Home > Work > قصص وحكايات للفتيان والفتيات
1 " وكَمْ كَانتْ دَهْشةُ الجميعِ حينَ وَصَــلَ الحَــرَسُ لِسَليمٍ ، فأبَى أنْ يَتِمَّ تَفتيشُهُ ، لِتَحَرُّجِهِ من انْكِشافِ أَمْرِ الفَطيرَةِ المُخبَّأةِ! فنَظرَ لظافرٍ بِرَجاءٍ قائِلًا : "أصْلَحَكَ اللهُ أيَّهَا المُضِيفُ الكَريمُ . أؤكِّدُ لَكَ أنني لَمْ أَرَ آنِيَتَكَ ولا لـَمَسْتُها في حَيَاتي" . ولَم يَكُنْ لظافرٍ صِلَةٌ وَطِيدَةٌ بالحطّابِ سَليمٍ ، مع أنّهُ كانَ من المُقيمينَ في الجِوَارِ ، فتَحَرَّجَ مِنْ أنْ يَسْتَثنِيَهُ مِنَ التفتيشِ وقد خَضَعَ لهُ أصحابُهُ المُقَرَّبونَ وأكابِرُ القَومِ ... "
― هدى عبد الرحمن النمر , قصص وحكايات للفتيان والفتيات
2 " كـانتْ الأستاذة سلوى تُحِبّ تلامِذَتَها جميعًا ، إلّا وَاحِدًا اسمُهُ "زاهرٌ" . كـانَ يجلِسُ أمامَها في الصفِّ الأَوَّلِ مُطَأْطَأَ الرَّأْسِ ، شارِدَ الذِّهْنِ ، مُهْمَلَ الهِندَامِ وأحيانًا سيِّءَ الرَّائحةِ ، لا يتحدثُ إلى أَحَدٍ ولا يتحدّثُ إليه أحَدٌ! "
3 " فسمِعَتْهُ عُصْفورَةٌ واقفةٌ على غُصْنِ شجرَةٍ قريبةٍ من الغَدِيـرِ ، فهزَّتْ رأسَهَا الصَّغيرَ غَيْـرَ مُقتَنِعــةٍ ، وعَقَّبَتْ قائِلَةً : "لم أسمَعْ أَبَدًا عَنْ أحَدٍ يَحْصُلُ على كلِّ ما يُرِيدُ ، ولا أعتَقِدُ أنَّ هذا مُمكنٌ ، لأنَّنا جميعًا مَحْدُودُو القُـدُرَاتِ ، والمَثَـلُ جَرَى بأَنَّهُ (ما كـلُّ ما يَتَمنّى المَرْءُ يُدْرِكُـهُ)" . فَضَحِكَ الثعلبُ هَازِئًا ، وأجابَ : "وماذا تفهمينَ أنتِ أيّْتُها العُصفورةُ ذاتُ الرأسِ الصغيرِ؟! "
4 " سَأَلتُ جَدَّتِيَ يومًا ، وهيَ تُعِـدُّ بعضَ الشايِ ، عَنْ مَدَى افتِقادِها لِجَدِّيَ وأمّيَ – يَرحَمُهُما اللهُ - ، وإنْ كـانَتْ تُحْزِنُها ذِكْرَيَـاتُ مَنْ فارَقُوهـا مِن أَهلِهـا تِباعًـا على مَدَى سَنَواتِ عُمُرِها . فَشَرَدَتْ حِينًـا وهِيَ تُقَلِّبُ السُّكَّـرَ في فِنْجانِهَا ، كأنّما تفكّـرُ في كيفيةِ تَبسيطِ الجَوابِ لِصَبيٍّ في السّابِعَةِ مِنْ عُمُرِهِ . ثُمَّ ابتَسَمَتْ بِحَنانٍ ، وأَجَابَتْ وهيَ تُريني مُكَعَّباتِ السُّكَّـرِ تَذوبُ في الشّايِ : "أتـَرى يا إبراهيمُ كيفَ أنَّ السّكّـرَ يُسْتَعمَلُ لِتَحلِيَةِ غَيْرِهِ ، وهُوَ كَذلِكَ حُلْوٌ في نَفْسِهِ؟ ذِكرياتُنا الجَميلَةُ معَ مَنْ نُحبُّ تُشبِهُ السُّكَّـرَ : فيها مِنَ أَنْفَاسِ الحَياةِ ما يَحفَظُ مَذَاقَها الحُلْوَ في وِجْدَانِنا حتى بَعْدَ رَحِيلِهُمُ ، إلى أن تَغْدُوَ حياتُنا نَفسُها يَومًا ذِكرَياتٍ حُلوَةً لِغَيرِنا بَعدَ رَحيلِنا" . "
5 " ماذا يكونُ جَزاءُ مَنْ يَغْدُرُ بِصَديقِهِ المُخلِصِ لَهُ؟ وما عَاقِبَةُ نُكْرانِ الجَميلِ وعَدَمِ الوَفاءِ؟ وهَلْ يُمكِنُ أنْ يَجتمِعَ كلبٌ معَ ثَعْلَبٍ على إِخَاءٍ وَموَدَّةٍ؟! هذا ما نَكْتَشَفُ جَوَابَهُ في هذهِ القِصَّةِ العَجيبةِ! "
6 " اسْتَنَارَ وَجْهُ الصَّغيرِ ذِي الأَعوامِ الثمانِيَةِ ، وأَجَابَ في حَمَاسَةٍ : "سَأَلَنا مُعلِّم اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ اليومَ سُؤالًا لم يُجِبْهُ أَحَدٌ غَيرِيَ ، فأَعْطانِيَ عَلامَةً كَامِلةً وقِطْعَةَ حَلْوَى! "
7 " أنا سمكةُ الأُمْنِيَاتِ الثلاثَةِ ، إذا أطْلَقْتَـنـِيَ يَصيرُ لكَ أنْ تتمنَّى ثَلاثَ أُمْنِياتٍ ، تتحققُّ بإذنِ اللهِ "
8 " ليسَ الذكاءُ أنْ تَظنَّ أنكَ قادِرٌ على فِعْلَ كُلَّ شيءٍ ، بل أنْ تعرِفَ ما في إمْكانكَ عَمَلُهَ حقًا ، وتَعمَلَهُ بإتقانٍ "
9 " حِينَ سَأَلْتُكَ عن تِلكَ الَجلَبَةِ ، تَوَجَّبَ عَلَيكَ التَّرَدُّدُ على المكانِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ على الأَقَلِّ ، أما الوَزيرُ فذَهَبَ مَرَّةً واحِدَةً فَحسْبُ ، وعَادَ مِنْ تِلكَ المرَّةِ بجوابٍ أَدَقَّ وأَشملَ مما حَصَدَّتَ أنتَ في ثَلاثٍ . بَعضُ النّاسِ يُجيدُون فُنونَ الوِزَارَةَ ودَقائِقَ المُلاحَظَةِ ، وآخُرونَ يُحسِنُونَ التَّجديفَ ومَهامَّ المِلاحَةِ . أَفَهِمْتَ الفارِقَ الآنَ؟ "