Home > Work > الدعابة في المجتمع المصري
1 " إن اسمي لا يكاد يذكر إلا ويذكر معه ((قنديل أم هاشم)) كأني لم أكتب غيرها.. وكنت أحياناً أضيق بذلك، ولكن كثيرين حدثوني عنها واعترفوا بعمق تأثيرها في نفوسهم.. منهم أديب يمني قال لي: لقد أحسست أنك تصفني حين أعود من القاهرة إلى اليمن.. وقال لي بائع كتب قديمة: مش القصة اللي فيها واد بياكل بفتيك في أوربا وأهله بياكلوا طعمية في مصر!! "
― يحيى حقي , الدعابة في المجتمع المصري
2 " عن السخرية يقول يحيى حقي: هناكنوعان من السخرية.. السخرية التي أضعها في مرتبةالفكاهة شيء، بينما السحرية التي يلجأ أليها بعض الكتاب وفيها امتهان للآخرين أكرهها لأنها بذيئة ودنيئة.. "
3 " ولا ولوج إلى ساحة السعادة -- في اعتقادي -- إلا من أحد أبواب ثلاثة: الإيمان والفن والحب، لا يشع بها مثل هذا الخشوع الذي أراه في المعابد. وإذا كان الحب هو أكثرها التصاقاً بالصلصال والحمأ المسنون، وبالزمان والمكان والصدف، فإنه شرط ارتفاع الإنسان عن مرتبة الحيوان، وكان الإيمان أكثرها طموحاً لأنه يطلب الله لا الناس، الخلود في الآخرة لا العبور في الدنيا، فسيبقى الفن وسطاً جامعاً للطرفين، يا لها من منزلة! "
4 " ومفهوم الحتمية -- حتمية اللفظ -- هو أن يُختار كل لفظ بدقة ليؤدي معنى معيناً، بحيث لا يمكنك أن تحذفه أو تضيف إليه لفظاً آخر أو تكتب لفظاً بدلاً من آخر.. ولذلك قد أكتب الجملة الواحدة ثلاثين أو أربعين مرة حتى أصل إلى اللفظ المناسب الذي يتطلبه المعنى.. "
5 " ولكن فرق بين هذا الهزل الشامل الرخيص والدعابة الرقيقة التي تكمن في الشعب المصري، وتكسب أفراده طلاقة الوجه وطيبة النفس، والصبر على المكاره، والتي خليق بنا أن نفاخر بها ونجعلها علماً على مصر والمصريين وعنواناً لحيوية هذا الشعب واجتيازه بفضلها غمار النكبات المتوالية، وأن نعني بأمرها ونتعهدها وننقيها من شوائب الهزل المنحط الذي يحيط بها الآن من كل جانب. "
6 " وفوق ذلك فهذه المحاولة ترمي إلى الوصول للدعابة المصرية الخالصة، فمن التناقض إذن الاعتماد على أحاديث هذه الاجتماعات؛ لأنها تتغذى مما تنشره مجلات فكاهية عديدة من قصص تتبعثر في أرجائها أسماء مصرية إن هي إلا أمثلة للروح الغربية، وستنتهي حتماً بإفساد ذوقنا وجعلنا عالة على أوربا.. حتى في فكاهتنا! "
7 " كان من مميزات عصر عبد الرحمن كثرة الدجالين والنصابين الذين يعتمدون على جهل الشعب وغفلته، ولكن هذا الشعب كان دائماً إذا انكشف خداعهم ينقلب ضدهم ويشيعهم بدعابته وسخريته.. ويصبحون حديث مجالسه ومثار فكاهته. "
8 " إن الأغلبية الكبرى في أحاديث هذا العصر كانت مكشوفة لا يمكن أن ينقلها للناس كاتب. ولكن هل يدل هذا على أننا تخلصنا من هذا الفحش؟ هل تفيد استحالة نقل الألفاظ كتابة أنها ليست موجودة فعلاً في مجتمعاتنا وأحاديثنا؟بل أكثر من ذلك: مهذه الألفاظ كانت مقبولة كتابة إلى عهد قريب جداً، إلى زمن علي مبارك باشا، فقد نقل الشيء الكثير من تاريخ عبد الرحمن بما فيه من الألفاظ الجارحة إلى الخطط التوفيقية دون أن يعتذر بكلمة واحدة.لشد ما نحن في حاجة إلى التخلص من ربقة هذا الذوق الفاسد الذي كان شائعاً في عصر عبد الرحمن، ولا يزال إلى الآن متحكماً فينا، وننقي أحاديثنا من كل آثاره السخيفة. "