Home > Author > نيكوس كازانتزاكيس >

" انا عندما أرغب في شيء ما ، أتعرف ماذا أفعل ؟ إنني آكل منه حتی التقزز كي أتخلص منه ولا أفكر به مطلقا ، او أفكر به باشمئزاز .
عندما كنت طفلا ، كنت مجنونا . لم يكن لدي مال كثير . لهذا كنت لا أشتري كثيرا منه دفعة واحدة . وبعد أن آكل ما اشتريه ، تظل بي شهوة إلى المزيد منه . كنت لا أفكر ليل نهار إلا بالكرز ، ويسيل له لعابي ، وأتألم حقا ! لكنني ذات يوم غضبت بشدة ، أو بالأحری خجلت ، لست أدري علی الضبط ! لقد أحسست بأن الكرز يفعل بي ما يشاء وبأن هذا يجعلني مضحكا ، إذن ، فما الذي فعلت ؟ نهضت في الليل خلسة ، وبحثت في جيوب أبي ، ووجدت مجيدية من الفضة ، فأخذتها ، وفي الصباح الباكر ذهبت إلى بقال ، واشتريت سلة من الكرز ، وجلست في حفرة ، واخذت بالأكل . وأكلت وأكلت حتی انتفخت بطني . وبعد فترة أخذت بطني توجعني وتقيأت وتقيأت ... ومنذ ذلك الحين انتهت قصة الكرز . بل إنني لم أعد أستطيع حتی أن أتصوره . لقد تخلصت . صرت أنظر إليه وأقول : لست بحاجة إليك . وفعلت الشيء نفسه فيما بعد مع الخمر والتبغ . انني لا ازال ادخن ، واشرب . لكن عندما اريد ان أكف ، أكف . إن الرغبة لم تعد مسيطرة علي . والشيء نفسه بالنسبة للوطن ، لقد رغبت فيه فأكلت منه حتی الشبع ، و تقيأت .. و تخلصت منه.
...
تخلصت من الوطن ، تخلصت من الكاهن ، تخلصت من الماء . إنني أغربل نفسي . كلما تقدم بي العمر ، غربلت نفسي أكثر . إنني أتطهر ، كيف أقول لك ؟ إنني أتحرر ، إنني أصبح إِنساناً.

---

متى أنزوي أخيرا في الوحدة ، بمفردي ، دون رفاق ، دون فرح أو حزن ، لايصحبني سوى اليقين المقدس بأن كل شيء ليس إلا حلماً ؟ متى أعتزل فرحاً مع أسمالي البالية دون شهوات فى الجبل؟ متى أختلي، بعد أن أتبين أن جسدي ليس إلا مرضاً و جريمة وشيخوخة و موتاً، فى الغابة حراً، دون خوف ، مليئا بالفرح؟


---

ما هذا الجنون الذي تملكنا لكي نلقي بأنفسنا على رجل آخر لم يؤذنا بشيء ثم نعضه ونقطع أنفه ونمزق أذنيه، وفي الوقت نفسه نطلب من الله العظيم أن يساعدنا !! فهل هذا يعني أننا نطلب من الله أن يذهب معنا ليقطع آذان البشر وأنوفهم؟ ولكن في ذلك الوقت ،كان دمي لا يزال حاراً في عروقي، وما كان باستطاعتي الوقوف والتساؤل والتفحص، إذ يجب على المرء لكي يفكر بدقة وعدل أن يكون هادئا مسناً دون أسنان ! فعندما يكون المرء عجوزاً لا أسنان له ، فباستطاعته القول بسهولة تامة "لعنكم الله أيها الأولاد، فمن العيب أن تعضوا" ولكن حين تكون له أسناني الاثنين والثلاثين يكون الإنسان متوحشا كالحيوان .. نعم كالحيوان المفترس آكل لحوم البشر "

نيكوس كازانتزاكيس , Zorba the Greek


Image for Quotes

نيكوس كازانتزاكيس quote : انا عندما أرغب في شيء ما ، أتعرف ماذا أفعل ؟ إنني آكل منه حتی التقزز كي أتخلص منه ولا أفكر به مطلقا ، او أفكر به باشمئزاز .<br />عندما كنت طفلا ، كنت مجنونا . لم يكن لدي مال كثير . لهذا كنت لا أشتري كثيرا منه دفعة واحدة . وبعد أن آكل ما اشتريه ، تظل بي شهوة إلى المزيد منه . كنت لا أفكر ليل نهار إلا بالكرز ، ويسيل له لعابي ، وأتألم حقا ! لكنني ذات يوم غضبت بشدة ، أو بالأحری خجلت ، لست أدري علی الضبط ! لقد أحسست بأن الكرز يفعل بي ما يشاء وبأن هذا يجعلني مضحكا ، إذن ، فما الذي فعلت ؟ نهضت في الليل خلسة ، وبحثت في جيوب أبي ، ووجدت مجيدية من الفضة ، فأخذتها ، وفي الصباح الباكر ذهبت إلى بقال ، واشتريت سلة من الكرز ، وجلست في حفرة ، واخذت بالأكل . وأكلت وأكلت حتی انتفخت بطني . وبعد فترة أخذت بطني توجعني وتقيأت وتقيأت ... ومنذ ذلك الحين انتهت قصة الكرز . بل إنني لم أعد أستطيع حتی أن أتصوره . لقد تخلصت . صرت أنظر إليه وأقول : لست بحاجة إليك . وفعلت الشيء نفسه فيما بعد مع الخمر والتبغ . انني لا ازال ادخن ، واشرب . لكن عندما اريد ان أكف ، أكف . إن الرغبة لم تعد مسيطرة علي . والشيء نفسه بالنسبة للوطن ، لقد رغبت فيه فأكلت منه حتی الشبع ، و تقيأت .. و تخلصت منه.<br />...<br />تخلصت من الوطن ، تخلصت من الكاهن ، تخلصت من الماء . إنني أغربل نفسي . كلما تقدم بي العمر ، غربلت نفسي أكثر . إنني أتطهر ، كيف أقول لك ؟ إنني أتحرر ، إنني أصبح إِنساناً.<br /><br />---<br /><br />متى أنزوي أخيرا في الوحدة ، بمفردي ، دون رفاق ، دون فرح أو حزن ، لايصحبني سوى اليقين المقدس بأن كل شيء ليس إلا حلماً ؟ متى أعتزل فرحاً مع أسمالي البالية دون شهوات فى الجبل؟ متى أختلي، بعد أن أتبين أن جسدي ليس إلا مرضاً و جريمة وشيخوخة و موتاً، فى الغابة حراً، دون خوف ، مليئا بالفرح؟<br /><br /><br />---<br /><br />ما هذا الجنون الذي تملكنا لكي نلقي بأنفسنا على رجل آخر لم يؤذنا بشيء ثم نعضه ونقطع أنفه ونمزق أذنيه، وفي الوقت نفسه نطلب من الله العظيم أن يساعدنا !! فهل هذا يعني أننا نطلب من الله أن يذهب معنا ليقطع آذان البشر وأنوفهم؟ ولكن في ذلك الوقت ،كان دمي لا يزال حاراً في عروقي، وما كان باستطاعتي الوقوف والتساؤل والتفحص، إذ يجب على المرء لكي يفكر بدقة وعدل أن يكون هادئا مسناً دون أسنان ! فعندما يكون المرء عجوزاً لا أسنان له ، فباستطاعته القول بسهولة تامة