيّ، ولحنهم الجنائزي هو نشيد للفرح: أنشودة حماسية تُثير الحميّة لمجرّد قراءتها. ومع ذاك يعزفُ أهل "أبدًا" كل نوتاتها.
الرمز الذي يُزيّن رايتهم هو نبتة البَنْج. "

Amélie Nothomb , Biographie de la faim