Home > Work > في ظلال القرآن
141 " فالعلم الحق هو المعرفة . هو إدراك الحق . هو تفتح البصيرة . هو الاتصال بالحقائق الثابتة في هذا الوجود . وليس العلم هو المعلومات المفردة المنقطعة التي تزحم الذهن , ولا تؤدي إلى حقائق الكون الكبرى , ولا تمتد وراء الظاهر المحسوس . "
― Sayed Qutb , في ظلال القرآن
142 " فأما انتصار الإيمان والحق في النهاية فأمر تكفل به وعد الله . وما يشك مؤمن في وعد الله . فإن أبطأ فلحكمة مقدرة , فيها الخير للإيمان وأهله . وليس أحد بأغير على الحق وأهله من الله . وحسب المؤمنين الذين تصيبهم الفتنة , ويقع عليهم البلاء , أن يكونوا هم المختارين من الله , ليكونوا أمناء على حق الله . وأن يشهد الله لهم بأن في دينهم صلابة فهو يختارهم للابتلاء: جاء في الصحيح:" أشد الناس بلاء الأنبياء , ثم الصالحون , ثم الأمثل فالأمثل , يبتلى الرجل على حسب دينه , فإن كان في دينه صلابة زيد له في البلاء "
143 " إن هدى الله منهج حياة صحيحة . حياة واقعة في هذه الأرض . وحين يتحقق هذا المنهج تكون له السيادة الأرضية إلى جانب السعادة الأخروية وميزته أنه لا انفصال فيه بين طريق الدنيا وطريق الآخرة ; ولا يقتضي إلغاء هذه الحياة الدنيا أو تعطيلها ليحقق أهداف الحياة الآخرة . إنما هو يربطهما معا برباط واحد:صلاح القلب وصلاح المجتمع وصلاح الحياة في هذه الأرض . ومن ثم يكون الطريق إلى الأخرة . فالدنيا مزرعة الآخرة , وعمارة جنة هذه الأرض وسيادتها وسيلة إلى عمارة جنة الآخرة والخلود فيها . بشرط اتباع هدى الله . والتوجه إليه بالعمل والتطلع إلى رضاه . وما حدث قط في تاريخ البشرية أن استقامت جماعة على هدى الله إلا منحها القوة والمنعة والسيادة في نهاية المطاف ; بعد إعدادها لحمل هذه الأمانة . أمانة الخلافة في الأرض وتصريف الحياة . "
144 " وقيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - "قم" ... فقام. وظل قائماً بعدها أكثر من عشرين عاماً. لم يسترح. ولم يسكن. ولم يعيش لنفسه ولا لأهله. قام وظل قائماً على دعوة الله. يحمل على عاتقه العبء الثقيل الباهظ ولا ينوء به. عبء الأمانة الكبرى في هذه الأرض. عبء البشرية كلها، وعبء العقيدة كلها، وعبء الكفاح والجهاد في ميادين شتى. "
145 " ...وبدأ خلق الإنسان من طين"قد يكون ذلك إشارة إلى بدء نشأة الخلية الحية الأولى في هذه الأرض، وأنها نشأت من طين، ومن الخلية الحية نشأ الإنسان. ولا يذكر القرآن كيف تم هذا، ولا كم استغرق من الزمن ومن الأطوار، فالأمر في تحقيق هذا التسلسل متروك لأي بحث صحيح، فليس في هذا البحث ما يصادم النص القرآني القاطع بأن نشأة الإنسان الأولى كانت من طين. "
146 " و التعبير بالحياة و الموت بالقياس إلى الأرض تعبير يخيل أن الأرض كائن حيّ، يحيا و يموت. و إنها لكذلك في حقيقتها التي يصورها القرآن الكريم. فهذا الكون خليقة حية متعاطفة متجاوبة، مطيعة لربها خاضعة خاشعة، ملبية لأمره مسبحة عابدة. و الإنسان الذي يدب على هذا الكوكب الأرضي واحد من خلائق الله هذه، يسير معها في موكب واحد متجه إلى الله رب العالمين. "
147 " الشر متبجح، ولا يمكن أن يكون منصفا. ولا يمكن أن يدع الخير ينمو - مهما يسلك هذا الخير من طرق سلمية موادعة! - فإن مجرد نمو الخير يحمل الخطورة على الشر. ومجرد وجود الحق يحمل الخطر على الباطل. ولا بد أن يجنح الشر دوما إلى العدوان؛ ولا بد أن يدافع الباطل عن نفسه بمحاولة قتل الحق وخنقه بالقوة! "
148 " وإذ قلنا للملائكة: اسجدوا لأَدم فسجدوا إلآ إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين"هنا تتبدّى خليقة الشر مجسّمة: عصيان الجليل سبحانه! والاستكبار عن معرفة الفضل لأهله. والعزة بالإثم. والاستغلاق عن الفهم.ويوحي السياق إن إبليس لم يكن من جنس الملائكة، إنما كان معهم. فلو كان منهم ما عصى. وصفتهم الأولى أنهم: "لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون".. والاستثناء هنا لا يدل على أنه من جنسهم، فكونه معهم يجيز هذا الاستثناء، كما تقول: جاء بنو فلان إلا أحمد. وليس منهم إنما هو عشيرهم وإبليس من الجن بنص القرآن، والله خلق الجان من مارج من نار، وهذا يقطع بأنه ليس من الملائكة. "
149 " الشريعة إن هي إلا ثمرة الإيمان لا تقوم وحدها بغير أصلها الكبير . فهي موضوعة لتنفذ في مجتمع مسلم ، كما أنها موضوعة لتساهم في بناء المجتمع المسلم "
150 " و إن الكثيرين ليشفقون من اتباع شريعة الله و السير على هداه. يشفقون من عداوة أعداء الله و مكرهم، و يشفقون من تألب الخصوم عليهم، و يشفقون من المضايقات الاقتصادية و غير الاقتصادية! و إن هي إلا أوهام كأوهام قريش يوم قالت لرسول الله - صلى الله عليه و سلم - : (إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا). فلما اتبعت هدى الله سيطرت على مشارق الأرض و مغاربها في ربع قرن أو أقل من الزمان. "
151 " ... وفي أحداث المعركة التي تُصَوِّرُها القصة بين الإنسان والشيطان مُذَكِّر دائم بطبيعة المعركة . إنها بين عهد الله وغواية الشيطان . بين الإيمان والكفر . بين الحق والباطل . بين الهدى والضلال . والإنسان هو نفسه ميدان المعركة . وهو نفسه الكاسب أو الخاسر فيها . وفي هذا إيحاء دائم له باليقظة ; وتوجيه دائم له بأنه جندي في ميدان ; وأنه هو صاحب الغنيمة أو السلب في هذا الميدان ! "
152 " {وَٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ وَكَذَّبُوا۟ بِـَٔايَـٰتِنَآ أُو۟لَـٰٓئِكَ أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ ﴿٣٩﴾} وتمت كلمة الله الأخيرة , وعهده الدائم مع آدم وذريته . عهد الاستخلاف في هذه الأرض , وشرط الفلاح فيها أو البوار .(قلنا:اهبطوا منها جميعا . فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون . والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون)..وانتقلت المعركة الخالدة إلى ميدانها الأصيل , وانطلقت من عقالها ما تهدأ لحظة وما تفتر . وعرف الإنسان في فجر البشرية كيف ينتصر إذا شاء الانتصار , وكيف ينكسر إذا اختار لنفسه الخسار . . . "
153 " فصُورة الصف المسلم التي تبدو من خلال هذه الآيات توحي بهذا،توحي بوجود جماعات منوّعة داخل الصف،لم تنضج بعد،أو لم تؤمن..إنما هي تنافق !وتوحي بأن الصف كان في حاجة إلى جهود ضخمة من التربية والتوجيه،ومن الاستنهاض والتشجيع،لينهض بالمهمة الضخمة الملقاة على عاتق الجماعة المسلمة.. "
154 " الواقع العملي ھو الذي یمنح القول الشفوي دلالته. "
155 " وإن هذا لهو فضل العقيدة في الله في كل كفاح. فهناك اللحظات التي تعلو فيها المشقة على الطاقة، ويربو الألم على الاحتمال. ويحتاج القلب البشري إلى مدد فائض وإلى زاد. هنالك يأتي المدد من هذا المعين، ويأتي الزاد من ذلك الكنف الرحيم. "
156 " المحدود لا يدرك المطلق "
157 " المعجزة في البعوضة هي ذاتها المعجزة في الفيل. "
158 " الابتلاء واحد . . ولكن آثاره في النفوس تختلف بحسب اختلاف المنھج والطریق. "
159 " فالذي یجرؤ على عهد الله لا یحترم بعده عهداً من العهود. "
160 " فعھد الله منھج حیاة, منھج يستقر في القلب تصورا وشعوراً, ویستقر في الحیاة وضعا ونظاماً, ويستقر في السلوك أدبا وخلقاً, وبنتهي إلى التقوى والحساسیة برقابة الله وخشیة المصیر. "