Home > Work > حديث القمر
41 " ومتى كان القلب جاهلا بقي الإنسان بعلومه كأنه قطعة في أداة هذه الطبيعة "
― مصطفى صادق الرافعي , حديث القمر
42 " اليوم الذي يكون فيه كل الناس عقلاء في الرأي يكون كل الناس مجانين في الحقيقة. "
43 " وإني قد رأيت دوّامة الماء لا تلتوي عن تيار النهر إلا لتفتح لنفسها قبراً فيه، وإذا لم تكن قادراً أن تنال ما تطمع فيه فلتكن قادراً أن لا تطمع فيما قُطعت عنك أسبابُ نيله، فإن غاية القدرة في الحالتين الرضى، وأنت في أكثر ما تعاني إنما تتألم بأوجاع الناس من حيث يؤذي نفسك ولا تغني عنهم من شيء، فإنك لا تملك إلا نفسك، ولا تملك نفسك إلا فضائلها، وأنت على ذلك تجاري بآمالك أقواماً من الأغنياء هم أصابع الدنيا في كفيها وقدميها... لا يعرفون إلا فلسفة الحس ولا فلسفة لهم إلا أن كل حقائق الدنيا لو حللتها الفلسفة أو العلوم أو الأديان لألفتها على كل حالة حقائق ذهبية... هكذا اصطلح الناس كأن الله لايعطي ولا يمنع إلا بعد لأن يتواضعوا فيما بينهم على ما يسمّونه إعطاءً وحظاً مما يسمونه منعاً وحرماناً، وكأن ليس في الأرض غني عقيم بلغ من الدنيا ومن الكِبر ومن العقم جميعاً، ثم نظر إلى كنوزه العريضة ونظر معها إلى طفل يلعب في بيت رجل فقير ويملؤه الضحك فعرف من هذه الحقيقة الحية مقدار ذلك الوهم الميت الذي يسميه الغنى وكأن ليس في الأرض رجل ذكي عبقري لا يملك إلا عقله وهمة نفسه وهو مع ذلك لا يسرُّه أن تكون له بهما كنوز فَدمٍ غبي له من المال وبلادة العقل وصغر النفس مقادير يوازن بعضها بعضاً، وكأن ليس في الأرض محب دَنف يهوى غادة فاتنة وقد عرف ما هو الغنى في اصطلاح القلب كما عرفه الذكي في اصطلاح العقل وكما عرفه العقيم في اصطلاح النفس.إن الطبيب الحكيم لا يجاري العليل ولكنه ينظر إلى العلة، وإن الله سبحانه وله العزة لا يبالي باصطلاح الناس ولكنه ينظر مصلحتهم حين يعطي ويمنع، فليس في الأرض فقير قط إلا عند نفسه، ولو اطَّلع كل إنسان على الغيب لما اختار إلا ما هو فيه. "
44 " ليس كل من عصر عينيه فقد بكى، إن البكاء لأشرف من ذلك؛ الضحك أحيانا حركة في الأفواه تبعثها العادة كحركة في الحواس الغليظة فيضحك المرء وقلبه صامت، كذلك يكون من البكاء ماهو حلم الأسى؛ لأن في العين حاسة لا بد من تمرينها أحيانا تسمى حاسة الدموع. "
45 " بل ماذا يبلغ الكلام من حب يجعل الحياة كأنها كلمة رضى في شفتي الحبيبة، ويجعل الحبيبة نفسها كأنها كلمة رضى في شفتي الحياة؟ "
46 " ليس شيء أقوى من الحق، ولكن الشريعة في يد الظالم تجعل الباطل أقوى منه، وليس شيء أعنف من البغض، ولكن الجمال الذي يتولاه اصطلاح الناس يجعل الحب أقسى منه "
47 " هي فلسفتك المؤمنة الجميلة التي تجمع الإيمان وهو الحب السماوي، وبين الحب الذي هو الإيمان الأرضي،. "
48 " رب يوم يبيعه رجل فلا يساوم عليه بأكثر من نظرة ازدراء، و يوم آخر تبذل فيه كل أزمنة التاريخ المجهولة و كثير من أيامه المعدودة ليملأ بعظمته ذاكرة الزمن الخالية. "
49 " الشاعر الزائف كالدينار الزائف: كلاهما لا يجوز على أحد إلا مع الغفلة؛ و كلاهما رذيلة فى نفسه بالغش و مصيبة على غيرة بالخسارة. "
50 " إن الأرض لا تقدِّس البكاء، وكل دموع الناس لا تُبلُّ ظمأ النسيان، ولو انحدرت كالسيل يدفع بعضها بعضاً "
51 " هذا هو الرجل الإلهي الذي لا ينثني لأنه الحقُّ، ولا ينحرف لأنه العدل، ولا يَخاف لأنه البأس، ولا يضعف لأنه القوة، ولا يحيف لأنه الإنصاف، ولو تعلق به أهل الأرض جميعاً لمشى بهم مطمئناً لأنه في نفسه كقطعة من نظام السماء الذي يجذب الأرض في فضائها "
52 " ما رأيت كثلاثة أشياء لا تضبط إذا اندفقت ولا ترَدُّ إذا اندفعت: موجة البحر المضطرب، ودمعة الحزين اليائس، وإرادة الحبيبة الجميلة. "
53 " العبودية للحب الصحيح هي مبدأ العبودية الصحيحة لله .. "
54 " ولستُ أصدق أنّ ملحداً يعمل لخير الناس ابتغاءَ الخير نفسه فإن حدثوكَ بخبرٍ من ذلك فاعلم أنهُ يريد به الرجل بُرهاناً على صحة إلحادهِ الإنساني ، يخدع به من يقدم له الخير أو من يراه وهو يقدمه ؛ فإنه لـ سخافته بـ كفر الله ويريد أن يعمل بعمل الله "
55 " حديث القمر: والغيب كسجل أسماء الموتى تختلف فيه الألفاب, و تتباين الأحساب و الأنساب , و تتنافر معانى الشيب من معانى الشباب , و هو يعجب ممن يسمونه بغير اسمه و لا يعلمون أنه كتاب ٌ فى تاريخ عصر من عصور التراب "
56 " ولو كانت روح كل محب لا تنتزعَ إلا بقُبلة ولا تفيض إلا مع الإبتسام ولا تجد قفل باب السماء هذا الفمَ الورديّ الدقيق، لتغّير نظام القلب الإنساني ولصارت كل نبضة من نبضاته كأنها خطوة واسعة في قطع المسافة بين الدنيا والآخرة، إذ يكون للحياة وقتئذ ما عهدناه من بغض الموت. ويكون للموت ما نعرفه من حب الحياة.ولو لم تكن في الأرض هذه الوجوه الجميلة لما صلُحت الأرض للحياة العاقلة ولا نشأ فيها عقل واحد يستطيع أن يجد دليلاً على وجود الله فإن تلك الوجوه الفتانة – بما تحوي من المعاني التي تشبه في إقناعها للنفس من النظرة الأولى ما تحويه أقوى البراهين المنطقية - إنما هي في الحقيقة الصفحات الأولى من كتاب المنطق الإلهي، واعتبر ذلك بهؤلاء المَلاحِدة الذين ينكرون الخالق فإن أخبثهم إلحاداً لا يكون إلا أشدّ الناس بغضاً لطهارة الجمال. "
57 " إنّ الذُباب لـ يقع على الزهر كما يقع النحل ليجني العسل وإنّه ليطن في الروض كما تُغرّد الطيور لترقيص قلوبها الصغيرة ثمّ يطير عن الزهرة ذُباباً كما وقع ويسكت ذُباباً كما طن وكيفما نظرت إليه ... لا تراه إلا ذُباباً "
58 " و كل دموع الناس لا تَبُل ظمأ النسيان و لو إنحدرت كالسيل يدفع بعضها بعضا. "
59 " والخطيئة إنما تكون في العقل بديـّاً ، فتخلق فكراً، ثم تنحدر مع القوة إلى القلب كأنها قوة له، ثم تقع وتتمثل وفيها سخط القلب ورضى العقل غالباً أو رضاهما معاً في القليل النادر؛ وهذا السخط القلبي هو الذي يترك في الرأس أثراً من ذكراها، وهو الذي يسميه بعض الناس: ندماً، ويسميه بعضهم: صوت الضمير...!!أما القلب فهو موضع الحقيقة السماوية التي تظهر بين الناس في هيئاتها فيسمونها "المحبة"، وبين الملائكة فيسمونها "الإنسانية"، وعند الله فيسمونها "الإيمان"؛ وما كان في القلب غير ذلك فهو من "تسلط العقل" واستبداده.! "
60 " فمن أحبَّ و رأى حبيبته.. من فرطِ إجلاله إياها .. كأنها خيالُ مَلَكٍ يتمثل في حُلم من أحلام الجنة..و رأى في عينيها صفاء الشريعة السماوية..و على شفتيها احمرار الشفق الذي يخيّٓل للعاشق دائماً أن شمسَ روحه تكاد تمسي..و رآها في جملةِ الجمال تمثال الفن الإلهي الخالد..الذي يُدرَس بالفكر و التأمل لا بالحس و التلمُّس..فأطاعهاكأنها إرادته.. و استند إليها كأنها قوَّتهُ..و عاش بها كأنها روحه..فذلك هو الذي يشعر بحقيقة الحب و يفهم معناه السماوي... "