Home > Work > النباهة والاستحمار (الآثار الكاملة، #13(

النباهة والاستحمار (الآثار الكاملة، #13( QUOTES

7 " فحين يرى المثقف نفسه مشبعا بالعلم، وينال دراسات عالية، ويكتسب معلومات واسعة ورفيعة، ويرى أساتذة كبارا وكتبا مهمة، ويجد الآراء والنظريات البديعة ويتعلمها، يجد في نفسه رضى وغرورا، ويظن أنه بلغ من الناحية الفكرية إلى أقصى ما يمكن أن يبلغه الإنسان من الوعي.

وهذا انخداع يبتلى به العالم أكثر من غيره. إذ لا يظن الأستاذ، أو الفيزيائي، أو الفيلسوف، أو الصوفي الكبير، أو الأديب، أو المؤرخ أنه يمكن أن يكون لا شيء من الناحية الفكرية، وأنه في مستوى العوام أقل شعورا. وحتى الأمي الذي لم يأنس الخط أرقى منه منزلة في الدراية الشخصية، وفي معرفة المجتمع، ومعرفة الزمان لكنه كذلك.

إن كون العالم جاهلا وبقاء المثقف عاطلا عن الشعور، أو إعطاءه العناوين والألقاب البارزة، كالدكتور والمهندس والبروفيسور وامثالهم لحالة مؤلمة جدا، فيما إذا كان فاقدا للفهم والنباهة والشعور بالمسؤولية تجاه الزمان، وحركة التاريخ التي تأخذه معها هو والمجتمع. "

Ali Shariati , النباهة والاستحمار (الآثار الكاملة، #13(

13 " إن أكبر قيم الإنسان، تلك التي بدأ منها، هي الرفض وعدم التسليم، وما يلخص بكلمة "لا"، حيث بدأ منها آدم أبو البشر.
لقد أمر بأن لا يأكل من تلك الثمرة، لكنه أكل، فصار بعدئذ آدم، وصار بشرا، وهبط إلى الأرض؛ ولولا ذلك لصار ملكا، وصار غيره آدم.
وأول ما يبدأ آدم بهدمه في حياته اليومية هو التمرد، التمرد الذي يجعله مشابها لربه في الكون؛ لماذا؟ قد يكون من أجل دين، وقع للوفاء به سفتجات على مدى سنتين أو ثلاث أو أربع، ولا يمكنه الإنكار بعد ذلك ولا يسعه إلا أن يقول، عند المطالبة به: سمعا وطاعة.
ومن هنا، نرى أن صفته الإلهية تذهب ضحية ثلاجة أو دار أو سيارة، وهذا الإنسان لا يدري أي شيء خسر وأي شيء ناله بدل الذي خسره، ولا يدري بأي شيء يتلذذ، وكم هو قدر لذته بنعمة السيارة التي ضمن من أجلها بعدم استسلامه، وقابلية ألوهيته، وكونه خليفة الله في أرضه حتى يساوي لذة تمرده ورفضه.
لاشك بأن من أدرك لذة التمرد والرفض والنباهة لن يبدلها بأي شيء، ولن يبيعها مهما غلا الثمن. "

Ali Shariati , النباهة والاستحمار (الآثار الكاملة، #13(