Home > Work > الطريق إلى الجزيرة الخضراء
1 " والحقُّ أنّ ما استحثَّ «نجيباً» هنا، وما يستحثّه في مثل هذه الحالات، بل في حياته كلها ، هو الحبّ.الرَّجُلُ مغزمٌ كَلِف، مستهام دَنِف، ولكن على طريقته المُتَعَمِّقة في كل شيء. لا يعشق فتاة حسناء أو امرأة غيداء، ولا بلداً جميلاً ووطناً عزيزاً، ولا مالاً يغنيه وجاهاً يحميه... بل يحبُّ شيئاً في داخله، خالَطَ طينته ومُزِجَ بروحه، فتراه يُسقِطُ الحُبَّ تارةً على هذا، وأخرى على ذاك، يلتمس له مصداقاً، ويرجوه في كلِّ كاملٍ وجميل، عسى أن يلقى مُناه. "
― , الطريق إلى الجزيرة الخضراء
2 " يرى الحجر تمامه وكماله أن يصبح لبنة في جدار مسجد يتعبّد فيه الإنسان، أو حتى في دار تأویه، ويرجو الذهب أن يغدو سبيكة تزين أيوانة وترصّع ضريحا أو قبّة مقام، والحطب وقودا يدفع البرد عن عابد في جوف الليل، والشاة ذبيحة يتغذی بها، والريح دابة ومركبة له، وعين القطر معدنا مصهورا يسيل.. "
3 " فالكمال ينزع بطبعه إلى التفجّر والتدفّق، وآلاؤه تتحرّى مجلاةً ومرآة، وعميم فيضه يترقّب قناة، والجلال والجمال يريدان تعيُّناً ويطلبان ظهوراً، لا على نحو ما يسدّ نقصاً فيهما ويلبّي الحاجة لجبر عجز يعانيان منه، بل نزوعاً إلى المطلق وطوافاً حول البيت وحوماً في أعزِّ رحاب. "
4 " إنّه يضيء كمصباح، يُشرقُ ويزهرُ من ذاته، فلا ضوء هنا يكشف شيئًا، ولا نور وَقَعَ عليه أو تَلَقّاه، إنّها إضاءة ذاتيّة! ثمّ ما لبث الرّجل أن مدّ يديه أو بسطهما كمَن يتهيّأ للمعانقة أو يريد أن يحتوي شيئًا، فإذا بهما بيضاوتان تشعَّان نورًا يبدِّدُ الظّلام! "