Home > Work > The Road to Mecca

The Road to Mecca QUOTES

11 " كنا قد توقفنا لأداء صلاة الظهر . وبينما كنت أتوضأ من قربة ماء ، تساقطت قطرات على بقعة من حشائش
جافة بين قدمي، محموع من سيقان الحشائش الجافة الباهتة، صفراء ذابلة بلا حياة تحت حرارة شمس لافحة. حين تساقطت عليها قطرات الماء، بدا كما لو كانت رعشة تسري في أنصال أوراقها الجافة المتغضنة، رأيت أوراقها وأنا مشدوه وهي تتفتح ببطء وارتجاف. نثرت قطرات ماء أخرى عليها، تحركت أنصال أوراقها واستدارت ثم استقامت ببطء، باستحياء وتردد.. كتمت أنفاسي دهشة وأنا أصب مزيداً من الماء على بقعة الأعشاب. تحركت أسرع وانفردت سيقانها المائلة واستقامت أوراقها بحوية أشد، كما لو كانت هناك قوة خفية تدفعها للاستيقاظ من أحلامها المليئة بالموت والفناء. كان مشهداً رائعاً لا يمكن أن أنساه، بدت أنصال أوراق الأعشاب الضئيلة تتمدد كما تتمدد أطراف نجمة البحر، كأنها مأخوذة بنشوة خجولة لايمكن كبح جماح متعتها، احتفاء جامح من المتعة الحسية: عادت الحياة منتصرة إلى ما كان يبدو من لحظات من الموتى، رأيت ذلك ووقع تحت بصري، حدث باتقاد مشبوب، بقوة طاغية تتوق إلى الحياة، وتفوق قوتها وعظمتها القدرة على الفهم والتفسير. "

Muhammad Asad , The Road to Mecca

12 " قضيت كل وقتي في دمشق أقرأ من الكتب كل ما له علاقة بالإسلام، كانت لغتي العربية تسعفني في تبادل الحديث؛ إلا أنها كانت أضعف من أن تمكنني من قراءة القرآن الكريم، لذا لجأت إلى ترجمة لمعاني القرآن الكريم، أما ما عدا القرآن الكريم فقد اعتمدت فيه على أعمال المستشرقين الأوروبيين.

ومهما كانت ضآلة ما عرفت إلا أنه كان أشبه برفع ستار، بدأت في معرفة عالم من الأفكار كنت غافلاً عنه وجاهلاً به حتى ذلك الوقت، لم يبدُ لي الإسلام ديناً بالمعنى المتعارف عليه بين الناس لكلمة دين؛ بل بدا لي أسلوباً للحياة، ليس نظاماً لاهوتياً بقدر ما هو سلوك فرد، ومجتمع يرتكز على الوعي بوجود إله واحد، لم أجد في أي آية من آيات القرآن الكريم أي إشارة إلى احتياج البشر إلى الخلاص الروحي ولا يوجد ذكر لخطيئة أولى موروثة تقف حائلاً بين المرء وقدره الذي قدره الله له، ولا يبقى لابن آدم إلا عمله الذي سعى إليه، ولا يوجد حاجة إلى الترهب والزهد لفتح أبواب خفية لتحقيق الخلاص، الخلاص حق مكفول للبشر بالولادة، والخطيئة لا تعني إلا ابتعاد الناس عن الفطرة التي خلقهم الله عليها، لم أجد أي أثر على الثنائية في الطبيعة البشرية فالبدن والروح يعملان في المنظور الإسلامي كوحدة واحدة لا ينفصل أحدهما عن الآخر. "

Muhammad Asad , The Road to Mecca

19 " فعلاً – فكرت بيني و بين نفسي – سخر الانسان الغربي نفسه لعبادة “الدجال”. لقد فقد من زمن طويل كل براءة و فطرة و كل تكامل داخلي مع الطبيعة. أصبحت الحياة لغزاً أمامه. أصبح متشككاً ، و بذلك عزل نفسه عن مجتمعه من البشر و أصبح يعيش في عزلة داخلية. و حتى لا يفنى في تلك الوحدة ، فإنه يسعى إلى قهر الحياة و التغلب عليها بوسائل خارجه عن فطرته. لم تعد حقيقة أنه حي تهبه أماناً داخلياً : لا بد أن ياصرع على الدوام من أجل مزيد من الحياة كأنها غاية في ذاتها. و لأنه فقد كل تكيف روحي لما فوق المادة ، قرر أن يحيا بلا بعد روحي ، و دفعه ذلك إلى إختراع وسائل آلية ميكانيكية تكون حليفة له و نما عنده الميل المحموم اليائس إلى التقنية و التمكن من قوانينها و وسائلها. راح يخترع كل يوم آلات جديدة، و يضفي على كل منها بعضاً من روحه و يدعها تقاتل بدلاً منه ليستمر وجوده زمناً أطول. إنهم يفعلون ذلك > إلا أن ذلك يخلق لهم على الدوام الاحتياجات الجديدة، و مخاطر جديدة، و مخاوف أكثر تدفعه إلى إخترع حلفاء جدد مصنوعة ، في عطش لا يرتوي أبداً. لقد فقد جانبه الروحي في العجلات الدائرة للآلات المنتجة، و فقدت الآلات الهدف الرئيسي منها- ان تكون حامية و مخصبة للحياو الانسانية- و تحولت إلى آلهة بذاها، آلهة مفترسة من الصلب. و يبدو أن مبشرى و دعاة ذلك الإله لا يرتوي لا يعون أن سرعة تطور التقنية الحديثة ليست فقط نتيجة للنمو العقلي ، بل نتيجة لليأس الروحي ، و أن تلك المنجزات العظمى التى يعتقد أنه يقهر بها الطبيعة ليست في حقيقتها إلا ميلاً دفاعياً : فخلف واجهاتها البراقة يكمن الخوف من المجهول. "

Muhammad Asad , The Road to Mecca