Home > Work > كلام
1 " لا تُحِبُّ الأشجارُ لونَ أوراقِ الكتُبِ الصفراء ..لأنَّها تُذَكِّرُها بالموت ..كذلك، هذا الحَفيفُ الذي يسمعُهُ المُرهَفونَ للشَّجَر:يكرَهُ أورادَ المُتَبَتِّلين ..لهذاالتصقتُ أمسِ بسِنديانةٍ عملاقة ..ولم أتكلَّمْ إلى الآنْ". كنتُ أسمعُ جوقةَ مُنشِدِين وأنا أكتبُ هذا النَّصّ .. لم أكن أراها .. لكني كنتُ أسمعُها .. لم أكن أعلمُ مصدر الصوت .. ورأيتهم ينظرونَ إليَّ في حزنٍ حين صرَّحتُ بأن الحفيف يكرهُ أوراد المتبتلين .. يالَحُزنِ الكائنات! ربَّما كانت كلُّ وساطاتِ العقل لتفهُّمِ الأشياء بائسة .. ربَّما كان العقلُ نقمة .. المنشدون يحبُّون أن يتماهَوا مع الشجر .. لكنهم توسطوا إلى ذلك بعقولهم، فلم يُصبحوا شجرًا ولم يدركوا سِرَّ الشجَر .. كيف لي أن أدركَ الأشياءَ في ذاتِها؟ أن أتماهَى معها؟؟ هل من طريقٍ إلى حدسٍ أزليٍّ أبديٍّ صامتٍ مُقَدَّس؟ أنا في بدايةِ الجُنون!* * *من رواية (كلام) - الفصل الثاني (صلاح/ الإثمُ وردةٌ ذهبية) "
― محمد سالم عبادة , كلام
2 " - هل حكيتُ لكم عن الحلم القديم الذي" كان يطاردني وأنا صغير؟ كنتُ أرى نفسي واقفًا على كرسيٍّ في مكان السرير في حجرة نومي، ممسكًا بحبل مشنقةٍ معلَّقةٍ في السقف، وأمي مذعورةٌ على باب الحجرة تقولُ بصوتٍ مهزوز: "ما تخافش يا (نادر) .. ما تخافش يا حبيبي .. حانروح المولد." .. كنتُ أصحو كلَّ مرةٍ فَزِعًا من النوم وأنا أشنقُ نفسي .. (يضحك) هذه الأغنية قيلت من أجلي على فكرة ! "
3 " أصبحنا أنا و(رحاب) نتحادثُ هاتفيًّا بشكلٍ يومِيٍّ تقريبًا .. إمّا أن" تطلبَني وإما أن أطلُبَها .. حدَّثَتني عمّا جرى بينها وبين (صلاح) بالتفصيل .. كانت تضحكُ كما لو أنَّ كلَّ ذلك حدثَ مع صديقةٍ لها وليس معها هي .. حين قالَت إنها تشفِقُ على (صلاح) ممّا هو فيه، عرفتُ أنها صادقة .. لديَّ تلك الموهبة .. أعرفُ مَن يصدقُ مِمَّن يكذب .. لكنّي أفتقرُ إلى ملَكَةٍ أخرى أظنُّها مهمَّةً، وهي أن أفهمَ ما قيمةُ صدقِ هؤلاء وكذبِ أولئك؟! "
4 " ساعةَ وصلنا إلى باب الشقة، سألَتني:- هل تحبُّني؟!- أحبُّك ..- مممم .. إذن تخطط لأن نتزوَّج؟ لم يكن هذا هو التوقيتَ المناسِبَ في عُرفِ معظم البنات لمثل هذا السؤال .. من المعروفِ أنَّ مثلَ هذا السؤال مع الإلحاح يُطيرُ أيَّ عريسٍ مُحتمَل .. ولم أكن أنوي أن أخدعها .. أنا رجلٌ صادقٌ في ذاتي .. أعرف هذا عن نفسي، ولا أحتاج إلى أن أثبِتَه للآخرين .. (رحاب) بيضاء كالسَّحاب، بضَّةٌكالبالونة، صامتةٌ الآن كالماء العَسِر .. ما أجملَ أن تحملَ السحابَ بين ذراعيك، وأن تداعِبَ البالونةَ بأصابعك، وأن تغمسَ لسانكَ في الماءِ العَسِر، دون أن تشربَه .. "