Home > Work > معراج التشريف إلى حقائق الحديث الشريف
1 " يلقى هذا البحث الضوء على الضوابط العامة والشروط الأساسية للأبعاد الروحية والإشارية لحقائق الحديث النبوى الشريف، من خلال دراسة منهجية تحليلية تستند إلى منهج السلف الصالح، بيانا لبعض الإشكاليات المرتبطة بموضوع الفقه الصوفى للحديث النبوى الشريف كتأصيل علمى روحى لمنهج أهل السنة والجماعة وبيانا للبعد الإشارى الصوفى الحق فى هذا المضمار، مبينا ومساهما فى تأسيس وإرساء قواعد ومبادئ "علم الفقه الصوفى للحديث النبوى الشريف"، من خلال تحليل منهج الشيخ ابن أبى جمرة فى كتابه الماتع (بهجة النفوس). ويضاف إلى ذلك قناعة الباحث بأن كتاب بهجة النفوس إنما هو وصف كامل شامل جامع لمعالم وتفاصيل الطريق إلى الله: طريق أهل الله، السائرين، والواصلين، بداية من حديث بدء الوحى، وانتهاء بحديث خطاب الله تعالى لأهل الجنة، ورضائه عليهم. "
― موسى محمود شومان , معراج التشريف إلى حقائق الحديث الشريف
2 " ، بل يرى الباحث أهمية كبرى للأبعاد الإشارية لتنبيه الناس ومساعدتهم على الإفاقة من غفلتهم وطغيان أمور الدنيا فى عصر طغت فيه المادة على الروح فاشتد الصراع الحاصل بين قوى الخير الممثلة فى عالم الأمر الذى هو بداخل الإنسان بدءا بالقلب وبالروح وتعزيزا بالعقل، وبين قوى الشر الممثلة فى النفس وصفاتها، بأنواعها المختلفة وذلك فى مدينة البدن "
3 " ويعتقد الباحث اعتقادا جازما قائما على الدليل المطابق للواقع أن كتاب بهجة النفوس إنما هو واحد من كتب القوم العالية القدر، العظيمة المنزلة، وأنه تحديد واضح، وبيان ظاهر، ووصف جلى لملامح الطريق إلى الله، ومن ذاق عرف، ومن عرف اغترف، وأنه بيان كافى لمعالم الطريق الشافى "
4 " (لمحة): سرت نسمة المحبوب للمحب فطار فرحا وشوقا، فكيف لو رأى جماله عيانا! فقرر لك ذلك بعد صحة البدء، فثنى ببيان ركنية المحبة من الإيمان، حتى إذا أبصرت الخاتمة هرولت إلى البيعة، فبايعت، وأخذت العهد، وحينئذ صار كل من سار معك من إخوانك، فلا قتال بينهم، بل غفران واحتساب فتصير كل لياليهم ليلة قَدْر. "
5 " فإذا كان البدء هكذا، فإنه وبعد إقرار صحته، والثبات على هذه البداية، أشار الشيخ إلى أهم ركن من أركان الطريق، ألا وهو ركن الإيمان الأجل، متمثلا فى الحب، فثنى ببيان ركنية المحبة من الإيمان، مبينا حلاوة العبارة، ودقة الإشارة فى حديث حلاوة الإيمان، وفى ذلك إشارة عظيمة إلى أن مَنْ بدء الطريق، لابد له من الحب أولا، والرحمة، والمودة، ولا نبدأ معه بالتخويف أو العذاب أوالعقاب، وإنما بما تخالط بشاشته القلب، ألا وهو الإيمان، حتى إذا أحب استطاع السير والاتباع والاقتداء، فيثبت على الطريق. "
6 " وأنك إذا لمحت هذا واستشعرته أبصرت الخاتمة فهرولت إلى البيعة، فبايعت، وأخذت العهد، تَصْدُق مع الشيخ، لتَصْدُق مع الرب، خلف المعصوم . وحينئذ صار كل من سار معك من إخوانك (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)، فلا قتال بينهم بل غفران واحتساب، ولا يتأتى لك أن تتسبب فى إيذاء أحد مهما كان، بل ترد الإساءة بالمعروف، وتكظم الغيظ وتعفو عن الناس، وألا تكافئ من عصى الله فيك بأكثر من أن تطيع الله فيه، لتصل إلى المحسنين فتكون منهم، فتصير كل لياليك ليلة قدر، والتى رُفِع سِرُّ موعدها بسبب التشاحن بين الناس، فكن رحيما، مُحِبًّا، ودودا، متمثلا رحمة خير الورى (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ)، فديننا أساسه اليُسْر وطريقنا مبناه الرفق واللين والهوادة والقرب من السنة فما شَادَّ الدينَ أحَدٌ إلا غَلَبَهُ، وهذه من البشارات "
7 " يمكن اقتراح التعريف الإجرائى الآتى:البيان الإشارى للحديث النبوى الشريف، أو بمعنى آخر الفقه القلبى للحديث النبوى، والذى هو الفقه الصوفى للحديث النبوى الشريف،هو:تَأوِيلُ مَا أُثِرَ عَن النَّبِىّ بِغَيْرِ مَا يَظْهَرُ مِنْه، بِمُقْتَضَى إشَارَاتٍ تَظْهَرُ لأهْلِ السُّلُوكِ، ويُمْكِن الْجَمْع بينها وبين الظَّوَاهِرِ الْمُرَادَة، وبأنْ يَكُون سَالِمًا مِن مُعَارَضَةِ الْعَقْلِ والنَّقْلِ واللُّغَةِ "