Home > Work > يوميات نائب في الأرياف
1 " أنا لست مجنونا حتى أقرأ الأوراق من أولها كما يقرأ العقلاء "
― Tawfiq Al-Hakim , يوميات نائب في الأرياف
2 " الشر الناتج عن سبب كبير لأجدر بالتقدير من شر نشأ عن سبب تافه حقير "
3 " أدركت ان الارواح فى مصر لا قيمه لهالان الذين عليهم ان يفكروا فى هذه الارواح لا يفكرون فيهاالا قليلا "
4 " لماذا أدوّن حياتي في يوميات، لأنها حياة هنيئة؟ كلا. إنّ صاحب الحياة الهنيئة لا يدوّنها، إنما يحياها. إنّي أعيش مع الجريمة. في أصفاد واحدة، إنّها رفيقي وزوجي أطالع وجهها في كلّ يوم، ولا أستطيع أن أحادثها على انفراد. هنا في هذه اليوميات أملك الكلام عنها، وعن نفسي وعن الكائنات جميعا. أيّتها الصفحات التي لن تنشر.. ما أنت إلاّ نافذة مفتوحة أطلق منها حريتي في ساعات الضيق... "
5 " ونظر إلىَّ قائلا: ـ حانعمل إيه في الجنايات الباقية...؟ ووضع أمامي ملفات قرأت على غلاف أحدها: قضية «قمر الدولة علوان». فتذكرت أن الفاعل في هذه القضية لم يُعرف.. لم يُعرف، طبعا لم يُعرف ولن يُعرف. وكيف يراد منا أن نعرف متهما في قضية غامضة كهذه القضية وكل من المأمور والبوليس «ملبوخ» من رأسه إلى قدمه في تزييف الانتخاب، وأنا «ملبوخ» في قراءة شكاوي وجنح ومخالفات وحضور جلسات! لو أن لدينا «بوليس سري» على النظام الحديث، وقاضي «تحقيق» "
6 " ينقطع لقضايا الجنايات كما هو الحال في أوربا والعالم المتحضر! إنهم هناك ينظرون إلى أرواح الناس بعين الجد. أما هنا فلا أحد يأخذ ذلك على سبيل الجد. وإن الأموال لتنفق هنا بسخاء في التافه من الأمور، وأما إذا طلبت لإقامة العدل أو تحسين حال الشعب فإنها تصبح عزيزة شحيحة تقبض عليها الأكف المرتجفة كأنها ستلقى في البحر هباء. ذلك أن «العدل» و«الشعب»... إلخ إلخ. كلمات لم يزل معناها غامضا عن العقول في هذا البلد. كلمات كل مهمتها أن تكتب على الورق وتلقى في الخطب كغيرها من الألفاظ والصفات المعنوية التي لا يحس لها وجود حقيقي، فلماذا ينتظر مني أنا أن آخذ على سبيل الجد روح «سي قمر الدولة علوان»؟! إن هذا المجني عليه قد مات وانتهى مثل غيره من مئات المجني عليهم في هذا المركز والمراكز الأخرى في القطر، ذهب دمهم جميعا أرخص من المداد الذي حبرت به محاضر قضاياهم، وانتهى ذكرهم عندنا «رسميا» بذلك الإجراء الأخير البسيط: «تحفظ القضية لعدم معرفة الفاعل ويكتب للمركز باستمرار البحث والتحري» فيجيب المركز بعبارة مألوفة محفوظة يحررها كاتب الضبط في حركة آلية وهو يقضم «شرش جزر»: «جارين البحث والتحري...» وهي كلمة الوداع التي تقبر بها القضية نهائيا. لقد كان في قضية قمر الدولة «قمر» مضيد ميز في أعيننا هذه القضية عن غيرها وحبب إلينا العمل والجهد في سبيلها. ولقد اختفى هذا القمر إلى الأبد وترك القضية ومحققيها في الظلام! بل إنه بذهابه قد زال عنها ذلك الاعتبار الخاص فأصبحت قضية عادية كمئات القضايا التي لا يعنينا من أمر أشخاصها شيء. وللقضية، أي لذلك «الملف» المادي من الورق المكتوب «شخصية» قائمة بذاتها في نظر رجال العدل. وإن ما يعني جهاتنا الرئيسية هو ذلك «الملف» وسرعة التصرف فيه. وإنه لن يعيبنا شيء إذا حفظنا القضية، ولكن العيب كل العيب أن تظل هذه القضية باقية قيد التصرف ويثبت ذلك في «الكشوف» المرسلة إلى النائب العام والوزارة آخر السنة القضائية. أيّ عار عند ذلك وأيّ إهمال ينسبان إلى وكيل النيابة؟! وأيّ مكاتبات مستعجلة تسقط على رأسه من جميع الجهات عن سبب بقاء هذه القضية قيد التصرف؟ فإذا أجاب بأنه لم يستوف "
7 " بعد أبحاثه فيها للوصول إلى معرفة الفاعل وأنه مواصل بحثه ومُصر عليه لا يعتبر ذلك عذرا، وسفهه زملاؤه وحسبوه «غشيما» ونصحوه بأن «يحفظ» القضية «مؤقتا» حتـي تعتبـر «متصرفا فيها»، فالجهات العلىا يهمها ويطمئنها «التصرف» في القضايا، أي «نفض» اليد والفراغ منها على أي صورة وعلى أي وجه، حتى تستطيع تلك الجهات أن تدون في الإحصائيات: «وقع في القطر هذا العام عدد كذا جنايات ثم التصرف في عدد كذا منها... إلخ». وكلما كان عدد القضايا التي تم فيها التصرف كبيرا كان ذلك دليلا ناصعا على نشاط رجال العدل وغيرتهم على استتباب الأمن وحسن سير الدولاب الحكومي!! "
8 " فأن كأس الإذلال تنتقل من يد الرئيس إلى المرؤوس في هذا البلد حتى تصل في نهاية الأمر إلى جوف الشعب المسكين و قد تجرعها دفعة واحدة "
9 " إني بطبعي لا أصلح إلا لملاحظة الناس خِفية، يتحركون فوق مسرح الحياة، لا أن يشاهدني الناس ممثلاً بارعًا قد سُلطت على وجهه الأضواء. إن هذه المواقف تعمي بصري وتُذهب لُبي وتُطير ما في ذاكرتي وتُفقدني ذلك الهدوء النفسي الذي أرى به الأعماق. "
10 " و أدركت أن أرواح الناس في مصر لا قيمة لها . لأن الذين عليهم أن يفكروا في هذه الأرواح ، لا يفكرون فيها إلا قليلا "
11 " ثم أي خيبة أمل ! لقد كنت أحسب الإنسان أعظم من ذلك ! كلا ، لا ينبغي أن نرى أنفسنا من الداخل "
12 " الحضارة العظيمة لاتزيل الشر ولاتمحو الجريمة، ولكنها توجد الشر العظيم والجريمة العظيمة "
13 " وماذا يبقى من كل تلك الأشياء العظيمة المقدسة التي لها في حياتنا كل الخطر لو نزعنا عنها ذلك (الرمز). أيبقى منها أمام أبصارنا اللاهية غير المكترثة غير جسم مادي حجر أو عظم لا يساوي شيئاً ولا يعني شيئاً. ما مصير البشرية وما قيمتها لو ذهب عنها (الرمز). (الرمز) هو ذاته كائن لا وجود له. هو لا شيء. وهو مع ذلك كل شيء في حياتنا الآدمية. هذا (اللاشيء) الذي نشيد عليه حياتنا هو كل ما نملك من سمو نختال به ونمتاز على غيرنا من المخلوقات. هنا كل الفرق بين الحيوانات العليا والحيوانات الدنيا. "
14 " يخيل إليَّ أن من الناس من يلقي الكلمة يدفع بها عن نفسه فإذا فيها الاتهام الصارخ و لعل كل منهم يحمل في طيات كلامه دليل إجرامه ، كما يحمل المريض في دمه جراثيم دائه !! "
15 " دي دايما طريقتي في الانتخابات : الحرية المطلقة أترك الناس تنتخب على كيفها،لغاية ما تتم عملية الانتخابات،وبعدين أقوم بكل بساطة شايل صندوق الاصوات وارميه في الترعة وأروح وأضع مطرحه الصندوق اللي احنا موضبينه على مهلنا "
16 " إن من العسير على نفسى أن أتصور الجمال غير مقترن بالفضيله "
17 " إن القلم لنعمةٌ لأمثالنا ممن كُتِـبت عليهم الوحدة ، و لكن القلم كالجواد ينطلق أحيانا من تلقاء نفسه كالطائر المرح ، و أحيانا يحرن و يثب على قدميه و يأبى أن يتقدم كأن أمامه أفعى رافعة الرأس. "
18 " لهذا الحد تعبث السياسة عندنا بالعدالة والنظام والاخلاق أعوذ بالله ! شئ مخيف "
19 " ما الذى روّعه ؟ أهو منظر العظام قى ذاتها، أم فكرة الموت الممثلة فيها، أم المصير الآدمى و قد رآه أمامه رأى العين ؟و لماذا لم يعد منظر الجثث و العظام يؤثر فى مثلى و فى مثل الطبيب ، و حتى فى مثل اللحاد أو الحراس هذا التأثير ؟ يخيل إلىَّ أن الجثث و العظام قد فقدت لدينا ما فيها من رموز. فهى لا تعدو فى نظرنا قطع من الأخشاب و عيدان الحطب و قوالب الطين و الآجر. إنها أشياء تتداولها أيدينا فى عملنا اليومى. لقد انفصل عنها ذلك الرمز الذى هو كل قوتها؟..ما مصير البشرية و ما قيمتها لو ذهب عنها الرمز ... "الرمز" هو فى ذاته كائن لا وجود له. هو لا شئ و هو مع ذلك كل شئ فى حياتنا الآدمية. هذا اللا شئ الذى نشيد عليه حياتنا هو كل ما نملك من سمو نختال به و نمتاز على غيرنا من المخلوقات. "
20 " و يظهر أن كلمة ( المفاجأة ) وضعت في اللوائح و التعليمات من قبيل التشويق كما توضع في إعلانات المسارح ، فهي في العمل لا وجود لها "