Home > Work > التيه
21 " كانوا يتابعون تلك الحركات بصمت، ولم يفطن الكثيرون الى الدموع تسيل من عيونهم. تذوقوا ملوحتها وأحسوا بها كاوية فنظروا إلى الأرض ولم يجرؤوا على أن ينظر الواحد في وجه الآخر "
― عبد الرحمن منيف , التيه
22 " وإذا كان لكل قرية ولكل مكان ذاكرة وقلب، فإن المدن الكبيرة، خاصة التي تتكون وتتغير بسرعة، تفقد ذاكرتها وتتعلم القسوة بإتقان "
23 " العادات أساس الحياة، لأن الحياة هي العادة المكررة "
24 " إذا رفعت السلاح فأضرب..أو لا ترفعه أبداً "
25 " بالنسبة لهم فإن الحياة هي مجرد محطة، نقطة عبور من حالة إلى أخرى، وهذا ما يعطيهم، بالإضافة إلى القوة والشجاعة، القدرة على مواجهة الطبيعة والفقر والأحزان وعشرات المصائب الأخرى. "
26 " قال سنكلر لأحد رفاقه بصوت هامس: - لا يمكن لأحد أن يفسر الحزن الذي يعيشه هؤلاء إلا إذا عرف الصحراء وعاش فيها. هذه الصحراء الملعونة لا تلد إلا مثل هؤلاء البشر ومثل تلك الحيوانات التي رأيناها ونحن آتون. وحين هز ذلك الأمريكي رأسه دلالة علي أنه فهم تابع سنكلر: - والبكاء يخفف عنهم، لكنهم قساة، عنيدون، ولذلك يبكون في داخلهم، تنزل دموعهم إلي الداخل، وهذه الدموع الحزينة تطفو مرة أخري علي شكل صرخات وتوجع يسمونه غناء، وهم يفعلون ذلك في أعراسهم .. وهم يفرحون! وبعد قليل أضاف بسخرية: - هذا هو الغناء الوحيد الذي يتقنونه! مط الأميركي شفته وقال وهو ينقّل نظراته في الوجوه التي حوله:- ما أعجب هؤلاء الناس، ولشد ما يبدون غامضين، لا يعرف الإنسان هل هم فرحون أم حزانى. كل شئ فيهم مغلف، طبقات فوق طبقات، تماما مثل الصحراء التي يعيشون فوقها! "
27 " رب العائلة لا يعرف ما أذا كان حياً او قد مات ، و حين يسأل عنه يكون الرد هذه الكلمات غير الواضحة و الدموع فأي حزن يتولد في القلب و أي حيرة تملأ النفس نتيجة ذلك كله ؟ و لماذا يكون المشهد ساخراً و معقداً بهذا المقدار ؟ هكذا سأل كل واحد نفسه و في ظل هذا الحزن الاسود حاولت وضحة الحمد مرة إخرى إن تتكلم ان توضح أن تقول شيئاً و لكن تلك الاصوات التي خرجت من فمها كانت أقرب الى الصراخ الساخر الحزين و تشبة ارتطام الاواني او رجع الصدى في وادي ضيق *وضحة الحمد زوجه رب العائلة "
28 " في الشرق لا يكابرون. يعتبرون أنفسهم شيئًا من الطبيعة، امتدادًا لها، أو شكلًا آخر من أشكالها، ولذلك ينظرون إلى الحياة والموت نظرة تختلف عن نظرة الغربيين. يعتبرون الموت الوجه الآخر للحياة. ومثلما لا يستطيع الإنسان أن يرد المطر أو أن يحجب الشمس، فإنهم غير ميالين، أو لا يتصورون أنهم بحاجة إلى مقاومة الطبيعة أو تحديها. إنهم ينسجمون معها، وأول خطوة هي في أن يفهموها، ثم بعد ذلك، أن يتآلفوا معها، حتى تصبح جزءًا منهم ويصبحوا جزءًا منها. "
29 " لماذا هم منبوذون و يدفعون إلى الموت في كل لحظة؟ "
30 " هل وصلت النذالة إلى درجة أن يصبح القتيل هو المخطئ؟ وأن يُحبس الذي يطالب بحقّه؟ وهل يمكن أن يحتمل الإنسان كل هذا ويسكت؟ "
31 " الآن، وقد رحل ابن الراشد إلى الأبد، وليس مثل رحلاته القصيرة الغامضة، يشعر كل واحد في حران أنه بطريقة ما مسؤول عن موت هذا الإنسان، أو علي الأقل مسؤول عن تركه يموت هكذا دون أن يفعل من أجله شيئًا، حتى قطرة الماء لو قدمت إليه في الساعات الأخيرة، أو نظرة فيها العطف والتشجيع، لجعله يموت مستريحًا، أو أقل حقدًا علي نفسه، وأقل شعورًا بالذنب. وهذا الشعور الذي راود الناس منذ اللحظة التي سمعو فيها بموته، فرفضوا أن يصدقوا أول الأمر، ثم تبادلوا فيما بينهم نظرات التساؤل، ولما تأكدوا هبّوا مثل رجل واحد، وظل طيفه يحوم فوق الرؤوس، فلا يعرفون هل هو طيف خيّر أم طيف شرير، ولا يعرفون لماذا حصلت هذه الأمور بهذا الشكل.. "
32 " وبرحيلهم تتسع الأرض بعض الشيء للذين بقوا فيواصلون الحياة "
33 " في تلك الليلة أدرك فواز بشكل خاص أن ما حصل لهم ليس مجرّد الرحيل عن مكان اسمه وادي العيون، وليس خسارة من النوع الذي يستطيع الإنسان أن يألفها أو يتعود عليها. أدرك أن ما وقع فراق يشبه الموت، وأنّ لا شيء، لا أحد يمكن أن يعيدهم إلى ما كانوا عليه. "
34 " هل يستطيع الإنسان أن يتكيف مع الأشياء الجديدة والأماكن الجديدة دون أن يفقد جزءًا من ذاته؟ "
35 " الأصدقاء عبء على الانسان، والعاقل هو الذي يعتمد على نفسه ولا يحتاج إلى الآخرين "