Home > Work > الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي
21 " والمقصود أن الذنوب تُضعف الحياء من العبد، حتى ربما انسلخ منه بالكلية، حتى إنه ربما لا يتأثر بعلم الناس بسوء حاله ولا باطلاعهم عليه، بل كثير منهم يُخبر عن حاله وقبح ما يفعل، والحامل له على ذلك انسلاخه من الحياء، وإذا وصل العبد إلى هذه الحال لم يبق في صلاحه مطمع "
― ابن قيم الجوزية , الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي
22 " كثير من الجهال اعتمدوا على رحمة الله وعفوه وكرمه، وضيعوا أمره و نهيه، ونسوا أنه شديد العقاب، وأنه لا يرد بأسه عن القوم المجرمين، ومن اعتمد على العفو مع الإصرار على الذنب فهو كالمعاند. "
23 " وكثيرا ما نجد أدعية دعا بها قوم فاستجيب لهم، ويكون قد اقترن بالدعاء ضرورة صاحبه وإقباله على الله، أو حسنة تقدمت منه جعل الله سبحانه إجابة دعوته شكرا لحسنته، أو صادف الدعاء وقت إجابة ونحو ذلك، فأُجيبت دعوته، فيظن الظان أن السر في لفظ ذلك الدعاء، فيأخذه مجردا عن تلك الامور التي قارنته من ذلك الداعي، وهذا كما إذا استعمل رجل دواء نافعا في الوقت الذي ينبغي استعماله على الوجه الذي ينبغي فانتفع به، فظن غيره أن استعمال هذا الدواء بمجرده كاف في حصول المطلوب، فإنه يكون بذلك غالطا، وهذا موضع يغلط فيه كثير من الناس "
24 " وربما اتَّكَل بعض المغترِّين على ما يرى من نعم الله عليه في الدنيا وأنه لا يُغَيِّرُ ما به، ويظن أن ذلك من محبة الله له، وأنه يعطيه في الآخرة أفضل من ذلك! وهذا من الغرور. "
25 " ونحن- معاشرَ الحمقى- كما قيل:نصِلُ الذنوبَ إلى الذنوب ونرتجي ... دَرَكَ الجِنانِ لدى النعيمِ الخالدِولقد علمنا أخرَجَ الأبوَينِ من ... ملكوتها الأعلى بذنب واحد "
26 " فتوى وردت على الشيخ أبي الخطاب محفوظ الكلوذاني شيخ الحنابلة في وقته رحمه الله: قل للإمامِ أبي الخطّابِ مسألةً .. جاءتَ إليكَ وما خُلقَ سواكَ لهاماذا على رجلٍ رامَ الصلاةَ فمُذْ .. لاحتْ لِخاطِرهِ ذاتُ الجمالِ لهافأجاب تحت سؤال:قُل للأديبِ الذي وافى بمسألةٍ .. سرّت فؤادي لما أن أصختُ لهاإن التي فتنتهُ عن عبادتهِ .. خريدةٌ ذاتُ حُسنٍ فانثني ولهاإن تابَ ثم قضى عنهُ عبادتَه .. فرحمةُ الله تغشى مَن عصى ولها "
27 " والمقصود انه كلما اشتدت ملابسته للذنوب اخرجت من قلبه الغيرة على نفسه واهله وعموم الناس وقد تضعف في القلب جدا حتى لا يستقبح بعد ذلك قبيح لا من نفسه ولا من غيره واذا وصل الى هذا الحد فقد دخل في باب الهلاك "
28 " وَفِي كِتَابِ الزُّهْدِ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: قَالَ مُوَرِّقٌ: مَا وَجَدْتُ لِلْمُؤْمِنِ مَثَلًا إِلَّا رَجُلٌ فِي الْبَحْرِ عَلَى خَشَبَةٍ، فَهُوَ يَدْعُو: يَا رَبِّ يَا رَبِّ لَعَلَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُنْجِيَهُ. "