Home > Work > الدين والدولة وتطبيق الشريعة

الدين والدولة وتطبيق الشريعة QUOTES

11 " جهة يكرر في خطبه أن ما حدث من حرب بينه وبين علي بن أبي طالب، وما كان من انتصاره وانتزاعه الحكم، إنما كان ((بقضاء الله وقدره))، وبالتالي فالله هو الذي قضى ((بسابق علمه)) أن يتولى الأمويون الحكم لأنهم أهل له وأكثر الناس خبرة بشؤونه. وقد ردد عماله هذه الفكرة نفسها، ومنهم زياد بن أبيه في خطبته المشهورة بـ ((البتراء))، التي قال فيها: ((أيها الناس، إنا أصبحنا لكم ساسة وعنكم ذادَة نسوسكم بسلطان الله الذي أعطانا ونذود عنكم بفيء الله الذي خولنا...))، وخطب معاوية أمام معارضي تولية ابنه يزيد ولياً للعهد فكان مما قاله: ((وإن أمر يزيد قد كان قضاء من الله وليس للعباد خيرة في أمرهم)). هذا من جهة، ومن جهة أخرى، سلك معاوية سياسة ((واقعية))، وعمل جهده على حمل الناس على النظر إلى مسالة الحكم بعين ((الواقعية السياسية)) التي تقوم على التسليم بالأمر الواقع. خطب في المدينة بعد تمام ((البيعة)) له عام الجماعة فقال: ((أما بعد فإني ما وليتها بمحبة علمتها منكم ولا مسرة بولايتي، ولكني جالدتكم بسيفي هذا مجالدة))، ثم قال إنه حاول أن يحمل نفسه على سيرة أبي بكر أو عمر أو عثمان، ولكنها أبت ذلك ولم تستطعه، ثم أضاف قائلاً: ((فسلكت بها طريقاً لي ولكم فيه منفعة: مواكلة حسنة ومشاربة جميلة. فإن لم تجدوني خيركم فإني خير لكم ولاية...)). وسار ((الخلفاء)) الأمويون "

محمد عابد الجابري , الدين والدولة وتطبيق الشريعة