Home > Work > ‫الكوجيطو المجروح؛ أسئلة الهوية في الفلسفة المعاصرة ‬

‫الكوجيطو المجروح؛ أسئلة الهوية في الفلسفة المعاصرة ‬ QUOTES

2 " أمّا النتيجة الأخلاقية المباشرة لهذا التحوّل المفهومي الخفيّ فهو إنتاج "الإنسان الحديث": هذا الكائن المشوّه الذي لم يعد يستطيع أن يكون لا سيّدا ولا عبدا. في هذه البؤرة "الحديثة" تكوّنت تقويمات سقيمة وباهتة تدعي أنّها محايدة ونـزيهة من قبيل: الحسن والسيّئ، الجيّد والرديء، النافع والضار، اللائق وغير اللائق، المشروع وغير المشروع،... وهي كلّها تقويمات منافقة لأنّها لا تريد الحسم الأخلاقي في مرتبتها من إرادة الاقتدار: هل تريد السيادة أم تريد العبودية. مثلا: لا معنى لأنْ نقول عن شخص ما إنّه سيّء أو إنّه حسن، وإنّه جيّد أو إنّه رديء، ما لم أربط ذلك بتأويل حيوي نشط وجسور لإرادة الحياة التي تحدو ذلك الشخص. من أجل ذلك لا يكون الشخص "سيّدا" أو "عبدا" بالمعنى الاجتماعي أو السياسي السائد، بل في معنى إرادة السيادة على معنى الحياة التي يريد أن يخلقها وإرادة العبودية لمعنى مقرّر ومفروض عن الحياة. "

فتحي المسكيني , ‫الكوجيطو المجروح؛ أسئلة الهوية في الفلسفة المعاصرة ‬

7 " نحن لا يحق لنا أن "نرجو" من العالم الآخر إلاّ بقدر ما "نوسّع" من مجال استعمال عقولنا لا غير. إنّ الرجاء قصد "عملي" محض ولا يحتوي على أيّ مضمون "علمي". ومن يطمع في إنتاج "معرفة" عن الرجاء هو يعامله وكأنّه ظاهرة "وضعية" وليس موقفا روحيا. ولذلك فإنّ الأديان التوحيدية وغير التوحيدية تتعرض غالبا إلى عملية توظيف أداتي واسعة النطاق بمجرد الشروع في تفسيرها بشكل نظري وكأنّها "معارف" قابلة للبرهنة عليها. ليس ثمة إساءة للإيمان مثل تقديمه في ثوب معرفة يمكن تبريرها بشكل نظري. وفي المقابل لا ينبغي أبدا فهم "العملي" وكأنّه مجرد سلوك منفعي أو براغماتي. أجل، لا يخلو أيّ نمط من الرجاء من نوع ما من الغايات والمقاصد، إلاّ أنّها منفعة "متعالية" وبراغماتية "عقلية" وقبلية. إنّ القصد هو أنّ العملي لا يعني هنا أكثر من التشريع الأخلاقي الكوني لأنفسنا باسم فكرة الحرية بقدر مستطاع الطبيعة البشرية كعضو في مملكة الكائنات العاقلة المفترضة. العملي في صلب عقولنا وليس خارجها. إنّه معنى الحرية كعنصر "باطني" في نمط عقولنا كبشر. باطني أي صادر من طبيعتها من حيث نـزوعها العفوي إلى الحرية. "

فتحي المسكيني , ‫الكوجيطو المجروح؛ أسئلة الهوية في الفلسفة المعاصرة ‬