Home > Work > عاشوا في حياتي

عاشوا في حياتي QUOTES

15 " سؤال: هل تعرف فلانا؟ جواب: لم أعرفه.. لأنني قريب جدا منه!

سؤال: هل تعرف فلانا؟ جواب: لا أعرفه.. فأين أنا وأين هو؟.. إنه بعيد جدا حتى لا أكاد أراه!

ومن الصعب أن تعرف إنسانا جيدا إذا كنت تحبه.. فأنت تراه ولا تراه.. وإذا كنت تكرهه أيضا.. فأنت لا تحب أن تراه.. فكيف تعرفه وأنت لا تراه.. وأنت قد أسقطته من عينيك.. أو أغمدت في قلبه رموشك..

فالذي يحب كالذي يكره: لا يرى بوضوح!

ولكن لا بد أن تحب ولا بد أن تكره.. ولذلك فأنت لا تعرف الناس جيدا.. وإنما تعرفهم بالتقريب.. أو تعرفهم بعض الوقت.. وتحبهم بعض الحب وبعض الكره.. فأنت تعرفهم إلا قليلا!

والقرد في عين أمه غزال.. إذا أحبته! وفي عينيها قرد.. إذا كرهته!

ولكل إنسان عدة صور صورتك كما ترى نفسك.. وصورتك كما تحب أن ترى نفسك.. وصورتك كما يراها الناس..

فإن كنت أديبا أو فنانا فأنت تساوي ما تقدمه للناس.. فأنت تساوي كتبك أو لوحاتك أو موسيقاك..

ولا توجد وسيلة أخرى لكي يعرفك الناس غير هذا الذي أبدعته أو عجزت عن إبداعه!

ولكنك لست في كل الأحوال قادرا على الإبداع.. فأنت تتعب وأنت تضيق.. وأنت تحب وأنت تمل.. وأنت على أعصابك كاتبا وقارئا.. ولذلك فليست لك صورة واضحة لا عن نفسك ولا عن الناس..

وإذا أنت نظرت في المرايا.. فهناك مرآة تجعلك صغيرا وأخرى تجعلك كبيرا.. وثالثة تجعلك مقعرا.. ورابعة تجعلك محدبا.. وخامسة تجعلك أصفر اللون.. أبيض.. أحمر!

وآراء الناس مثل هذه المرايا.. فأنت متعدد الألوان والأحجام والأوزان والأهمية والقيمة والأثر عند الناس!

وإذا سألت الناس فأنت مثل الذي يسأل جميع المرايا! فماذا لو نطقت جميع المرايا معا؟!

سوف تسمع ضجيجا من النظريات.. وضوضاء من العواطف.. وترى تلوثا من الأمزجة.. وكلها هي أنت في عيون وآذان وأنوف وعقول وقلوب الآخرين!

وأنت لك وجهة وأنا أيضا.. وأنت على حق.. وأنا أيضا.. والذي يعجبني فيك هو الذي أحبه لنفسي.. والذي لا يعجبني فيك هو الذي لا أحبه لنفسي.. والذي أقبله بالعقل أرفضه بالقلب.. والذي أستريح إليه وجدانيا أنفر منه عقليا!
ص 7 "

أنيس منصور , عاشوا في حياتي

18 " وقد يكون الكاتب الذي تقرأ له جميل العبارة عميق النظرة مسايرا للعصر يلقي الضوء في كل مكان.. ولكنه لا يثيرك.. فقد يكون قد جاء في الزحام.. أو يكون قد جاء في الوقت غير المناسب..
فعندما كنت مشغولا بالأستاذ العقاد.. لم أكن أقرأ لسواه.. لدرجة أنني لم أعرف أن هناك أدباء آخرين غيره في مصر... ولما قرأت مقالا لطه حسين بعد سنوات من متابعتي للعقاد أدهشني أن هناك أدباء آخرين!.
ولكن طه حسين جاء في غير أوانه... جاء بعد أن امتلأ عقلي بالعقاد... فلم أجد له مكانا.. ولم أقفل عقلي دونه... وإنما أجلسته علي بابي سنة.. وعشر سنوات!.
وأحزنني أنني لم أعرف طه حسين والحكيم والمازني والرافعي وزكي مبارك إلا بعد ذلك بوقت طويل, تماما كما تتوافر كل الظروف المناسبة لنمو بذرة من البذور: الأرض والماء والهواء والشمس... وسلامة البذرة.. ولكنك ألقيتها في غير أوانها
ويوم قرأت رواية «الحب والدسيسة» للشاعر الألماني شيلر لم أكن أعرف أن هناك قصصا وروايات مصرية أو عربية!

ويوم عرفت الأديب الإيطالي ألبرتو مورافيا وقابلته وصادقته وقدمته إلى اللغة العربية لم أكن أعرف نجيب محفوظ ولا قرأت له!
ص9 "

أنيس منصور , عاشوا في حياتي