11
" باطلٌ كلّ البطلان أن يكون في هذه الدنيا على ما هي عليه , ثقافة يمكن أن تكون ( ثقافةً عالميّة ) , أي : ثقافة واحدة يشترك فيها البشر جميعًا ويمتزجون على اختلاف لغتهم ومللهم ونحلهم وأجناسهم وأوطانهم .. فهذا تدليسٌ كبيرٌ , وإنما يراد بشيوع هذه المقولة بين الناس والأمم , هدفٌ آخرُ يتعلق بفرض سيطرة أمةٍ غالبةٍ على أممٍ مغلوبة , لتبقى تبعًا لها .. فـ الثقافات متعددة بتعدد الملل, ومتميزة بتميز الملل , ولكل ثقافةٍ أسلوبٌ في التفكير والنظر والاستدلال منتزعٌ من الدين الذي تدين به لا محالة .. فـ الثقافات المتباينة تتحاور وتتناظر وتتناقش , ولكن لا تتداخل تداخلاً يُفضي إلى الامتزاج البتّة , ولا يأخذُ بعضها عن بعضٍ شيئًا , إلا بعد عرضه على أسلوبها في التفكير والنظر والاستدلال , فإن استجاب للأسلوب أخذته وعدلته وخلصته من الشوائب , وإن استعصى نبذتْهُ وطرحتْه "
― محمود محمد شاكر , رسالة في الطريق إلى ثقافتنا
14
" ورأس كل ثقافة هو "الدين" بمعناه العام, والذى هو فطرة الإنسان, أى دين كان, أو ما كان فى معنى الدين, وبقدر شمول هذا الدين لجميع ما يكبح جموح النفس الأنسانية ويحجزها عن أن تزيغ عن الفطرة السوية العادلة, وبقدر تغلغله إلى أغوار النفس تغلغلا يجعل صاحبها قادرا على ضبط الأهواء الجائرة, ومريدا لهذا الضبط, بقدر هذا الشمول وهذا التغلغل فى بنيان الإنسان, تكون قوة العواصم التى تعصم صاحبها من كل عيب قادح فى مسيرة "ما قبل المنهج", ثم فى مسيرة المنهج الذى ينشعب من شطره الثانى, وهو شطر "التطبيق "
― محمود محمد شاكر , رسالة في الطريق إلى ثقافتنا