Home > Work > حادثة شرف
1 " لقد وقفت مشدوها يا صديقي، وكأني أرى هذا المزيج الهلامي المعلق بين الأرض و السماء كأني أرى الإرادة المجتمعة ، كأني أرى كل ما لدى الناس من حب وقد ضمته صرخة واحدة. كأن تلك الأجساد الخشنة الملوثة بالطين والتراب تفرز مادة أكثر سمواً من الحياة ، خلاصة الحياة، جماع كل ما هو قادر فيها وقاهر ، وجماع كل ما لا يمكن مقاومته ، القوة العليا الخارقة ، سر الحياة . "
― Yusuf Idris , حادثة شرف
2 " وأدركت أن ما تحت الضريح ليس هو المهم، المهمهو الأجساد الخشنة الغليظة الملتفة حول الضريح، المهم هو النداء الواحد الصادر عن عشرات الآلاف من الأفواه الواسعة الجائعة. المهم هو الوجه الآخر للوحش الخرافي الذي خلع قلوب جنودنا بضربة واحدة من يده، المهم هو ما تفرزه هذه الجموع ويتصاعد منها ويتجمع ويتداخل ويتبلور و يختلط بأضواء المشاعل وأنوار الشوارع وقرعات الدفوف واهتزازات الأجسام. "
3 " وقلت لها مرة: لم لا تفكرين في هدف لحياتك ؟؟؟فقالت: كيف أفعل، وهدفي في الحياة أن أحيا بلا تفكير؟ "
4 " وأحيانا يبدو الشخص المُتعِب جذاباً من بعيد "
5 " قد تجد ما تفكر فيه فيما لا تفكر فيه,وقد تجد مالا تفكر فيه فيما تفكر فيه "
6 " ولكن شيئا مما انتظرناه لم يحدث . لا دق الباب ولا سمعنا صوتا، وأفظع ما فى الأمر أننا كنا متأكدين ان الباب لن يدق واننا لن نسمع اصواتا . والمصباح يكاد نوره يختنق وغازه يفرغ ، وظلالنا تبهت على الجدران وتتداعى ، وإحساس غريب بدأت احس به و ادرك أننى كنت أعانيه ولا أشعر ، إحساس اكاد اتذوقه بطرف لسانى واحس بقبضته حول صدرى ، إحساس بأننى حزين .. حزين "
7 " ما فائدة البنادق و الرصاص ؟ ألكي تخضع هؤلاء الناس بقتل بعضهم ؟ و ما فائدة القتل في قوم يحبون قتلاهم و موتاهم ؟ في قوم يخلقون من الميت الواحد مئات الأحياء و يخلقون لكل حي بعد هذا الاف الأولاد .؟ "
8 " هناك طريقه مشهوره لجعل السلحفاه تتحرك بأستمرار,وذلك ان نربط على ظهرها عصا طويله نضع في نهايتها طعاما تراه السلحفاه فتتحرك للوصول اليه ...وبالطبع لا تصله ابدا ...ولهذا تستمر في التحرك .نحن مثل هذه السلحفاه لابد لكي نتحرك ان يكون ثمة امل في متناول ابصارنا نحاول الوصول إليه .ولكننا أحيانا لا نرى الأمل تخفيه عنا أحداث الحياه فنتوقف ,لا يائسين ولكن لكي نبحث عن الامل .ولابد للبحث عن الامل أن يكون لدينا ((امل)) قوي في العثور عليه .فترات البحث عن الامل هي ما يسميها الناس يأس .ويغالون ويضعون اليأس كشئ رأسه برأسه الامل سواء بسواء مع أن الحياه كما نرى أمل متصل ,وحركتنا مستمره إما لتحقيق أمل ...او للعثور عليه.بل فترات البحث عن الامل ((التي يسميها الناس يأس ))فترات يكون فيها الانسان أشد تفاؤلا وأكثر حركة من المؤمل .والباحث عن الأمل او اليأس كما يقولون أشد حرصا على الأمل ممن عنده امل ..والذي لا يملك القرش أكثر حرصا عليه ممن ملكه.بل ان المؤمل قد يضيع منه الامل,وأما الباحث عن الامل فأنه لا يفقد الامل ابدا في العثور على الأمل.اليأس أشد تفاؤلا من المؤمل...ولو كان اقل تفاؤلا لمات في الحال او لأنتحر "
9 " عيونها كانت سوداء غامقة السواد، ذلك السواد اللامع الذى لا تراه إلا مشعا ومضيئا ودائم الحركة لا يستقر. العيون التى لا تتحمل أن تنظر إليها أو تنظر إليك لحظة.وحتى إذا قلنا إن شعرها كان أسود ناعم، وثوبها الحبر الواسع الذى ترتديه لا يفلح فى إخفاء بروز صدرها ونحول وسطها وامتلاء ساقيها، حتى إذا قلنا هذا قتلنا فاطمة قتلا. فـ آخر ماكان مهما فيها هو جسدها. أهم من هذا كله كانت أنوثتها أنوثة حية نابضة دائمة التفجر والتدفق، أنوثة لا تدرى من أين تنبع وأين تكمن. ابتسامتها ابتسامة أنثى، لفتتها لفتة أنثى، الطريقة التى تخبط بها على كتف زميلتها، غمازاتيها حين تظهران فجأة وتحددان أجمل ابتسامة يفتر عنها ثغر، ضحكتها وكيف تبدأ، ثم بقاياها حين تنتهى، صوتها المصنوع من أنثوية سائلة. "
10 " أحيانا يكون من الصعب بل المستحيل أن نفكر في اشياء تعودنا ألا نفكر فيها وتعودنا أن نأخذها كما هي, وأن يبدأ الواحد في مراجعة إيمانه بالقضايا المسلّم بها مسألة صعبة, بل تكاد تكون مستحيلة. "
11 " الحيوية المتدفقة التى كانت تبرق فى عينيها وخدودها ولفتاتها كأنها نضبت فجأة ولم يبق لها أثر وتحولت إلى حيوان بليد كخروف الضحية لا تبتسم وتكاد لا تتحرك ، وكانت إذا تحدثت خرج حديثها ذليلا، فقد كبرياءه وحلاوته والأنوثة التى تقطر منه "
12 " إذا كان عقاب أهل المولود إذا هربوه إلي الدنيا بلا تصريح أو شهادة ميلاد هو الغرامة جنيه ،فعقاب أهل المتوفى إذا هربوه من الدنيا ودفنوه بلا تصريح هو الحبس والسجن .وإذا كانت الحكومة لا يهمها كيف يعيش الانسان طالما هو حي فهي توليه العناية القصوى إذا مات ،والقانون لا يسأل ابدا كيف عاش ولكنه يصرخ بأعلى صوته :كيف مات "
13 " كلما حاولنا إفهامهم أننا أنقذناهم من ظلم الأتراك نظروا إلينا طويلا وكادت نظراتهم تقول: جئتم لتنقذونا من المماليك, وجاء المماليك لإنقاذنا من الأتراك, وجاء الأتراك لإنقاذنا من التتر, وجاء التتر لإنقاذنا من الخليفة وجاء الخليفة لإنقاذنا من البطالسة, وجاء البطالسة لإنقاذنا من الإغريق.. لماذا تخصوننا بشهامتكم أيها السادة؟! "
14 " ماذا كان حامد هذا قد فعل ليتجمعوا حوله بتلك الطريقه المذهله ؟وهل لأنه قتل فرنسيا انتقاما لمصرع زميله الفلاح يرفعونه الى درجة كبيره من التقديس !!أم لأنه تحرك في وقت كانت الناس في حاجه لأن ترى فيه واحدا يتحرك كي تنطلق من عقالها وتندفع في كل أتجاه ؟ "
15 " هناك نوع من الكبر يمسخ الكائن الحي ويحيله إلى هيكل هش مرتجف. هذا الوجه الإنساني المتناسق التقاطيع المرتب القسمات يستحيل إلى زبيبة.. مجرد زبيبة جافة مكرمشة لا يمكن أن تقول أبداً إنها كانت حبة عنب حمراء مملوءة بالدم والحياة في يوم من الأيام "