Home > Work > العواصف
1 " إن للطير شرفاً ليس للإنسان ، فالإنسان يعيش في ظلال شرائع وتقاليد ابتدعها لنفسه. أما الطيور فتحيا بحسب الناموس الكلي المطلق الذي يسير بالأرض حول الشمس "
― Kahlil Gibran , العواصف
2 " في الجامعة البشرية أضراس مسوسة وقد نخرتها العلة حتي بلغت عظم الفك ، غير ان الجامعة البشرية لا تستأصلها لترتاح من اوجاعها بل تكتفي بتمريضها وتنظيف خارجها وملء ثقوبها بالذهب اللماع. "
3 " دينكم رياء ودنياكم ادعاء وآخرتكم هباء فلماذا تحيون والموت راحة الأشقياء؟ "
4 " لا أريد شيئا وأريد كل شىء. "
5 " ان الخوف من الحاجة هو الحاجة بعينها "
6 " الاعتقاد شيء و العمل به شيء آخر. كثيرون هم الذين يتكلمون كالبحر أما حياتهم فشبيهة بالمستنقعات. كثيرون هم الذي يرفعون رؤوسهم فوق قمم الجبال أما نفوسهم فتبقى هاجعة في ظلمة الكهوف. "
7 " أنا ليل مسترسل منبسط هادىء مضطرب وليس لظلمتي بدء وليس لأعماقي نهاية، فإذا ما انتصبت الارواح متباهية بنور أفراحها تتعالى روحي متجمدة بظلام كآبتها "
8 " من يهوى النور فالنور يهواه. "
9 " ليس من يكتب بالحبر كمن يكتب بدم القلب و ليس السكوت الذي يحدثه الملل كالسكوت الذي يوجده الألم. "
10 " أنا متطرف ؛ لأن من يعتدل بإظهار الحق يبين نصف الحق و يبثي نصفه الاخر محجوبا وراء خوفه من ظنون الناس و تقولاتهم . "
11 " هؤلاء الذين يقيسون ضمير العالم بمقياس ضمائرهم و يحللون مراد الوجود بالفكرة القصيرة التي يستخدمونها لحفظ وجودهم الفردي فكأن الشمس لم تكن إلا لتدفئتهم، و كأن البحر لم يوجد إلا لغسل أرجلهم. "
12 " للبحر مد وجزر، وللقمر نقص وكمال، وللزمن صيف وشتاء، أما الحق فلا يحول ولا يزول ولا يتغير.فلماذا تحاولون تشويه وجه الحق؟ "
13 " إن كان هناك من يريد أن يشاهدني راقصا ويسمعنى متطبلا و مزمرا فعليه أن يدعوني إلى بيت العريس لا أن يوقفني بين المقابر. "
14 " إن الأمم المسنة التي لا تكتسب مما تثمره الأمم الحديثة تموت ادبياً وتنقرض معنوياً. "
15 " ما عسى أن يصير إليه العالم بعد أن تنتهي الجبابرة من صراعها؟ "
16 " غير أن الأمة التي تعتل ثم تموت لا تبعث ثانية لتظهر للملأ أسباب الأمراض المعنوية و ماهية الأدواء الاجتماعية التي تؤول بالأمم إلى الانقراض و العدم. "
17 " إن الميت يرتعش أمام العاصفة أما الحي فيسير معها راكضا ولا يقف إلا بوقوفها "
18 " مساء العيدجاء المساء وغمر الظلام فشعشعت الأنوار في القصور والمنازل وخرج الناس إلي الشوارع بملابس العيد الجديدة وعلي وجوههم سيماء البشر والاستكفاء ومن بين دقائق لهاثهم تنبعث رائحة المآكل والخمور ...أما أنا فسرت وحيداً منفرداً مبتعداً عن الزحام والضجيج أفكر بصاحب العيد.أفكر بنابغة الأجيال الذي ولد فقيراً وعاش متجرداً ومات مصلوباً ...أفكر بالشعلة النارية التي أوقدها الروح الكلي في قرية حقيرة بسوريا (فلسطين أثناء زمان الكاتب) فطافت مرفرفة فوق رؤوس العصور مخترقة مدنية بعد مدنية ...ولما بلغت الحديقة العمومية، جلست علي مقعد خشبي أنظر من خلال أغصان الأشجار العارية نحو الشوارع المزدحمة وأسمع عن بُعد أناشيد المعَيدين السائرين في موكب اللهو و الخلو ..وبعد ساعة مفعمة بالأفكار والأحلام التفت وإذا برجل جالس بقربي علي المقعد وفي يده عصاه يرسم بطرفها خطوطاً ملتبسة علي التراب .. فقلت في نفسي "هو مستوحد مثلي" ثم تفرست إليه متبصراً شكله فألفيته رغم أثوابه القديمة وشعره المسترسل المشوش ذا هيبة ووقار .. وكأنه قد شعر بأنني أنظر إليه متفحصاً شكله وملامحه فالتفت نحوي وقال بصوت عميق هادى "مساء الخير" فأرجعت التحية قائلاً "أسعد الله مساءك" ثم عاد يرسم الخطوط بعكازه علي أديم الأرض، وبعد هنيهة وقد أعجبت بنغمة صوته خاطبته ثانية قائلاً:"هل أنت غريب في هذه المدينة؟" فأجاب "أنا غريب في هذه المدينة وأنا غريب في كل مدينة أخرى".قلت "أن الغريب في مثل هذه المواسم يتناسى ما في الغربة من الضيم والوحشة لما يجده في الناس من الأنس والانعطاف". فأجاب "أنا غريب في مثل هذه الأيام أكثر مني في غيرها".قال هذا ونظر إلي الفضاء الرمادي فاتسعت عيناه وارتعشت شفتاه كأنه رأى علي صفحة الفضاء رسوم وطن بعيد ..قلت "إن القوم في هذه المواسم يعطفون علي بعضهم البعض فالغني يذكر الفقير والقوى يرحم الضعيف".فأجاب "نعم وما رحمة الغني بالفقير سوى نوع من حب الذات وليس انعطاف القوى علي الضعيف إلا شكلاً من التفوق والافتخار".قلت "قد تكون مصيباً، ولكن ماذا يهم الفقير الضعيف ما يجول في باطن الغني القوى من الرغائب والأميال؟ إن الجائع المسكين يحلم بالخبز ولكنه لا يفكر بالكيفية التي يعجن بها الخبز".فأجاب "إن الموهوب لا يفتكر أما الواهب فيجب عليه أن يفتكر ويفتكر طويلاً". فأعجبت بكلامه وعدت أتأمل منظره الغريب وأثوابه القديمة وبعد سكينة نظرت إليه قائلاً "يلوح لي أنك في حاجة فهلا قبلت درهماً أو درهمين؟"فأجاب وقد ظهرت علي شفتيه ابتسامة محزنة "نعم أنا بحاجة ولكن إلي غير المال". قلت "وماذا تحتاج؟"فقال "أنا بحاجة إلي مأوى ..أنا بحاجة إلي مكان أسند إليه رأسي"قلت "خذ مني درهمين واذهب إلي النزل وأستأجر غرفة". فأجاب "قد ذهبت إلي كل نزل في هذه المدينة فلم أجد لي مأوى، وطرقت كل باب فلم أري لي صديقاً، ودخلت كل مطعم فلم أعط خبزاً".فقلت في نفسي: ما أغربه فتي يتكلم تارة كالفيلسوف وطوراً كالمجنون.ولكن لم أهمس لفظة "مجنون" في أذن روحي حتى حدق بي شاخصاً ورفع صوته عن ذي قبل وقال "نعم أنا مجنون ومن كان مثلي يرى نفسه غريباً بلا مأوى وجائعاً بلا طعام".قلت مستدركاً مستغفراً "سامح ظنوني فأنا لا أعرف من أنت وقد استغربت كلامك، فهلا قبلت دعوتي وذهبت معي لتصرف الليلة في منزلي؟"فأجاب "قد طرقت بابك ألف مرة ولم يُفتح لي".قلت وقد تحققت جنونه "تعال الآن وأصرف الليلة في منزلي؟"فرفع رأسه وقال "لو عرفت من أنا لما دعوتني؟". فقلت "ومن أنت؟".قال وفي صوته هدير مياه غزيرة "أنا الثورة التي تقيم ما أقعدته الأمم. أنا العاصفة التي تقتلع الأنصاب التي أنبتتها الأجيال. أنا الذي جاء ليلقي في الأرض سيفاً لا سلاماً".ووقف منتصباً وتعالت قامته وسطع وجهه وبسط ذراعيه فظهر أثر المسامير في كفيه: فارتميت راكعاً أمامه وصرخت قائلاً "يا يسوع الناصري ..."وسمعته يقول إذ ذاك "العالم يعَيد لأسمي وللتقاليد التي حاكتها الأيام حول أسمي. أما أنا فغريب أطوف تائهاً في مغارب الأرض ومشارقها وليس بين الشعوب من يعرف حقيقتي".للثعالب أو جرة ولطيور السماء أوكار وليس لابن الإنسان أن يسند رأسه. ورفعت رأسي إذ ذاك ونظرت فلم أرى أمامي سوى عمود من البخور ولم أسمع سوى صوت الليل آتياً من أعماق الأبدية. "
19 " الناس عبيد الحياة، "
20 " الحياة والحب والجمال ثلاثة أقانيم في ذات واحدة مستقلة، مطلقة لا تقبل التغير ولا الانفصال. الحياة بغير الحرية كجسم بغير روح. والحرية بغير الفكر كالروح المشوشة.. الحياة والحرية والفكر ثلاثة أقانيم في ذات واحدة مستقلة، مطلقة لا تقبل التغير ولا الانفصال. الحب وما يولده. والتمرد وما يوجده. والحرية وما تنميه ثلاثة مظاهر من مظاهر الله. والله ضمير العالم العاقل. "