Home > Author > أبو المعاطي أبو النجا

أبو المعاطي أبو النجا QUOTES

1 " الواقعية مدرسة فى النقد الأدبى متعددة الاتجاهات ولكن جذرها يرجع إلى الفلسفة التى ترى أن المعرفة الصحيحة تبدأ بمعرفة الواقع الذى تنقله إلينا الحواس، ومعرفة القوانين التى يتحرك بها هذا الواقع، مع التجربة التاريخية لتطور المعرفة ندرك أن إدراكنا هذا الواقع ولقوانينه ليس صحيحا دائما، وليس نهائيا وأنه يتطور، وأن المعرفة ذاتها تتطور، وأنه فى مجال الأدب، الذى يعنى ليس فقط بالمعرفة فى ذاتها، لكن بما يشعر به الإنسان وينفعل به إزاء هذه المعرفة فى مراحل استقرارها أو تطورها، فإنه من الطبيعى أن مثل هذا الأدب الواقعى سيظل دائما قادرا على الإمتاع وإثارة الدهشة ليس فقط لأن إدراكنا الواقع يتغير دائما، لكن لأن الأدباء أنفسهم يختلفون فى إدراكهم وفى شعورهم بهذا الواقع حتى فى حالة استقرار درجة المعرفة فى زمن من الأزمان أو فى مكان من الأمكنة، فالجمال فى الأدب لا ينبع فقط من تجدد المعرفة بالواقع، بل من الاختلاف فى الحساسية وعمق الرؤية بين الكتاب أنفسهم لاختلاف شخصياتهم وظروف حياتهم ولو كانوا جميعا ممن يحترمون قواعد المدرسة الواقعية، ولهذا ولأسباب اخرى سيظل الأدب الواقعى قادرا على الإمتاع والدهشة، المهم أن يكتبه أديب حقيقى موهوب. "

أبو المعاطي أبو النجا

5 " فهذه الآلام الصغيرة من ناحية النتائج أخطر بكثير مما نسميه الآلام الكبيرة. فحين نواجه خصومنا في صورتهم الحقيقية فهذه المواجهة والآلام التي تنشأ عنها تثير في المرء تحديا مساويا لها. إنها تستفز كل كبريائه وعظمته. أما هذه المتاعب اليومية الصغيرة، والتي قد تكون هي الوجه الخفي لنظام فاسد، ففيها يكمن الخطر. إنها تتسلل إلى حياة المرء في سكون كالداء الخبيث دون أن يشعر بها ودون أن تستفز مقاومته. إنها تنخر فيه كالسوس حين يحطم شجرة سرو ضخمة. وينزف العمر يوما بعد يوم دون أن يحس بأن ثمة خطرا ما يتهدده. يظل المرء يعتقد أن اليوم التالي سيكون أفضل من الأمس، فغدا قد لا تمرض الطفلة وبعد عام سيزيد مرتبي جنيهين وحينذاك ستكف زوجتي عن إثارة المتاعب بسبب ديوني ولن أزور أحدا حتى يكف الناس عن ملاحقتي في البيت وتبديد وقتي.. وفجأة يكتشف دون أن يدري أن كل شيء قد انقضى وهو لا يزال واقفا في مكانه لم يتحرك خطوة. هنا يا صديقي يكمن الخطر الحقيقي. في هذه المتاعب اليومية الصغيرة!

ويبدو أن المتاعب الصغيرة قد أجهزت عليك فعلا فجعلتك تنسى حقيقتك وتنسى طبيعة الدور الذي تقوم به. إن سائق الترام وبائع اللبن والمدرس وغيرهم يلبون للمجتمع حاجات مسبقة. فأنت تنام في انتظار بائع اللبن وتقف على المحطة في انتظار سائق الترام حتى يصل بك في موعدك المحدد مثل كل الأيام، وآلاف التلاميذ يتوجهون للمدارس لسماع دروس أعدت من قبل وتكررت منذ سنين طويلة. أما الكاتب فمهمته أشق بكثير. إنه لا يلبي حاجات قديمة، بل يستثير لدى قرائه حاجات جديدة وحوافز لم تخلق بعد. إنه يسبقهم دائما لأنه يقف دائما على حافة المجهول في نفوسهم وفي حياتهم. إنه يستنقذهم دائما من قيود الحاجات القديمة، ويفتح عيونهم على رؤية جديدة لهذا العالم الذي يبدو لأول وهلة أنه يكرر نفسه بطريقة قاتلة.

ألا ترى أيها الصديق أن المتاعب الصغيرة كادت بدورها أن تستعبدك وأن تضعك في الحلقة المقفلة التي تدور فيها دائما دون أن تصل إلى نهاية أي شيء؟ "

أبو المعاطي أبو النجا , الابتسامة الغامضة

10 " هذه الآلام الصغيرة من ناحية النتائج أخطر بكثير مما نسميه الآلام الكبيرة فحين نواجه خصومنا في صورتهم الحقيقية فهذه المواجهة والآلام التي تنشأ عنها تثير في المرء تحديا مساويا لها، إنها تستفز كل كبريائه وعظمته أما هذه المتاعب اليومية الصغيرة، والتي قد تكون هي الوجه الخفي لنظام فاسد؛ في هذه المتاعب الصغيرة يكمن الخطر إنها تسلل إلى حياة المرء في سكون كالداء الخبيث دون أن يشعر بها ودون أن تستفز مقاومته، إنها تنخر فيه كالسوس حين يحطم شجرة سرو ضخمة، وينزف العمر يوما بعد يوم دون أن يحس بأن ثمة خطرا ما يتهدده، يظل المرء يعتقد أن اليوم التالي سيكون أفضل من الأمس، فغدا قد لا تمرض الطفلة وبعد عام سيزيد مرتبي جنيهين، وحينذاك ستكف زوجتي عن إثارة المتاعب بسبب ديوني، ولن أزور أحدا حتى يكف الناس عن ملاحقتي في البيت وتبديد وقتي ! وفجأة يكتشف دون أن يدري أن كل شيء قد انقضى وهو لا يزال واقفا في مكانه لم يتحرك خطوة، هنا يا صديقي يكمن الخطر الحقيقي في هذه المتاعب اليومية الصغيرة ! "

أبو المعاطي أبو النجا , الأعمال الكاملة - الجزء اﻷول

13 " سأحاول وهذا ما أفعله ربما لأول مرة أن أقول لك كيف كتبت بعض قصصي.

ينشغل عقلى كما ينشغل عقل أى كاتب بأفكار أو رؤى كاملة أو ناقصة من ذلك ما كنت أشعر من وجود ذلك الصراع شبه الأبدى فى داخل الفرد أو فى داخل المجتمع بين النزوع إلى توسيع دوائر الحرية بالإبداع والابتكار والنزوع إلى وضع الحدود والقواعد التى تضمن تحقيق العدالة والتوازن وأيضا تحقيق الاستمرار، وأحيانا كان يبدو لى أن تحقيق أى تفوق أو تقدم فى أى نزوع منهما يكون دائما على حساب الآخر، ودائما ما كنت أحلم بإمكانية وجود صيغة تجعلنا نحظى بأفضل ما تقدمه هاتان النزعتان، دون أن تطغى واحدة منهما على الأخرى أو تعمل على تقليصها أو تهميشها، ذات يوم كنت أعبر فيه ميدان طلعت حرب فى القاهرة، وجدتنى فجأة أمام حادث يقع أمامى على نحو مفاجئ، بائع متجول متقدم فى السن يحمل قفصا من البرتقال على كتفه يعبر الميدان على بعد خطوات منى، يتعثر الرجل فيسقط على الأرض وتتناثر حبات البرتقال فى الميدان، نجاة الرجل بما يشبه المعجزة من الموت تحت عجلات السيارات التى فاجأها تعثره وسقوطه لا يشغله عن خسارته الكبرى لقفص البرتقال فيحاول أن يجمعه من أمام السيارات المتعجلة. "

أبو المعاطي أبو النجا